عائلات تعيش مع الحيوانات في فنادق مراكش
حسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي عاشتها مدينة مراكش، إذ كانت في عهد الموحدين فضاء للتجارة الموسمية، ومكانا لمبيت القوافل التجارية الصحراوية.
وكان جل سكان نواحي مدينة مراكش، والزوار المتحدرون من مدن الجنوب على الخصوص، يزورون أسبوعيا هذه الفنادق من أجل عرض منتوجاتهم وبيعها وشراء سلع أخرى، حتى أصبحت بعض الفنادق تحمل أسماء الأشخاص الوافدين عليها، مثل فندق “مولاي المختار” الموجود بحي الموقف، وفنادق أخرى تحمل اسم “أهل فاس” و”أهل الجنوب”. وكانت هذه الفنادق، وما زالت، تحظى باهتمام بعض المنظمات الإنسانية والعالمية، من خلال إعادة هيكلة وترميم بعضها، بالنظر إلى المكانة التاريخية، والتراث الإنساني، والهندسة المعمارية، التي تزخر بها، والتي شملتها الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي سبق له أن أشرف على تدشين فندق “الميزان” الخاص بالحرفيين والصناع التقليديين، بحي سيدي عبد العزيز، بعد إعادة ترميمه.
إن الزائر لعمق المدينة النابض، والجامع بين روح التاريخ والانفتاح على ثقافة العصر، من خلال تلاقح الأجناس والثقافات، وتحديدا فندق “مولاي المختار” بحي الموقف، يخيل إليه أنه يعيش في القرون الوسطى، حيث يعيش الإنسان إلى جانب الحيوان، حيث توجد مجموعة من الأسر، تعيش مع البهائم والأغنام، ويشترك أفرادها مع الحيوانات في كل ما يتعلق بحياتهم اليومية، حتى أصبحت رهينة بهم، رغم انعدام وسائل النظافة والوقاية من الأمراض، التي تنتج عن تراكم الأزبال والنفايات، التي تخلفها الحيوانات.
ما إن يقف الزائر أمام فندق “مولاي المحجوب”، المفتوح على بهو تغزوه الأتربة ونفايات الحيوانات، حتى يحس بمعاناة الأسر القاطنة بالفندق، والإهمال الذي ظل ملازما للمرفق، بسبب تهالك معظم مرافقه وجدرانه المتسخة والآيلة للسقوط، إذ تعمد بعض الأسر القاطنة في الطابق العلوي إلى نصب أعشاش بلاستيكية تحميها من شدة البرد.
يقول محمد الغيادي (60 سنة) أب لأربعة أبناء “أعيش بفندق مولاي المحجوب منذ 30 سنة، في غرفة لا تتعدى ثلاثة أمتار، رفقة زوجتي وأربعة أبناء، مقابل درهم واحد لكل يوم، أتمنى من المسؤولين الذين أحصونا عدة مرات أن ينظروا إلى حالنا”.
وذكر مصطفى الجاوي (50 سنة)، الذي كان مشغولا بجمع بعض أغراضه في الغرفة التي يقطنها، وهو يتحدث عن لجنة خاصة مكلفة بإحصاء الأسر القاطنة بالفندق، جاءت لتقديم الدعم للقاطنين “من نهار عقلت على راسي وأنا كنعيش في هاذ الفندق مع البهايم، هاذي 50 عام وأنا كنعيش في هاذ الفندق مع أمي وأختي”.
وللوصول إلى فندق “مولاي المحجوب” انطلاقا من جامع الفناء، أو من جل الأبواب التاريخية للمدينة، سواء عبر الحواري أو مختلف الدروب، على الزائر أن يقطع العديد من الأزقة الضيقة والملتوية، إذ بمجرد ولوجك لبهو الفندق، يثير انتباهك مجموعة من الحيوانات خاصة الأغنام، التي تنبعث رائحتها من باب الفندق بـ “سويقة الموقف”، ويستعين بعض المواطنين بخدمات الفندق لمبيت خراف العيد، وقال أحدهم إنه اقتنى الخروف خصيصا للعيد (المنصرم). وتتحدث بعض الأخبار أن بعض الأسر تعمد إلى إيداع الأغنام التي تقتنيها من السوق في الفندق، مقابل مبالغ مالية يقدمونها لصاحب الفندق.
ويتوفر فندق مولاي المحجوب على 15 غرفة، تتراوح مساحتها ما بين مترين وثلاث أمتار، ومرحاض واحد، يتناوب عليه قاطنو وزوار الفندق، وتعيش فيه حوالي 13 أسرة في ظروف مزرية، تنعدم فيها كل وسائل العيش الكريم، إضافة إلى التهميش وانعدام الضمان الصحي والاجتماعي، إذ أصبحت جل الغرف الموجودة بالطابق العلوي معرضة لخطر الانهيار في كل لحظة، ففي الوقت الذي ترتفع فيه أصوات المجتمع المدني للاهتمام بالوضعية الاجتماعية لهؤلاء المواطنين، الذين مازالوا قابعين في الفندق منذ أزيد من 40 سنة، يتساءل متتبعو الشأن المحلي عن الغاية من إقدام الجهات المختصة على إحصاء الأسر القاطنة بالفندق المذكور.
عن موقع المغربية