المحامي طبيح يرد على منتقديه ويكشف تفاصيل نيابته عن الدولة في ملف أحداث الحسيمة

خرج المحامي البارز عبد الكبير طبيح، بعد الجدل الذي رافق نيابته عن الدولة في ملف أحداث الحسيمة عن صمته ليقدم عددا من التوضيح عبر بلاغ صحافي ومن بين ما جاء فيه “تم تداول قضية نيابتي عن الدولة وعن رجال القوات العمومية في ملف الأحداث التي عرفتها مدينة الحسيمة وهو التداول الذي تأرجح ما بين من اعتبر الأمر عاديا ومن أعطاه من التأويلات التي خطرت بباله”.
وقال طبيح “ومع شكري للذين يفهمون مهمة المحامي والذين يتابعون التحولات السياسية و المؤسسية التي عرفتها بلادنا أخيرا، فإني أعلن عدم مؤاخذتي لمن أساء الظن ولا أحمل له أو لها أي نوع من الغضب أو غيره، بل أرجع كل ذلك إلى النقص في المعلومات التي سأحاول أن أغطيه قدر الإمكان بما يلي”.
وأضاف المحامي “ليست المرة الأولى التي أنوب فيها على الدولة، فلقد سبق أن دافعت عن الدولة في عهد حكومة التناوب عندما أقامت بعض الجرائد دعوى ضد الدولة، وسجلت نيابتي على الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي رئيس الوزراء باعتباره ممثلا للدولة”، “أنني مثلت الدولة في قلب البرلمان الأوروبي ورافعت أمام لجنة من أعضائه ببروكسل، ليس من أجل التشهير ببلادي، بل من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية لبلدي وكنت مرافقا بأطر كبيرة تعمل في صمت وفي تفاني حماية لهذا الوطن”.
وورد في توضيح طبيح “أنني مثلت الدولة في إسبانيا من أجل فضح التضليل الذي مارسه بعض الصحافيين المناوئين للمغرب باستعمال صورة لعملية قتل لها علاقة بالحق العام ونسبوها للقوات العمومية المغربية في الأحداث التي عرفتها منطقة اكديم ازيك بالعيون”، “أنني مثلت الدولة في قضية اكديم ازيك إلى جانب عدد من زملائي الذين أبلوا البلاء الحسن دفاعا على قضيتهم الأولى، ومن اجل ضمان المحاكمة العادلة التي شهد بها يوم 19/10/2017 بباريس فريق المراقبين الدوليين الذي واكب تلك المحاكمة، وفقا لما تناقلته وسائل الإعلام أخيرا ووضع هؤلاء المراقبون الأجانب حدا للتشهير بالمغرب ودافعوا عن المغرب”.
وجاء في توضيح المحامي “أنني أمثل اليوم ولا زلت أمثل عددا من مؤسسات الدولة. مثلي مثل عدد من الزملاء الذين هم كذلك أعضاء في منظمات سياسية. لكن من هي الدولة التي أمثلها: إنها الدولة التي أسست و وفتحت ورش هيأة الإنصاف والمصالحة وقبلت بخلاصاتها واستجابت لمبدأ تعويض من تعرض للتعذيب في سنوات الجمر واعتبرت ذلك جزء من مسؤوليتها. إنها الدولة التي وضعت لهذا البلد السعيد دستورا تنازل فيه الملك عن تعيين رئيس الحكومة، وأسند ذلك لاختيار الشعب المغربي عن طريق التصويت المباشر على أعضاء مجلس النواب من قبل المواطنين لكي يتحمل كل مواطن مسؤولية اختباره في تدبير مصالحه اليومية و تدبير الشأن العام المتعلق بهم”.
وأضاف المحامي “إنها الدولة التي شرعت مدونة الأسرة التي نقلت المرأة من وضع شبه العبودية الذي كانت تنظم علاقتها مع زوجها , إلى وضع القواعد المبنية على مبدأ المساواة بينها وبين زوجها في أعقد القضايا, وهي الزواج عندما ألزمت من يريد الزواج أن يمر عبر المحكمة ومن يريد الطلاق أن يمر عبر المحكمة سواء تعلق الأمر بالرجل أو المرأة”، “إنها الدولة التي شرعت حق المرأة في إسناد جنسيتها لأبنائها من رجل اجنبي في سابقة بالنسبة لعدد كبير من الدول, و أزالت حالة القهر التي عرفتها عدة مغربيات تزوجن من أجانب”.
واستطرد طبيح “إنها الدولة التي أسست وشرعت استقلال السلطة القضائية وهو المطلب الذي رفعته الأحزاب الوطنية و جمعيات هيأت المحامين وكل الحقوقيين في أوج زمن الجمر، واختيرت لا تركيبة وتكوين فريدين, يجمع بين تمثيلية القاضيات و القضاة عن طريق الانتخاب وبين آلية تعيين فقهاء مشهود لهم بالعلم و النزاهة يدبرون السلطة القضائية بكل استقلالية وتحت مسؤوليتهم”، “إنها الدولة التي أسست وشرعت لاستقلالية النيابة العامة وهو مكسب لتعزيز استقلال القضاء. لا وجود له في عدد كبير من الدول”.
وزاد المحامي قائلا “إنها الدولة التي صادقت على الاتفاقية الدولية لتجريم و المعاقبة على فعل للتعذيب، وهي اتفاقية جد مكلفة سياسيا ويتهرب من التوقيع عليها عدد من الدول في جوار المغرب. بل إن الدولة قامت بإدخال تلك الاتفاقية حيز التنفيذ فعدلت قانونها الجنائي ونصت على معاقبة كل موظف يقوم بأي فعل للتعذيب كيف ما كان ضد أي مواطن”، “إنها الدولة التي رفعت طابع السرية عن ضباط الاستعلامات وضعتهم تحت ضوء الشرعية القانونية عندما أضفت عليهم صفة ضابط الشرطة القضائية ووضعتهم تبعا لذلك تحت مراقبة ومسائلة النيابة العامة”.
وأضاف “إنها الدولة التي يترأس فيها الاتحاد الاشتراكي المؤسسة الثالثة في الدولة وهي البرلمان في شخص الحبيب المالكي والذي يلعب اليوم دورا مهما في الدبلوماسية البرلمانية كما قام بذلك عبد الواحد الراضي من قبله”، إنها الدولة التي يشارك الاتحاد الاشتراكي في حكومتها بفضل إخوة اثبتوا حضورا قويا فيها، إنها الدولة التي يوجد الاتحاديون في برلمانها علما أن البرلمان مؤسسة من مؤسسات الدولة. إذا كانت هذه الدولة مدانة، كما قال مسؤول حزبي بمراكش، مع أنني لم أعرف من الذي يجب أن يدان هل النيابة على دولة يشارك فيها حزب الاتحاد الاشتراكي، أم إعطاء المسؤول المذكور تزكية حزب الاتحاد الاشتراكي لشخص رفضته جميع أحزاب مدينة مراكش”.
وقال المحامي “وإذا كان يجب أخد مسافة عن الدولة الحالية كما قالت مسؤولة حزبية أخرى لأنه يجب على الاتحادي أن يبتعد عن الدولة لأنه لا يليق باتحادي أن ينوب عليها أمام المحكمة حسب رأيها فلماذا لا تطالب المسؤولة المذكورة بان يخرج الحزب الاتحاد الاشتراكي من البرلمان وتأخذ هي المبادرة بتقديم استقالتها منه وتطالب بصفتها مسؤولة حزبية من وزراءنا بالاستقالة من الحكومة. و تأخذ هي المبادرة بتقديم استقالتها من البرلمان حتى تحقق المسافة مع الدولة التي تطالبني به. (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)”، “وكيف لمسؤولة بالمكتب السياسي أن تتخذ موقفا كبيرا بطريقة انفرادية وهو ما دفع بوسائل الاعلام ان يهتم بها وبما نشرته نظرا لكونها عضوة في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي , مما دفع البعض الى القول إن تواجد الحزب في الحكومة و في البرلمان هو نفاق اخلاقي و سياسي , لانه حسب رأي المسؤولة المذكورة الاتحاديون لا يجب ان يكونوا قريبين من هذه الدولة”.
وأشار طبيح إلى أن “موقف المسؤولة المذكورة يطرح على المكتب السياسي ان يحدد موقف حزب الاتحاد الاشتراكي من الدولة, حتى تتبين للجميع الموقع الذي يلزم أن يكون فيه. إن الدولة التي أنوب عنها هي التي ذكرتها في البداية , وليست تلك التي كانت في الزمن الغابر و زمن الجمر و الرصاص الذي قدم فيها أكثر من جيل تضحيات كبيرة.
إن الدولة التي انوب عنها هي التي ذكرتها أعلاه , و التي يجب علينا أخلاقيا و سياسيا أن ندافع عنها جميعا, وليست تلك التي كان الانتماء إلى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في السبعينات يمثل جريمة يعلم الله وحده عقوبتها و مكان سجنها. وهو الزمن الذي التحقت فيه بكل قناعة بالحزب أنا وثلة من الطلبة في بداية 1970. و لم أطلب ادنا ممن يتكلمون اليوم في سنة 2017”.
واستطرد المحامي “للذين يتكلمون عن ما سمي بالطمع في الاتعاب اقول لهم لقد تنازلت انا و الاستاذ جلال الطاهر على اتعاب بقيمة ستمائة مليون سنتيما في قضية كلفتنا بها احد روافد الحزب تدعيما للمعركة التي كان يقودها هذا الرافد لحزب الاتحاد الاشتراكي.
فهذه هي الدولة التي يجب ان ندافع عليها جميعا, و ليس تلك التي حاكمت نقابيا كبيرا في حجم نوبير الأموي فقط لأنه ادلى بتصريح صحفي تكلم فيه عن قضايا نقابية , و يتذكر جميع الزملاء و على رأسهم الاستاذ النقيب محمد الصديقي و الاستاذ خالد السفياني و الاستاذ جلال الطاهر و آخرون اعتذر عن عدم ذكر اسمائهم وهم بالمئات حضروا تلك المحاكمة , انني صعدت فوق الطاولة المخصصة للمحامين لكي ارافع و اطالب بعدم تطبيق الفصل 400 و عدم اعتقال الاخ نوبير الاموي في الجلسة . في ذلك الزمن كان فيه حتى الكلام صعبا. و ليس اليوم”.
وأضاف طبيح “وبدون التذكير بباقي المحاكمات السياسية الاخرى و منها محاكمات سنة 1981 و سنة 1984 و محاكمة سنة 1990 بفاس حيث تنقلت أنا و الاستاذ جلال الطاهر الى مدينة تلك المدينة ليلا. لنكون حاضرين في جلسة الصباح للدفاع عن ابناء فاس. وجل الزملاء بفاس يتذكرون تلك المعركة الشرسة التي خضتها أنا و الاستاذ جلال الطاهر و الاستاذ الدباغ مع رئيس الهيأة في قاعة يوجد بداخلها قوات العمومية بسلاحهم الناري الرشاش الواقفين في قلب القاعة. و كيف نازعت في اهليته الرئيس في ترأس المحاكمة و طالبت بأن يرفع يده على الملف. كل ذلك في زمن الدولة التي لم انب عليها بل كنت واحدا ممن قاوم الظلم الذي ارتكب في زمانها , و ليس دولة اليوم”.
وقال المحامي “إن عدم الاعتراف بالتحول الكبير التي عرفته بلادنا من طرفنا هو تخل و إنكار للعمل الكبير الذي قام به الجيل السابق الذي استحضر مصلحة الوطن اولا فانخرط في مصالحة مع الدولة نتجت عنها ملحمة العصر الحديث وهي ملحمة هيأة الانصاف والمصالحة , والذي لولا ما قام به أبناء ذلك الجيل لما فتح ورش الانتقال و ورش المصالحة بين الدولة و المجتمع على جميع المستويات, و خاصة على المستوى المؤسساتي و السياسي.هي ملحمة لأن دول مثل إسبانيا ولم تستطع أن تفتح ملف ماضي الحرب الأهلية. و مثل فرنسا التي لم تستطع فتح ملف فترة حكم القادة الفرنسيين اثناء الاحتلال الالماني. إن عدم الاعتراف بهذا التحول الكبير الذي عرفته بلادنا هو الذي يغذي و يقوي جيوب مقاومة الاصلاح و التغيير و يعطيهم الذريعة لتبرير ادعائهم بكون الانفتاح الذي عرفه المغرب منذ سنة 2000 كان خطأ و هو خطر على الدولة؟ إن عدم الاعتراف بهذا التحول يمكن جيوب مقاومة الاصلاح أن يجهزوا على المكتسبات المشار إليها أعلاه و على غيرها مما لم أذكره”.
وقال طبيح “لا تتركوا خصوم المغرب وخصوم القضية الوطنية التي هي قضية كل المغاربة و قضية مستقبل المغرب و هي أكبر من كل القضايا الاخرى, و لا تتركوا لهم الفرصة للترويج بأن المغرب لا تحترم فيه حقوق الإنسان و أنه بلد يمارس فيه التعذيب بطريقة ممنهجة. أن هذه الادعاءات تصب مباشرة في موقف خصوم المغرب و ادعاءاتهم قصد المس أولا وأخيرا بوحدتنا الترابية. و لا يهمهم هل المواطن المغربي يستفيد فعلا من تلك الحقوق ام لا. لان هدفهم هو اشهار ورقة حقوق الانسان ضد المغرب من اجل اضعافه في المحافل الدولية , و ذلك بمحاولة إقناع تلك الدول بأن الدولة المغربية لا تحترم حقوق الانسان لا في شمال المغرب فكيف تحترمه في جنوبه. و هي الدعاية التي بدأت تنتج اكلها كما يتبين من التقرير الاخير للاتحاد الاوروبي الذي صدر يوم 19/10/2017 و الذي اشار الى أن على المغرب ان يزيد من الاهتمام بقضايا حقوق الانسان. هذا لا يعني باي شكل من الاشكال التسامح مع اي خرق لحقوق الانسان يحدث في هذا البلد”.
وأضاف المحامي “وفي قضية ملف الاحداث المتعلقة بالحسيمة لا يمكن تصور وجود خصومة بين الدولة بمفهومها المشار اليه اعلاه و بين و مواطني اي مدينة من المدن المغربية و منها بطبيعة الحال مدينة الحسيمة. في ظل استقلال النيابة العامة كمكسب اضيف اخيرا للمكاسب الاخرى. يدخل في اختصاصها تدبير مساءلة المواطنين عن خرق القانون. لهذا ليس من حق البعض ان يحاول الترويج لوجود خصومة بين المتهمين في ملف احداث الحسيمة و بين الدولة. لانه في تقديري واعتقادي لا وجود لخصومة بين المتهمين و الدولة. لذا لا مجال للتسرع في اتخاذ بعض المواقف قبل التوفر على المعطيات الضرورية , و هو ما يعتبر خطأ يغتفر بطبيعة الحال. إلا بالنسبة لمن يريد ان يبقى سجين نواياه و يعيش حالة مثل حالة أهل الكهف الذين تغير العالم من حولهم , و هي اليوم حالة نفسية أدعو لهم بالشفاء منها”.