2 نونبر 2024

لا أقول آمين…

لا أقول آمين…

عبد الجليل الشافعي كاتب مغربي شاب

أحيانا، وأحيانا كثيرة، لا اقول آمين وأنا أسمع إمام الجمعة يصيح مِلْءَ فيه، ويكاد يقطع حَبْلاَ صوته وهو يدعو على الكفار والملحدين والمشركين، وكل من هو غير مسلم، بل هناك من يضيف- بسبب قوة وفائض إيمانه- العلمانيين والشُّيُوعِيِّين، والشِّيعِيّين  .. ولولا معرفتي بأن من لغا فلا جمعة له، لوقفت في المسجد الذي لم يُبْنَ، لهذا الغرض، لم يُبْنَ للدعاء على الناس، وتمني الشر للإنسانية، وموت البشرية، كل البشرية، إن خالفت عقيدتك، بل طائفتك أو تيارك حتى.. وقلت له بهدوء، وربما بصراخ كصراخه.. يا أنت.. لمَ تدعُ عليهم عوض أن تدعُ لهم- بالهداية طبعا- لمَ تدعُ على رجل روسيي يسكن في صحراء سيبيريا، رفقة الدبب الثلجية ، أوحيّاً جميلا في موسكو، رجل أحب “الفوتكا” كما أُحِبُّ أنا وأنت الشاي، وسبب حبي له هو أني تركت حلمة أمي واستبدلتها بحلمة البراد منذ الصغر، في حين استبدلها هو بحلمة زجاجة خمر معتقة؟ لماذا ندعو ونُؤَمِّنُ على دعائنا على الكفار؟ ما ذنب شاب “بِرليني” أو “بَازِلِي، أو نيويوركي” ولد وتربى وترعرع على حب لحم الخنزير حتى احمرت وجنتاه.. ونقارنه بشاب مراكشي أدمن الطنجية أو خليجي يهوى لبن النوق أو مصري تُيِّمَ بالملوخية؟ ما ذنب هندوسي أو بوذي في “مومباي أو كشمير أو شاطئ”غوا” الهندي، فتح عينيه، فوجد والديه يسجدان للنار وجاره للبقر وخاله للحجر، وجده يعبد المهاتما غاندي.. ؟ ما جرم طفل علمه أبواه أن “كريشما” هو إله الحب والخير؟ وما خطيئة رضيع بُّولُونِيٍّ جاء إلى هذا العالم، فوجد نفسه صدفة في تل أبيب ودرس في مقرراته أن الفلسطيني اغتصب أرضه وأن جده سليمان يَرْقُدُ في تَرَى القدس؟ ما جريمة شابة من براغ علموها أن تخرج إلى الشارع (بالبيكيني)  وأن جسدها ملك لها تفعل به ما تشاء؟ وما خطيئة مراهقة باريسية ترى في كونها لا تزال عزباء أمرا تافها ورجعيا يحد من حريتها الجنسية، لأن تربيتها، مدرستها إعلامها.. علمها ذلك؟ ما جرم شاب يقطن في “ساوباولو”أو أثينا لا يعرف إلا ما عَرَّفوه إياه، ويعتبره صحيحا سليما، لا يقبل النقد ولا التَّقْويضَ؟ وما ذنب رجل أنبته القدر في الأمازون أوغابة “السفانا” ولم يجد مَا يقنعه ومن يقنعه بالله فاعتنق الإلحاد، أو عبد المطر والرعد وكل الظواهر التي تخيفه، أو تسعده، أَوَلسنا نعبد الله مهابة وطمعا، ونعتنق الدين، لأن التدين يطمئننا، وبالتالي يسعدنا؟ يا أيها الفقيه الذي يبدأ خطبته بقراءته للآيات الكريمات ” لكم دينكم ولي دين” سورة الكافرون و” لا إكراه في الدين” سورة البقرة و “خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” سورة الحجرات.لا لِيَدْعَوَ بعضكم على بعض بالهلاك والزوال، يا أيها الشيخ الذي يختم خطبته ب ” إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء” سورة القصص. و ” لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا” سورة يونس.

يا من يسمعون للفقيه ويرددون آمين بدون تفكير، وبطريقة آلية خالية من أي تدبر؟ ألا تعلمون الحديث (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) صحيح البخاري .

ألم يكن جديرا بالفقيه، وبنا، أن نسأل ونسائل أنفسنا: ماذا قدمنا نحن للإسلام؟ بل وهل نحن فعلا مسلمون؟ كيف هي أخلاقنا، عباداتنا، حياتنا… وماذا قدمنا و نقدم للعالم؟ وما ذنب إنسان لم يسمع بالإسلام قط، وحين سمع به، سمع أنه دين إرهاب وتقتيل وإغارة وَسَبْيِ وأن الإسلام هو إسلام داعش وطهران والرياض وطالبان ..؟ وأن محمدا كان شهوانيا وسلطويا وزير نساء.. لذلك فملوك العرب ورؤساؤهم يَتَسَنَّوْن بسنته..؟

ما ذنبهم إن لم يصلهم الإسلام؟ وإن كنا نحن سفراء للإسلام.. سفراء فاشلين، ونعاني الكبت والجهل والتفاهة، وتفكيرنا لا يَحِيدُ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ عن شهوتي البطن والفرج، لا يحيد؟

صدقني يا إمام، ويا مأمومين، لن أقول آمين، لأنهم ليسوا مذنبين.. وإن كانوا كذلك، فنحن وهم في الذنب شركاء. و لاعذر لنا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *