طفل يقطع البحر صوب إيطاليا لإنقاذ شقيقه المصاب بالسرطان
طوال أسبوع مضى، ظلت قصة الطفل أحمد فؤاد يوسف مرعي البالغ من العمر 13 عاما هي حديث المصريين.
الطفل الذي قدم أروع الأمثلة في الإيثار والتضحية وإنكار الذات من أجل شقيقه كان هو الحدث الأبرز على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات، سواء في إيطاليا أو مصر، حيث عرّض نفسه للموت غرقا وهاجر بطريقة غير شرعية لإيطاليا من أجل البحث عن دواء نادر لعلاج شقيقه الصغير فريد المريض بسرطان الدم قيل له إنه متوافر بإيطاليا.
الخارجية المصرية وفور علمها بالواقعة، كلفت سفارتها في إيطاليا بالبحث عن الطفل والتوصل إليه ومساعدته، فيما أصدر رئيس الوزراء الإيطالي توجيهات بنقل فريد شقيق الطفل في أسرع وقت ممكن إلى إيطاليا للعلاج، كما أعلن عمدة مقاطعة توسكاني استعداده لمعالجة الطفل المصري على نفقة المقاطعة.
السفارة الإيطالية في القاهرة وبالتعاون مع مكتب منظمة الهجرة الدولية، تواصلت مع أسرة الطفل فريد محمود، شقيق الطفل المهاجر، وعرضت عليها خيارين: الأول العلاج في مصر وفي المستشفى الذي تراه الأسرة مناسباً مع تحمل الجانب الإيطالي كافة النفقات، والثاني هو السفر لتلقي العلاج في إيطاليا مع تحمل كافة النفقات أيضا، ووافقت الأسرة على الخيار الثاني، وعلى الفور تم استصدار جوازات سفر للأسرة وإصدار التأشيرات الخاصة بهم تمهيدا للسفر لإيطاليا.
لكن الأمور تطورت واتخذت مسارا آخر بعد العروض التي قدمها الجانب الإيطالي، حيث قرر وزير الصحة المصري علاج شقيق الطفل على نفقة الدولة وبأحد المستشفيات الكبرى، لكن الأسرة رفضت العرض المصري ورحبت بالعرض الإيطالي، وأصرت عليه أملا في علاج ابنها الصغير الذي هاجر شقيقه من أجله.
السلطات المصرية بدأت في مواجهة الأمر على مسارين: الأول هو سرعة التوصل للطفل أحمد المهاجر إلى إيطاليا ورعايته، والثاني هو إقناع الأسرة بقبول العرض المصري وعلاج الشقيق الأصغر على نفقة الدولة في القاهرة ونجحت في الأمرين معا.
السفير عمرو حلمي، سفير مصر في روما، قال إن السفارة تواصلت مع الطفل أحمد فؤاد يوسف مرعي، حيث انتقل المستشار أيمن ثروت، نائب رئيس البعثة المصرية إلى دار الرعاية الصحية بمدينة فلورنس التي تستضيف الطفل للاطمئنان عليه صحياً ونفسياً، وتقديم الرعاية اللازمة له.
وأضاف أن المسئوولين الإيطاليين بالمدينة أكدوا أن الطفل يحظى برعاية كاملة داخل الدار، وأنهم قاموا بتوفير مترجم لغة عربية للتواصل معه بسهولة بصورة يومية، كما قاموا بإجراء الفحوص الطبية اللازمة، حيث كان يعاني من ألم في قدمه، مؤكدا أنه يقوم بالاتصال بوالديه تليفونيا بصورة يومية، وأنهم على استعداد دائم لتبادل المعلومات مع السفارة المصرية إلى حين وصول شقيقه المريض ووالدته إذا ما تقرر ذلك.
وأكد السفير المصري أن السفارة أكدت للطفل أنها تقوم بمتابعة حالة شقيقه الأصغر الموجود في مصر، والذي يعاني من نقص في صفائح الدم، وأنها أبلغت الجانب الإيطالي باستعداد وزارة الصحة المصرية لعلاج شقيقه على نفقة الدولة، وهو ما جعله يشعر بارتياح شديد.
وزير الصحة المصري الدكتور أحمد عماد الدين راضي، وبعد إقناع الأسرة وموافقتها على العلاج في مصر، أصدر قرارا بنقل الطفل فريد للعلاج بمستشفى الشيخ زايد، مضيفا أنه فور استجابة أسرة الطفل تم إرسال سيارة إسعاف مجهزة لمحل إقامتهم في قرية الجزيرة الخضراء بمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ لنقل الطفل بمرافقة والدته سامية إبراهيم أحمد، ووالده فؤاد مرعي إلى المستشفى، حيث كان في استقبالهم فريق طبي على أعلى مستوى.
وقال الوزير المصري إن والد الطفل تبين أنه مصاب بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي، وطلب علاجه أيضا على نفقة الدولة، ووافقت الوزارة، مشيرا إلى أن الفحوص الأولية للطفل فريد كشفت أنه ليس مريضا بسرطان الدم، لكنه يعاني من نقص الصفائح الدموية.
عادل مرعي، عم الطفلين، قال لـ”العربية.نت”، إن وزارة الصحة أكدت أن علاج نجل شقيقه متوافر بمصر، وأنه سيحصل على علاج مماثل لما سيحصل عليه في إيطاليا، لذا قررت الأسرة البقاء في مصر وعدم السفر إلى إيطاليا، خاصة أن الوزارة أكدت أن المستشفيات المصرية تولت علاج حالات كثيرة مماثلة، وكتب الله لها الشفاء.
وأضاف أن الأسرة وعن طريق السفارة المصرية في روما تواصلت مع الطفل أحمد، واطمأنت على حالته، وتأكدت أنه بصحة جيدة، ويلقى معاملة طبية ورعاية كاملة من كافة المسؤولين الإيطاليين ومسؤولي السفارة المصرية، مؤكدا أنه سيعود لمصر قريبا بعد أن نجح بفعلته هذه في تسليط الضوء على قضية شقيقه المريض، ولفت نظر المسؤولين إليه، وهو ما أدى في النهاية لعلاجه في أكبر المستشفيات وعلى نفقة الدولة المصرية.