“إمرأة عاشقة تتقن القنص والقتل”
عجيب أمر هذه الذاكرة. بحذر وروية تنهشك على مهل، تنطوي على كثير من الدناءة. تكتبك كيفما تشاء واينما تشاء، لا تعرف حميمة اللحظة وانت تخلو الى نفسك، او اثناء العصف الذي يطرحك ارضا بكل اريحية منه ويسلمك الى الحيف والقهر المتواصل في دوامة الذكرى، المهم انها تفعل فعلتها الشنيعة. حتى هيأة الأمم لا يمكن بأي حال من الأحوال ان توقف هذا الاجتياح الذي يعطب الروح ويستنزف نضارة الأيام وحلو دقائقها البسيطة. هذا اليوم يتعاطف مع ضجيج الذكريات وهي تعبر ازقة الفرح توقد شموع الازقة بعد انطفاء انارة الاعمدة التي ظلت شامخة تشهد على عبث القدر وتمترس المجتمع. أودع نفسي على الجانب الأيمن، اقرأ المعوذتين من هذا الطيف القادم، وكسيل جارف يحمل الحجر والشجر، الكلإ الشحيح والماعز الذي يسرح على الازير ووريقات الحناء، يتقدم عنوة الى حدود قلبي الكسير، أعزم على المفاوضات حتى يستمر برنامج يومي جميلا، لكن اظن انه لا مفر من تقبل الهزيمة في هذا الصباح. وتجاوزت لحظة الاجتياح بصبر مقاتل نافذ آلف رياح الجنوب الشرقي، فما بالك بمقاتلات العدو.
بيني وبينك قلبي، الخراب لم يعد يعمه ولا يهمني ايضا، هل حل به ام لا؟؟؟ الحرب بالوكالة لم تعد تعنيني على ارضه، واعمدة الدخان المتصاعدة منه تغري عدسة الكاميرا خاصتك وهي ترصد المشهد للعالم. كان قلبي معطوب حرب وكانت محفظة الاسعاف بعيدة على الجرح الذي شَرَعَتْهُ شظايا قنبلة موقوتة. إحتفلت بعيدي الاول على سواري العمارات التي خلفها الدمار، وفي كل زاوية من قلبي كانت كريات الدم تنشد لحنها لعلني استفيق من غيبوبتي. الان عيد!!! تتهربين من عيوني الباردة ويمسكك من جدائلك الصمت الذي يعم العالم، والقتل ايضا. كنت مثل قناصة تدربت في إيران او كوباني وتعمدت انا الموت مثل طفل عرف لعبة القدر القذرة فأراد ان يوقف رزنامة حياته.
اقررت الخوض في مضمار القمار خاصتك، وكنت انت كل الحياة؛ غير هذه الحياة التي نعيشها، و كون موازي للكون. يتسابق النفس الشحيح ويزداد نبض القلب. لاشيء يجعل من أوقات النهار الطويلة جميلة غير اعوجاج خصرك ونبرة صوتك، ولا يمكن لكائن ان يستظل من اشعة الحزن إلا تحت ظلك الوافر. تتأوهين بداية الحكي، امشي على عجل الخطى التي أحدثها الانبياء ثم أتقدم بإتجاه المحراب الجاثم في بؤبؤ عينيك دون ماسكارة. من يخط احداث الزمن السحيق غير اللهفة، ويشن الحاكم الكسيح حروبا طوال على القبيلة التي اخذت حبيبته غصبا، يستمر القصف على ظهر بلاطك وعلى غرار سوط نيتشه أعز قلبي وأنفثك اكثر من سيجارة أصحاب الحشيش.
تجاوزت نسائم الصبح، التقيتك في سراديب الصحراء القاحلة وأزهرت حوافي الرمال من حولي كما يشتهي المؤمنون في الجنة. يكتنفني هذا الصمت كقمر يغيب على أرض دون إعلان عيدها، وتستمر غطرسة التجارب التي توجع القلب وتعيد اجترار الذكرى.
سعد الشيخ.