22 مارس 2024

عبد الحميد جماهري يرثي الزميل يوسف هناني : يوسف أيها الصديق

عبد الحميد جماهري يرثي الزميل يوسف هناني : يوسف أيها الصديق

يوسف،‭ ‬كان‭ ‬لهُ‭ ‬من‭ ‬اسمه‭ ‬النبويِّ‭ ‬نصيب‭: ‬صبره‭ ‬العالي،‭ ‬وهو‭ ‬يتوجع‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬بئر‭ ‬مرضه‭ ‬الشرس،‭ ‬والذي‭ ‬استنفده‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حرب‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‮…‬من‭ ‬فوارسها‭ ‬القدر‮.‬
يوسف‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬اسمه‭ ‬النبوي‭ ‬نصيب‮:‬‭ ‬صدقه،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬تتغير‭ ‬فيه‭ ‬الأقنعة،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬قناع‭ ‬المرضى‭ ‬‮..‬في‭ ‬بياض‭ ‬الأسِّرة‭ ‬البارد‭.‬
مثل‭ ‬جدول‭ ‬صغير،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬التحرير‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬عمل‮..‬يسير‭ ‬الهوينى،‭ ‬مثل‭ ‬عباد‭ ‬الله‭ ‬المؤمنين‭ ‬‮..‬
مثل‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬أيضا‭ ‬وهو‭ ‬ينضج‭ ‬على‭ ‬مهل‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬الإعلام‭ ‬وعلى‭ ‬مرجل‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭…‬
بهدوئه‭ ‬الصافي،‭ ‬كان‭ ‬يملك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬اللقطة‭ ‬إلى‭ ‬مفارقة‭ ‬عجيبة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الضحك‭ ‬الجماعي،‭ ‬ويكاد‭ ‬يعتذر‭ ‬وهو‭ ‬يبدع‭ ‬نكتة‭ ‬أو‭ ‬يجتهد‭ ‬في‭ ‬بلاغة‭ ‬ساخرة‭ ‬من‭ ‬أحدنا‭…‬
تثقلني‭ ‬الأسئلة‭: ‬ربما‭ ‬أصابه‭ ‬المرض‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نحضنه‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الأشعة‭ ‬العاطفية؟
ربما‭ ‬تسللت‭ ‬إليه‭ ‬الميتات‭ ‬المسجلة‭ ‬في‭ ‬قدره،‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬دوما‭ ‬رفقته‭…‬وربما‭ ‬هو‭ ‬إيقاع‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الغول،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬عادة‭ ‬بمرافقة‭ ‬الأحباء‭…‬
‭ ‬ما‭ ‬يواسيني‭ ‬يا‭ ‬يوسف،‭ ‬هم‭ ‬زملاؤك‭ ‬وأهلك‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مخزن‭ ‬النور،‭ ‬أصدقاؤه‭ ‬الذين‭ ‬أبانوا‭ ‬مشكورين‭ ‬عن‭ ‬علو‭ ‬روحي‭ ‬لا‭ ‬يساويه‭ ‬علو‭ ‬آخر‮..‬
واظبوا‭ ‬على‭ ‬المحبة‮..‬وثابروا‭ ‬على‭ ‬الأخوة‮..‬
ما‭ ‬يواسينا‭ ‬هو‭ ‬حكمة‭ ‬حياتك‭: ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لك‭ ‬قلب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الحب،‭ ‬اعتن‭ ‬به،‭ ‬فهذه‭ ‬حكمة‭ ‬من‭ ‬سار‭ ‬بقلبه‭ ‬عمرا‭ ‬قصيرا‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬آن‭ .‬
‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يحبك،‭ ‬فيه‭ ‬علة‭ ‬ما‮..‬‭ ‬
‭ ‬وفيه‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬تخصيب‭ ‬القلب
‭ ‬وعجز‭ ‬في‭ ‬تهوية‭ ‬الشرايين‭ ‬بهواء‭ ‬نظيف‮..‬
‭ ‬كان‭ ‬لما‭ ‬يغضب‭ ‬يحل‭ ‬المشكلة‭ ‬بابتسامة‭ ‬أو‭ ‬ببلاغة‭ ‬العائلة‭ :‬اعتبرني‭ ‬ابنك،‭ ‬اعتبرني‭ ‬مثل‭ ‬سهى‭ ‬مثل‭ ‬ميساء‮!‬
لو‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬تركت‭ ‬هذا‭ ‬الحزن‭ ‬لي‭ ‬لأفجره‭ ‬بعد‭ ‬عمر‭ ‬طويل،‭ ‬في‭ ‬غضب‭ ‬مهني‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬أبكيك،‭ ‬وحيدا‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الخامس،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أودع‭ ‬طائرا‭ ‬لا‭ ‬يحط‭ ‬على‭ ‬غصني‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬الوداع‮..‬
يوسف‭ ‬حكاية‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬لا‭ ‬تتعقد‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد،‭ ‬بل‭ ‬تتعمق‭ ‬وتتعتق‮..‬
رأيتك‭ ‬وأنت‭ ‬محاط‭ ‬بإخواتك‭ ‬وإخوانك‭ ‬في‭ ‬الجريدتين،‭ ‬الاتحاد‭ ‬،‭‬ليبراسيون،‭ ‬وإخوانك‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬بكل‭ ‬أقسامها‭ …‬
رأيتك‭ ‬وأنت‭ ‬تستخرج‭ ‬منا‭ ‬هذا‭ ‬النبع‭ ‬الزلال‭ ‬من‭ ‬المحبة‭.‬
أنت‭ ‬تشعرني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سعال‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬نأمة‭ ‬مرض‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬اااااه‭ ‬أننا‭ ‬عائلة‭ ‬‮..‬‭ ‬وذلك‭ ‬الحب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفرق‭ ‬حولك،‭ ‬أنت‭ ‬صاحبه‭ ‬لا‭ ‬قلوبنا‮..‬
ولا‭ ‬أكبادنا‭ ‬‮..‬
يوسف‭: ‬كدنا‭ ‬نتعب‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬الحزن‭ ‬إلى‭ ‬جنس‭ ‬صحفي‭ ‬يومي‮..‬
لكننا‭ ‬نؤمن‭ ‬بالله‭..‬
كدنا‭ ‬نتعب‭ ‬من‭ ‬سقوط‭ ‬الجنود‭ ‬‮..‬‭ ‬كدنا‭ ‬نتعب‭ ‬من‭ ‬مصادفات‭ ‬رهيبة‭ ‬تعلق‭ ‬بدمنا‭ ‬مثل‭ ‬الندم:كلما‭ ‬أخطأنا‭ ‬بالنأي‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭… ‬مات‭ ‬بعد‭ ‬قليل‮!‬‭ ‬

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *