مسارت تنموية سياق التأسيس وآفاق العمل
- محمد أبرباش
في سياق وطني يسعى فيه المغرب إلى تطوير بنية الدولة و المؤسسات الرسمية و الفضاءات المجتمعية بعد أحداث الربيع العربي و تداعياتها على المنطقة ،و بعد دستور 2011 و ما استدعاه من مبادئ حاكمة متعلقة أساسا بالحكامة و التدبير الديمقراطي التشاركي تبلورت أهم وثيقة مرجعية بعد دستور 11 و تمثلت في الإعلان عن تقرير النموذج التنموي الجديد الذي يعد دراسة نقدية لكل ما يتعلق بمناهج التدبير و التسيير في كل المجالات دون استثناء و جوهر ذلك كما جاء في الخطابات الملكية السامية الإنسان المغربي بكل ثقافاته و بهويته المميزة بالانتماء لعمق التاريخ و الانفتاح على الحداثة و مقتضيات التجديد و التطوير ،و ركز النموذج التنموي الجديد على تغيير العقليات لاكتساب الآليات الضرورية لتحقيق الطفرة التاريخية.
في هذا السياق الشديد الخصوصية أضحت برامج الدولة المغربية بكل مؤسساتها الرسمية و هيئاتها المننتخبة تستند على المحاور الكبرى لهذا النموذج التنموي الجديد تحت طائلة التعديل أو الرفض.
و معلوم أن مؤسسات المجتمع المدني معنية مباشرة بمواكبة تنزيل هذا النموذج في كل محاوره الثقافية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية بما يحقق التنمية الحقيقية بعيدا عن الخطابات الايديولوجية و القراءات المتسرعة.
فجاء تأسيس جمعية مسارات تنموية ملتقطا كل هذه الإشارات بعد نقاش عميق مع نخبة من الأطر و الكفاءات التي أعلنت ولاءها للوطن و خدمة المواطن ، و ذلك من خلال مشروع تنظيمي و اشعاعي طموح متمثلا في جامعات شتوية و ربيعية و صيفية تشتمل فعاليات متنوعة تستهدف كل فئات المجتمع و تولي أهمية كبير للصحة و التعليم و التربية.
و من بين أهم مبادئ التأسيس الاستقلالية الفعلية عن كل الجهات و الهيئات و ضمانة ذلك تنوع انتماءات أعضائها، و تشبتهم جميعا بهوية المنظمة الذي يفرض التجرد و الالتزام بقوانين الجمعية وفق الأهداف المسطرة و الاحتكام إلى القوانين الدخلية حصرا.
العمل الجاد و التخصص؛ لقد تنوعت تخصصات فريق العمل لتشمل كل المجالات الطبية و القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية حتى يكون التكامل و التعاون و تتحقق النتائج بجودة عالية، التدبير التشاركي؛ إن مواكبة تنزيل النموذج التنموي الجديد ليس بالعمل الهين ،و في غياب الامكانيات المادية و اللوجستكية سيكون العمل عبارة عن حسن نوايا و شعارات في الهواء، فكان التوجه هو بلورة شركات مع مختلف مؤسسات الدولة و الهيئات المنتخبة من خلال العمل على تنظيم دورات تدريبية و ندوات ثقافية و فعاليات مشتركة في كل محاور النموذج التنموي الجديد ابتداء من اقليم الخميسات و انفتاحا مستقبلا على باقي المناطق و أقاليم المملكة.
الحكامة و الشفافية؛ ان الطموح الكبير الذي يميز مشروع جمعية مسارات تنموية يقتضي لزوما تدبيرا شفافا لكل المقدرات وفق القوانين المعهودة ترسيخا للمؤسسة المواطنة ،و هذا المبدأ هو الفيصل و المحدد لافاق الجمعية ،و أي تهاون في التدقيق و المحاسبة سيعرض المشروع كله للاخفاف لا سمح الله.
و إجمالا فإن المشروع الذي تبنته جمعية مسارات تنموية يتفاعل مع اللحظة التاريخية بوعي و عقلانية و يطمح أن ينافس المنظمات الجمعوية الكبيرة على أرضية البرامج الناجعة التي تدقق في كل القضايا و تغنيها بالدرس و التحليل و أساسا قضية الصحراء المغربية و قضايا التنمية و الأمن و السلم من أجل وطن يتسع للجميع من خلال مداخل ثقافية و اقتصادية و اجتماعية حددتها بقصد و عناية التعليمات الملكية و الإرادة الحكومية فلنسع جميعا لحسن تنزيل هذه الأوراش الكبرى و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سبيل الرشاد.
- محمد أبرباش رئيس جمعية مسارات تنموية