محامي من خارج ملف بوعشرين يؤكد: الخبرة التقنية حسمت الجدل وإدانة بوعشرين مسألة وقت
محمد الشمسي
وأخيرا تم إنجاز الخبرة على فيديوهات ملف المتهم توفيق بوعشرين ، الخبرة التقنية المنجزة من أرقى مؤسسة متخصصة أكدت براءة الفيديوهات من كل تصرف أو تدخل أو حشو أو نقص ، وأنها أي الفيديوهات سليمة تقنيا سلامة النبي يوسف من باطل زوجة العزيز ، بمعنى أن المزاعم بكونها مفبركة ومدسوسة باتت صدى بلا رجع ، وحتى مع ظهور تقرير الخبرة وانتشاره على وسائل الاتصال والتواصل ، تفاجأ الرأي العام بقراءتين متناقضتين للتقرير، فأما دفاع الضحايا فاعتبر الخبرة جاءت لتحسم الأمر في سلامة الفيديوهات ، وبالتبعية فإن ما عاينته المحكمة هي مشاهد سليمة وغير محرفة ، وعليه تصبح إدانة المتهم مسألة وقت ليس إلا ، في حين يعود فريق دفاع المتهم ليعتبر الخبرة لم تحدد ما إذا كان المتهم هو نفسه من يظهر في تلك الفيديوهات السليمة تقنيا ، ويعتبر هؤلاء أن سلامة الفيديوهات لا تعني المتهم في شيء مادام المتهم عينه يؤكد أنه ليس الشخص البادي في تلك المشاهد
وطبعا يبقى لكل فريق الحق كل الحق في إبداء وجهة نظره ، والدفاع عن مصالحه ، لكن يبقى كذلك من حقنا نحن المتتبعون والمهتمون بمثل هذه النوازل أن ندلي بدولنا لعلنا نجد في الجب ماء نسقي به ظمأنا و ظمأ القراء الحائرين وسط تسارع الأحداث وتناقضها ، فوجبت الإشارة إلى أن من يصدر الحكم في نهاية الأمر هي هيئة المحكمة وليس الخبراء مهما بلغت درجة علمهم وتطور تقنياتهم ، فالخبراء هم مساعدو القضاء وهم ليسوا قضاة ، ولا يمكن أن يحل الخبراء محل القضاة ، حتى أنه يجوز لهيئة المحكمة أن تحكم بغير ما نصت عليه الخبرة ، وكل ما على القاضي استحضاره في حكمه هو التعليل المستند لروح القانون والعمل القضائي واقتناعه من خلال ما راج أمامه ، وما بين يديه من وثائق ليس إلا ، وعليه فإن الحكم التمهيدي بإجراء خبرة تقنية على الفيديوهات لم يشمل التحقق في ما إذا كان المتهم هو ذاته الشخص الذي يظهر في تلك الفيديوهات ، والسبب في اعتقادي المتواضع هو أن هيئة المحكمة اقتنعت بأن البادي في كل تلك الفيديوهات هو المتهم نفسه ، صحيح أن الجلسات كانت سرية ، وأن الأخبار الواردة من خلف تلك “السريات ” كانت متضاربة ، ولكن رغم كل ما قيل ويقال ، فإن المنطق والقانون والواقع ، لا يمكنهم أن يقبلوا مجتمعين أو منفردين وجود شك في هوية الشخص الذي تدور الفيديوهات حوله ، وإلا ما كان يمكن وضع بوعشرين رهن الاعتقال أولا ، ثم البحث عما إذا كان هو المعني بتلك الفيديوهات ثانيا ، وعليه فإن هيئة المحكمة بما منحها القانون من حرية في بسط سلطتها التقديرية ، وتكوين قناعتها الخاصة بها ، التي لا رقابة عليها فيها من طرف المحكمة الأعلى درجة منها بما في ذلك محكمة النقض نفسها ، تكون قد تأكدت من أن المتهم الذي مثل ويمثل أمامها هو ذاته الشخص الذي يظهر في الفيديوهات التي عاينتها وشاهدتها في جلسات العرض ، و لم تكن المحكمة في حاجة الى أن تأمر الخبراء بالتأكد من مدى التطابق بين هوية المتهم والشخص الذي يظهر في الفيديوهات ، لتفشل محاولات خلط تركيبة الملف ، وربطها برغبة في تصفية صحافي والانتقام من افتتاحياته على صدر جريدته ، ويبقى كل ذلك أضغاث أحلام ولغو في القول ، وأنه لا يصح إلا الصحيح ، بشهادة تقرير الخبرة ، ينضاف إلى أن عددا من الشاهدات والمصرحات أوضحن أنهن عاشرنه جنسيا فوق كنبته برضائهن ، بمعنى أن المعاشرة الجنسية فوق كنبة المدير هي أمر واقع وليس خيالا ، كما أن بعضا من تصريحات دفاع المتهم تحدثت من حين لآخر عن علاقات جنسية عادية و رضائية يمكن وصفها في أسوأ الحالات ـ بحسبهم ـ بجنحة الفساد المقرونة بالخيانة الزوجية ، كل ذلك يوضح أن اتصالات جنسية وقعت في قلب مكتب المتهم ، وأن المتهم هو بطل تلك المشاهد ، وأنه كان عليه ألا “يمسح السما بليكا” و”يطلع للجبل” ، لأنه باختياره ذاك أغلق على نفسه زاوية الصلح أو التنازل من الضحايا وبالتالي الطمع في المزيد من ظروف التخفيف ، خاصة وأن مساعيه إلى تدويل قضية حق عام وتحويلها إلى قضية سياسية مرتبطة بحرية التعبير والصحافة باءت بالفشل ، بعد أن غرفت المحامية الفرنسية ومعها المحامي الانجليزي مآت الملايين وعادا من حيث أتيا ، في ملف وجداه بعيدا على التدويل والتهويل .
وبهذه المعطيات ، أمكن وصف ملف بوعشرين بعد تقرير الخبرة ب”قضي الأمر الذي فيه تستفتيان “، فالمتهم يسير بخطى ثابتة نحو هاوية بلا قاع ، قد تكلفه ما يفوق عقدا من عمره خلف القضبان ، وقد تتجاوز العقوبة العقد لتصل إلى العقد والنصف وما يزيد ، وتصبح المقصلة جاهزة للإجهاز على المتهم مهنيا ، ونقول هذا بأسف وحزن عميقين ، لأننا سنفقد قلما جريئا قويا حارقا متحرشا بالطابوهات ، وسنفقد معه صحافيا عصاميا كبيرا ، نقش اسمه في سجل الصحافة المغربية “المستقلة” بماء الفخر ، واجه صعابا شتى وغلبها ، قبل أن يغلبه حب الشهوات الجارف من السناء ، الموثق بالصوت والصورة ليجرفه نحو المجهول.