19 مارس 2024

هل ستنقذ “بلازما” المتعافين من كورونا حياة باقي المصابين بالوباء؟

هل ستنقذ “بلازما” المتعافين من كورونا حياة باقي المصابين بالوباء؟

بدأت المستشفيات الأمريكية بعلاج المرضى المصابين بكوفيد-19 بـ”البلازما” التي تحتوي على مضادات حيوية تقوي مناعة المريض لأجل هزم فيروس كورونا في جسم الإنسان. وجاء ذلك بعد أن أعطت الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير الضوء الأخضر باستخدام هذا العلاج. وستبدأ فرنسا العمل به الأسبوع المقبل، فيما يُجهل حتى الآن مدى فعاليته في التصدي للوباء.

يسابق العلماء والأطباء الزمن للتوصل إلى دواء ولقاح مضاد لفيروس كورونا الذي يفتك بالعالم، إذ خلف حتى اليوم 53 ألف وفاة. وإذا كان تصنيع اللقاح يتطلب المزيد من الوقت قد تصل مدته على الأقل إلى عام حسب الخبراء، فأطباء العالم يحاولون اليوم إيجاد علاج في أسرع وقت يوقف نزيف الوفيات.

ولاح أمل جديد هذه المرة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعطت الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير الضوء الأخضر للمستشفيات لاستخدام “البلازما”، وهي جزء من الدم السائل تتركز فيه الأجسام المضادة بعد مرض ما، لعلاج المصابين بفيروس كورونا، خاصة منهم أولئك المصنفين في حالة خطرة. وقارب عدد الوفيات في هذا البلد ستة آلاف، كما تجاوز عدد الإصابات 245 ألفا.

وعلى هذا الأساس دعا مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك المرضى السابقين بكوفيد-19 إلى التبرع بالبلازما. ولا يمكن للمريض بالوباء أن يساهم في العملية، ومن شفي منه نهائيا عليه أن ينتظر 14 يوما قبل تبرعه، شرط أن يكون جسمه في الوقت نفسه خاليا من جميع الأمراض المعدية كاللإيدز (السيدا) وأمراض الكبد الخطرة.

وسارعت عائلات المرضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى الاستفسار حول طريقة التبرع. ويبدو أن الإقبال كان واسعا. فيما يشدد مسؤولو الصحة على الالتزام بشروط التبرع. وقالت الدكتورة جولي ليدجروود من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية: “لا نريد أخذ البلازما من شخص لديه استجابة مناعية متواضعة، إن ذلك لن يكون مفيدا”.

والعلاج بالبلازما ليس بالجديد بالنسبة للأطباء وثبتت فعاليته لدى المتعافين في دراسات على نطاق ضيق في السنوات الأخيرة ضد أمراض معدية أخرى مثل إيبولا وسارس. واستخدم لأول مرة في 1918 ضد وباء الإنفلونزا الإسبانية، وأيضا الحصبة والالتهاب الرئوي البكتيري والعديد من الإصابات الأخرى قبل ظهور الطب الحديث.

الدكتور يحيى مكي عبد المؤمن، الطبيب الاختصاصي في علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي في ليون الفرنسية، كان واحدا من الأطباء الذين لجؤوا للبلازما، إذ يقول في تصريح لفرانس24 إنه وصفه “لعلاج مصابين أطفال ورجال بفيروس ’بارفوفيروس باء19‘ وأعطى نتيجة إيجابية”. كما يقدم هذا العلاج، يشرح الدكتور الفرنسي الجزائري، “للمرضى الذين خضعوا لعملية زرع الأعضاء، خاصة الكلى، لأن هذا النوع من العمليات يضعف مناعتهم.

تحتوي البلازما على كمية مهمة من المضادات الحيوية القادرة على تقوية مناعة المريض في وجه خطر الفيروس. وهناك من هذه المضادات ما يعرف بـ”إي إي جي”، حسب شروحات الدكتور يحيى مكي لفرانس24، توجد في دم المصابين والمرضى الذين استطاعوا التغلب عليه.

وبالإضافة إلى “إي جي جي” التي تبقى في الدم لسنوات، يتوفر جسم الإنسان على مضادات حيوية أخرى تدعى “إي جي إم” لا يتجاوز بقاؤها في جسم الإنسان الستة أشهر. ويشير الدكتور مكي أن هذه المضادات الحيوية لها القدرة على التصدي للفيروسات التي تهاجم جسم الإنسان، إلا أنها “تتناقص لدى المسنين”، ما يفسر أن الأشخاص الطاعنين في السن يكونون أكثر عرضة للخطر إذا أصيبوا بكوفيد-19.

ويتوفر الجسم على ثلاثة أجهزة مناعية، يضيف محدثنا، تحميه من الطفيليات والبكتيريا والفيروسات. وهذه المناعة يمكن أن تتعرض للتدهور ليس فقط بسبب كبر السن فقط، وإنما أيضا بفعل الإصابة بأمراض مزمنة.

وعلى غرار الولايات المتحدة، انطلق العلاج بالبلازما في إيطاليا أيضا، فيما ستبدأ فرنسا العمل به الأسبوع المقبل. وكان الأطباء في الصين بدورهم قد وصفوه لمرضاهم. لكن لم يحسم الأطباء فيما إن كان هذا النوع من العلاج كافيا للقضاء على الفيروس، وتكون البشرية بذلك قد انتصرت على الوباء، الذي تشن عليه حربا منذ أسابيع.

“من الصعب علميا معرفة مدى نجاعة الدواء ضد المرض، حتى نجربه”، بحسب قول الدكتور ديفيد رايش، رئيس مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك، قبل أن يضيف في تصريح نقلته عنه وكالة “أسوشيتد برس”، أن “العلاج تم البدء به ونأمل أن العملية تكلل بالنجاح”، إلا أن التجارب الراهنة لن تؤدي إلى حلول سحرية على ما يؤكد بروس ساشياس المسؤول الطبي عن مركز التبرع بالدم في نيويورك المكلف بجمع عينات البلازما في أكبر مدينة أمريكية، ويوضح “علينا أن ندرك أننا نجهل كل شيء عن الموضوع”، وهو ما يشدد عليه الأخصائيان إلداد هود وستيفن سبيتالنيك اللذان يشرفان على التجارب في مستشفى إيرفينغ التابع لجامعة كولومبيا.

ويوضح الطبيب سبيتالنيك “نظن أنه بعد سبعة أيام إلى 14 يوما من بداية الإصابة يطور المصابون ردة فعل مناعية ويفرزون كميات كبيرة من الأجسام المضادة. لكن لا نعرف بالتحديد متى تبلغ عملية الإنتاج هذه ذروتها”. وتشير بعض البيانات إلى أن الذروة تحصل بعد 28 يوما من الإصابة، ويأمل في أن توفر أبحاثهما صورة أوضح. ويؤكد الطبيب هود أن كل تبرع بالبلازما “قد ينقذ حياة ثلاثة إلى أربعة أشخاص”.

وكالات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *