19 مارس 2024

التيار المغربي الموري الذي يحمل شعار “المغرب أولا”

التيار المغربي الموري الذي يحمل شعار “المغرب أولا”

وفجأة ظهر التيار المغربي الموري وتنامى تأثيره ليصل فئات كبيرة من المغاربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي قام بغزوها بمجموعة أفكار فريدة.. فما هو هذا التيار؟ وما هي طبيعته؟ ومن خلفه؟ وكيف بدأت قصته؟.. 

إليكم التفاصيل وعلى لسان رواده ومن قلب التيار..

التيار المغربي الموري، هو مبادرة حرة تلقائية تُعنى بتعزيز الثقافة والتاريخ والهوية المغربية في نفوس الشباب المغربي، اذ يعتبر التيار أن المغرب هو أمة ذات حضارة متفردة وذات تميز واضح في ألسنتها وتاريخها ومنتوجاتها الثقافية. وهذا التيار يهم جميع المغاربة حصرا ودون استثناء؛

وقد ظهر بعد مخاض عسير في تناول مواضيع هامة من حجم التاريخ والثقافة والتراث المحلي، في شكل صفحة فايسبوكية رائدة تأسست عام 2018 إسمها :

Moorish History – التاريخ المغربي الموري

▪︎اذ أطلق روادها وأصحابها اسم “التيار المغربي الموري” على هذه النهضة التي ساهمت الصفحة في ولادتها ونشأتها على مستوى الفكر، وثمنوا هذه الصحوة بصفحة جديدة بالفايسبوك بتاريخ 10 فبراير من عام 2020 رفقة بيان تأطيري كان محل توافق المئات من النشطاء تحمل إسم “التيار المغربي الموري”، بهدف توحيد الصوت والصف ولإزالة الغموض ولفتح آفاق الحوار مع المتابعين ومختلف المتدخلين ولرسم خريطة طريق تدفع إلى المزيد من المكتسبات الثقافية لبلادنا.

هذه الصفحة “Moorish History – التّارِيخ المَغرِبي المُورِي” لم تكن صفحة عادية، بل محج أساتذة التاريخ والمهتمين والنخبة ذات الاهتمام المشترك، ولطالما علقت على مواضيعها العلمية المطروحة أسماء وازنة من علماء الآثار المغاربة، وأساتذة التاريخ وخبراء الثقافة، إضافة إلى فئة الفنانين وأغلبهم من التشكيليين الذين وجدوا الصفحة تدعمهم وتدعم جميع الأعمال التي تضع مواضيع الهوية المغربية والثقافة والتراث صلب اهتمام أعمالهم.

هذه الصفحة التي وراء بروز “التيار المغربي الموري” كتيار ثقافي نهضوي هوياتي وإصلاحي فكريا، هي أهم صفحة تاريخية ثقافية بالمغرب، اذ يتجاوز متابعوها ال 150 ألف متابع وبسرعة قياسية، اذ أن مواضيعها تحمل طابعا علميا محضا وتضع الأسماء المغربية من المفكرين وعلماء الآثار وعلماء التاريخ بمختلف تخصصاتهم على رأس القائمة كتعبير عن الإمتنان لهم لما أسدوه ويسدونه لبلادنا من أعمال وشهادات وبحوث تنتصر لكل ما هو محلي، فلا وجود لمادة معرفية علمية من دون مراجع ومصادر قوية تدعمها. حتى أنها قامت بالتحدث في مواضيع ظلت لفترة طويلة طي الكتمان، هذا ما جعلها مؤثرة وتحضى باهتمام الجميع، و هذا فعلا ما أكسبها الموضوعية، وما المواضيع التي تغزو وسائل التواصل الاجتماعي من فايسبوك وتويتر وانستغرام الا منبثقة منها وملهمة لها. حتى أنها ساهمت في ظهور وولادة صفحات جديدة كثيرة تشبه تخصصها وتعد بالمئات اليوم.

التيار المغربي الموري هو اتجاه ثقافي مهتم بتعزيز البعد الحضاري للمغرب، ويقول بصريح العبارة “المغرب أولا”، هو توجه متماسك من فئة من الشباب المغربي، يطمح عبر الآليات الإبداعية، الفنية، الثقافية، والتحسيسية، إلى إعادة الاعتبار إلى الهوية المغربية على أسسها الأمازيغية المحلية الصلبة، في خصوصياتها المحلية بعيدا عن أي أدلجة مستوردة من بلدان الجوار، بكونها أصيلة البناء والتشكل، مند آلاف السنين إلى الحاضر، والتعريف بنبوغها الراقي علما وأدبا وعِمارة وفنا وصناعة، واعتبار كل مساهمات الحضارات المغربية في التاريخ مصدرا لإغناء هويتنا المحلية وتعزيزها؛

يؤكد التيار على الوصف “الموري” للمغاربة من أجله ربطهم وتعزيز صلتهم بالحضارة المورية التي أسست التاريخ المغربي الحضاري مند المملكة الموريطنية المغربية التي نشأت على التراب المغربي الحالي مند قرون طويلة قبل الميلاد.، فهذا الربط ليس سوى تذكير بأن المغرب هو حضارة غنية وقوية في التاريخ السحيق بكل التعبيرات الراقية في الفن والفكر والعمارة وأنه من الإجحاف اختصار تاريخ المغرب في 12 قرنا فقط، اذ أن هذا التصور يفوت على المغاربة الاطلاع على فترات جد هامة من تاريخهم العريق والذي يساهم في تفسير الكثير من الظواهر الحضارية اليوم.

كما يُذكّر، بأن الشخصية الوطنية المغربية لا يمكن بنائها على أسسها الصلبة، من دون خطوات تسامح كبيرة مع هويتها المحلية، ولغة الأرض، الغير مستوردتين، وأن المغرب ليس بلد التعدد الثقافي، بل هو بلد الغنى الثقافي، والفرق بين العبارتين فرق قاتل، وذلك إنطلاقا من فلسفة تفكير مفادها أن تعزيز الروابط بين الانسان المغربي، وبين بيئته وثقافته المحلية من شأنها خلق المواطن الحق والفاعل والمساهم بإيجابية كبيرة في المسلسل الاصلاحي والورشات الكبرى التي تقودها البلاد.

وتتلخص رؤية هذا التيار الفتي في: الانطلاق من التاريخ المغربي الممتد من التاريخ الحضاري مند قيام مملكة موريطنيا إلى اليوم كخط زمني مستمر بكل حمولاته التي ساهمت في كل الحضارات المغربية المتعاقبة الى اليوم كمكسب قومي لكل المغاربة؛ والتعامل مع المادة التاريخية كمرجع معرفي يقوم على نقل المعرفة بشكل موضوعي ونزيه بالإضافة إلى الإستفادة من الدراسات العلمية وتوظيفها بحذر في كل ما يعيد الإعتبار للهوية المحلية للمغرب و لغته؛ بل والانطلاق من مرجعية قومية خالصة تقوم على الانتصار للقومية المغربية واستثمارها في التربية والإعلام ببلادنا؛

كما يشدد التيار على إيلاء الاعتبار للغة الأمازيغية والدارجة المغربية بإعتبارهما اللغات الأم المركزية بالإضافة إلى تفرعاتها المتعددة والغنية دون أي إقصاء لأي منها، والدفاع عن الإنجازات الحضارية و المكتسبات الثقافية ضد أي جهة تحاول تبخيسها او السطو عليها، أو ادعاء إمتلاكها؛ كما يرفض التيار أي إستغلال للخطاب التراثي او الاعتماد على الروايات المنحولة بأي طرح تاريخي حضاري هوياتي اذا كان يتعارضان مع العلم، لأن الهدف هو ‏توعية المغاربة من أضرار الإستيلاب الهوياتي ومخاطر الطمس التاريخي باعتماد منهجية علمية؛ إيمانا بأن مفتاح عودة هيبة المغرب المستحقة وسط الشعوب والأمم، هو تاريخه العظيم، بهويته الغنية المحلية، كما يعتبر التيار بالموازاة أن التاريخ المحلي الاسلامي واليهودي والمسيحي، أجزاء لا تتجزأ من التاريخ المغربي. بوصفها امتدادات حضارية تحمل بصمات محلية خالصة خاصة؛

ويَعتبر التيار أن المغرب غني بتنوعاته الثقافية والتاريخية المتولدة فيه ومنه، وأن التلاقح مع الثقافات الأخرى كان متبادلا وبناءً وإيجابيا، ولم يكن المغرب يوما محط استيلاب أو محطة تبعية لثقافة خارجية من أي نوع، إلا في فترات ضيقة وطارئة، لها أسبابها الموضوعية والذاتية بالنظر لطبيعة تبادل التأثير بالعلاقات بين الحضارات والأمم، وهذا ما يحاول التيار المغربي الموري غرسه في وجدان المغاربة، أي رفض كل أشكال التبعية كيفما كانت تبريراتها وسياقها الزمني؛ كما يهدف التيار المغربي الموري، إلى تقليد قيمة الأصالة والتميز الحضاري لبلادنا مكانتها في التعليم والإعلام والنشر الثقافي والفني ؛ويجد نفسه معنيا وبقوة بالدفاع عن بالهوية المغربية والإنسان المغربي ومنتوجاته الثقافية ومكتسباته الحضارية ووحدته الترابية.

التيار المغربي الموري حسب رواده، لا يدعي اي نوع من احتكار تعريف الهوية المغربية، إلا أنه يقدم وجهة نظر مبنية على مجموعة من الأسس، والدور هو توضيح هذه الأسس وتفسيرها، اذ يؤكدون بأن لا مساومة في رموزنا الوطنية التي تستمد قوتها من قوة التاريخ، وأن تقاليدنا وقيمنا المغربية تكسبنا التميز المستحق، وأن من حق الاجيال القادمة التعرف على هذه القيم والخصوصية المغربية كي تمررها للأجيال التي بعدها.

التيار المغربي الموري، ينظر بأن له الحق في الدفاع عن مساهمات المغاربة التاريخية في اللغة العربية وعلومها ومتعلقاتها، بل ويحاول أن يكون سدا منيعا ضد أي تبخيس لمساهامات المغاربة في هذه اللغة، وينظر إلى هذه المساهمات الوازنة كإرث تاريخي مغربي ينبغي التذكير به وحمايته من التهريب الحضاري، كما يعتبر اللغة الدارجة لغة أم، لفئة عريضة من المغاربة، ودعواه في تثمين اللغة الأمازيغية توازيها نفس الدعوة وبنفس القوة في ما يخص تثمين الدارجة المغربية، لأنها وبغض النظر عن ظروف نشأتها فإنها تبقى محلية التشكل، وختما هاما يطبع الكثير من التعبيرات المغربية الثقافية.

كما يعتبر أن أي سطو على تراث بلادنا ومنتوجاتها الثقافية سواء أكان ممنهجا أو إعتباطيا، خطا أحمرا، وأن الدفاع عنها هو صلب إهتمامه، ترافقها الدعوة إلى تثمينها والتعريف بها، وما فتىء يسرد مواد علمية محضة تنتصر لمحلية ومغربية الكثير من المواضيع التراثية التي كانت محل سرقة وسطو من طرف دول بعينها، يرافقها الكشف عن إدعاءات المدلسين تاريخيا وثقافيا من داخل المغرب وخارجه في ما يخص الوقائع التاريخية وتصحيح المغالطات؛

ويؤكد على أن المغرب له هوية حضارية علميا وثقافيا تسمى أمازيغية وهي حاضرة في لغة المتحدث المغربي وفي وعيه الجمعي… وأن “”النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية ( الخطاب الملكي السامي، أجدير، 2001)”” ويعتقد أنه في منطقته هو بؤرتها والأصل والباقي إمتداد، وأن الشعب المغربي هو شعب فريد ومتميز تاريخيا وحضاريا؟ وأنه من الخطأ قولبته أو وضعه بظل شعوب أخرى وإن تشاركنا معها الحدود الجغرافية. حتى أنه يرى بأن دق جرس الإنذار ضد الحروب الثقافية التي تستهدف الشعب المغربي مهما كان مصدرها؛ وبأن التنبيه ضد الإديولوجيات الممررة عبر الآليات الإعلامية والتواصلية التي تعمد إلى إستيلاب المغاربة ثقافيا او السطو على مخزونهم التاريخي، التراثي؛ واجب وطني. وبالموازاة فمن الهام تحفيز المغاربة نحو المصالحة مع الذات المغربية الحقيقية، وتشجيعهم على الاهتمام بتراثهم وتاريخهم وأصالتهم المحلية؛

 كما يؤكد رواد التيار على أمر بالغ الأهمية، ألا وهو أن التيار المغربي الموري هو تيار ثقافي حر، وليست له أي انتماءات حزبية أو خلفية سياسية أو دينية، اذ يعتبر أن وظيفته تقتصر على ضخ الوعي الجمعي المغربي بمجموعة من الأفكار الإيجابية التي قد تساهم في بناء الشخصية الوطنية لما فيه كل المصلحة لبلادنا ولمستقبلها، الأفكار التي من شأنها أن تكون ضمن المتدخلين فكريا، بالقرارات السياسية مستقبلا وفي أي اصلاح مؤسساتي.

التيار بالمجمل، ليس وليد لحظة عابرة بل هو مخاض ناتج عن تراكمات هادئة طويلة، وهو ليس متقوقعا على نفسه.. بل هو منفتح على كل الرؤى الإيجابية، وبما أنه تيار تصحيحي فهو يدرك تماما أن التصحيح الذاتي شرط الإستمرار، كما أن خلفه رواد يعتقدون بالحكمة والرزانة في بناء أي صرح فكري والذي يواكب الحكمة الرشيدة التي تقود البلاد في اتجاه التقدم والازدهار..

ومؤخرا أطلق رواد التيار رفقة أزيد من 40 صفحة فايسبوكية شعار “إنهضوا يا مغاربة Rise up Moroccans”، كشعار المرحلة بكل ما يحمل من قوة تاريخية وحمولة ثقافية غزيرة. إنه شعار نهضوي Renaissance. وهو دعوة لكل المغاربة لإعادة الاعتبار للشخصية الوطنية المغربية على أسسها المحلية الصلبة، وللتلاحم حول هذا المبدأ والروح التي تطبع المرحلة.

وحسب نشطاء التيار فهو شعار تثمين مكتسبات التيار المغربي الموري بالمشهد الفكري خلال السنوات الأخيرة، وشعار رفع التحدي عبر تسطير أهداف طموحة تنتصر أولا وأخيرا لبلادنا وتاريخها وتراثها وثقافتها الحضارية المحلية في جو تسود فيه الروح الجماعية، ولدعم التصالح مع هويتنا المحلية بمختلف تمثلاتها الغنية.

إبراهيم البريني Brahim EL Brini

( ناشط بالتيار المغربي الموري/ باحث بالتاريخ المغربي )

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *