22 مارس 2024

السكر: ماذا يقع للدماغ عندما نتوقف عن تناوله؟

السكر: ماذا يقع للدماغ عندما نتوقف عن تناوله؟

من المعروف أن وجود مستويات عالية من السكريات في نظامك الغذائي يضر بصحتك، لكن الاستغناء عنها قد يكون أمرًا صعبًا أيضًا، لا سيما وأنه قد يؤدي إلى مجموعة من الأعراض غير السارة.

قد تشعر بالدهشة عندما تعلم أن استهلاك السكر (في المملكة المتحدة والدول المتقدمة الأخرى على الأقل) كان يتناقص باستمرار خلال العقد الماضي.

ويمكن أن يحدث هذا لعدد من الأسباب، مثل التحول في الأذواق وأنماط الحياة وزيادة شعبية الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، مثل الكيتو، خلال العقد الماضي.

وقد يكون إدراكنا بشكل أكبر لمخاطر تناول السكر الزائد على صحتنا هو الدافع الأساسي وراء هذا الانخفاض.

إن تقليل تناول السكر له فوائد صحية واضحة، بما في ذلك تقليل السعرات الحرارية، وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد في إنقاص الوزن وتحسين صحة الأسنان.

لكن في بعض الأحيان يقول الناس إنهم يتعرضون لآثار جانبية سلبية عندما يحاولون تناول كميات أقل من السكر، ومن بين هذه الأعراض الصداع أو التعب أو تغيرات المزاج، والتي عادة ما تكون مؤقتة.

ولا يزال سبب هذه الآثار الجانبية غير مفهوم بشكل جيد حتى الآن، لكن من المحتمل أن تكون هذه الأعراض مرتبطة بكيفية تفاعل الدماغ عند تعرضه للأطعمة السكرية، وما يسمى بيولوجيا “المكافأة”.

تأتي الكربوهيدرات في عدة أشكال – بما في ذلك السكريات، والتي يمكن أن توجد بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة، مثل الفركتوز في الفواكه واللاكتوز في الحليب. ويوجد سكر المائدة – المعروف باسم السكروز – في قصب السكر وبنجر السكر وشراب القيقب، بينما يعد الجلوكوز والفركتوز المكونين الرئيسيين للعسل.

ونظرًا لأن الإنتاج الضخم للطعام أصبح أمرًا معتادًا، يُضاف السكروز والسكريات الأخرى إلى الأطعمة لجعلها أكثر قبولا. وبالإضافة إلى تحسين مذاق الأطعمة، فإن للسكر تأثيرات بيولوجية عميقة في الدماغ. وهذه التأثيرات مهمة جدًا لدرجة أنها أدت إلى إثارة نقاش حول ما إذا كان من الممكن أن يكون المرء “مدمنًا” للسكر – على الرغم من أن هذا لا يزال قيد الدراسة.

سكر المائدة، أو السكروز، عبارة عن سكر ثنائي يتكون من جزيء الجلوكوز وجزيء الفركتوز المرتبطين معًا

ويُنشط السكروز مستقبلات الطعم الحلو في الفم، وهو ما يؤدي في النهاية إلى إطلاق مادة كيميائية تسمى الدوبامين في الدماغ. والدوبامين هو ناقل عصبي، بمعنى أنه مادة كيميائية تمرر الرسائل بين الأعصاب في الدماغ. وعندما نتعرض لمحفز مجزي، يستجيب الدماغ بإفراز الدوبامين، وهذا هو السبب في أنه غالبًا ما يطلق عليه اسم المادة الكيميائية “المكافأة”.

وتظهر الآثار المجزية أو المكافئة للدوبامين إلى حد كبير في جزء الدماغ المسؤول عن المتعة والمكافأة. وتتحكم المكافأة في سلوكنا – بمعنى أننا مدفوعون لتكرار السلوكيات التي تسبب إفراز الدوبامين. ويمكن أن يدفعنا الدوبامين إلى البحث عن الطعام، مثل الوجبات السريعة.

وأظهرت تجارب أُجريت على كل من الحيوانات والبشر أن السكر يلعب دورا كبيرا في تنشيط مسارات المكافأة هذه، فالسكريات الشديدة تفوق حتى الكوكايين من حيث المكافأة الداخلية التي تسببها.

كما أن السكر قادر على تنشيط مسارات المكافأة الموجودة في الدماغ، سواء نتيجة تذوقه في الفم أو حقنه في مجرى الدم، وفقا لبعض الدراسات التي أجريت على الفئران. ويعني هذا أن تأثير السكر مستقل عن المذاق الحلو.

وفي الفئران، هناك أدلة قوية تشير إلى أن استهلاك السكروز يمكن أن يغير الهياكل التي ينشطها الدوبامين في الدماغ، وكذلك تغيير المعالجة العاطفية وتعديل السلوك في كل من الحيوانات والبشر.

ومن الواضح أن السكر يمكن أن يكون له تأثير قوي علينا. لذلك من الطبيعي أن نرى آثارًا سلبية عندما نتناول كميات أقل من السكر أو نستبعده تمامًا من نظامنا الغذائي.

وخلال هذه المرحلة المبكرة من “انسحاب السكر”، تظهر بعض الأعراض النفسية والجسدية – بما في ذلك الاكتئاب والقلق وتشوش الدماغ، إلى جانب الصداع والتعب والدوخة.
ويعني هذا أن التخلي عن السكر قد يكون مزعجًا، عقليًا وجسديًا، وهو ما قد يجعل من الصعب على البعض الالتزام بتغيير النظام الغذائي.

وعلى الرغم من أن فكرة “إدمان السكر” قد تكون مثيرة للجدل، إلا أن الأدلة المستخلصة من التجارب التي أجريت على الفئران أظهرت أن السكر يسبب بعض الأعراض التي تسببها المواد الأخرى المسببة للإدمان.

وأظهرت أبحاث أخرى أجريت على الحيوانات أن تأثيرات إدمان السكر والانسحاب والانتكاس مماثلة لتلك التي تسببها المخدرات.

لكن معظم الأبحاث الموجودة في هذا المجال تدور حول الحيوانات، لذلك من الصعب حاليًا تحديد ما إذا كان الأمر نفسه ينطبق على البشر أم لا.

وظلت مسارات المكافأة في دماغ الإنسان دون تغيير بسبب التطور – ومن المحتمل أن العديد من الكائنات الحية الأخرى لديها مسارات مكافأة مماثلة في أدمغتها. ويعني هذا أن التأثيرات البيولوجية لسحب السكر التي تظهر على الحيوانات من المحتمل أن تحدث إلى حد ما في البشر أيضًا، لأن أدمغتنا لها مسارات مكافأة مماثلة.

ومن المرجح أن التغيير في التوازن الكيميائي للدماغ هو السبب وراء الأعراض التي يشتكي منها الأشخاص الذين يتوقفون عن تناول السكر أو يقللون نسبته في غذائهم.

وينظم الدوبامين أيضًا التحكم في الهرمونات والغثيان والقيء والقلق. وعند إزالة السكر من النظام الغذائي، فإن الانخفاض السريع في تأثيرات الدوبامين في الدماغ قد يتداخل مع الوظيفة الطبيعية للعديد من مسارات الدماغ المختلفة، وهو ما يفسر سبب إبلاغ الأشخاص عن هذه الأعراض.

وبالتالي، فإذا كنت ترغب في تقليل السكر من نظامك الغذائي على المدى الطويل، فإن القدرة على اجتياز الأسابيع القليلة الأولى الصعبة تكون مهمة للغاية.

ومن المهم أيضًا أن تدرك أن السكر ليس “سيئًا” في حد ذاته، لكن يجب تناوله باعتدال، جنبًا إلى جنب مع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *