شبهات حول الشيعة 2
سب الصحابة
عندما بدأت بتتبع التهم والأحكام الجاهزة التي تستهدف شيعة مذهب أهل البيت (ع) وجدتني حائرا بين مجموعة من التناقضات التي لا تقف على قرار. حتى أخذ مني الشك مأخذه، فكان لا بد من الإطلاع على حجج القوم من مصادرها المعتبرة، للإنصاف أولا، فالقاضي لا يأخذ برأي خصم واحد. وللوقوف على أسباب هذا الخلاف ثانيا، عسى أن يكون في هذا المجهود سبيلا إلى الإصلاح بين المسلمين وتجاوز خلافات عصفت بوحدتهم وتآلفهم لقرون ومازالت تهدد اليوم أمنهم ومستقبلهم وتجعلهم أضحوكة بين الأمم.
فكان من أهم التهم الجاهزة التي وقفت عليها أن الشيعة جميعا وبدون استثناء يسبون الصحابة وأم المؤمنين عائشة زوج النبي (ص)، ويقولون بتحريف القرآن، ويغلون ويدعون العصمة لكل أئمتهم (وبعضهم يضيف مراجعهم وعلماءهم)، ويقومون بزواج المتعة، و من لا يجاهر بذلك فإنه يكتمه تقية يعني نفاقا حسب رأي خصومهم. فضلا عن الكثير من التهم الأخرى التي قد تأتي في مراتب دنيا لدى العوام، أو في التفاصيل التي يوردها العلماء من أهل السنة في الطعن على مذاهب الشيعة.
وكأن الشيعة على قلب رجل واحد، فلا يوجد منهم إلا مغال أو متطرف أو متنطع عن الحق. وأن الوحدة مع مثل هؤلاء تعد ضربا من الوهم والخيال فهم -كما سبق في المقال الأول- أشد خطرا من اليهود والنصارى، وأكثر بغضا للمسلمين من غيرهم؟؟
ولعل مسألة سب الصحابة قد أخذت النصيب الأوفر من هذا الهجوم[1]. وإن سلمنا بأن بعض الشيعة فعلا يسبون بعض الصحابة –وليس كل الصحابة كما يقال[2]– في وقاحة لا تمت للإسلام أو لمذهب أهل البيت (ع) الذي ينتسبون إليه ويقدمونه في مواجهة خصومهم بصلة. وهم بذلك يخالفون القرآن الذي نهى المسلمين عن سب آلهة الكفار حتى لا يسب الكفار إلاههم بغير علم. إذ يقول تعالى: “وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)” –سورة الأنعام. وكذلك الرسول (ص) وأهل بيته (ع) في الكثير من الأحاديث التي يتناقلها أهل السنة والعقلاء من علماء ومراجع الشيعة[3].
وفي كلام الإمام علي (ع) الذي وجهه لبعض أهل العراق عندما سمعهم يسبون أهل الشام ما يسد الباب أمام بعض المتطرفين لدى الشيعة إذ يقول: “إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكن لو وصفتم أفعالهم وذكرتم حالهم لكان أصوب في القول وأبلغ في العذر” وهنا مربط الفرس. فخصوم الشيعة ممن يتهمونهم بسب الصحابة لا يتوقفون فقط عند بعض الألفاظ النابية التي قد تصدر من بعض المتطرفين في حق بعض كبار الصحابة وأمهات المؤمنين[4]، بل تتجاوز ذلك إلى كل انتقد بعض المواقف المنحرفة أو المخالفة للشرع التي صدرت عن بعض الصحابة، والتي ترتبت عنها آثار خطيرة لكونهم كانوا في موقع المرجعية والإقتداء مما أدى إلى اختلاف المسلمين فيما بعد إلى حد تكفير بعضهم لبعض وإهدار الدماء واستباحة الأعراض. ولعل المعارك التي وقعت بين الصحابة بعد مقتل عثمان (رض) رغم قرب عهدهم بالنبوة لخير دليل على اختلافهم بل وتناقض اجتهاداتهم وآرائهم. فضلا على أن القرآن لا يقول بعصمة جميع الصحابة وعدالتهم. بل إنه في مواطن كثيرة يقرع بعضهم ممن ارتكب ذنبا أو أخطأ ويفضح المنافقين منهم والفاسقين ويحذرهم بصريح الآيات.
ففي الصحابة مَن لمز النبي(ص) في الصدقات، و”منهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اُذُنٌ..والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم”[5] ومنهم من اتّخذوا مسجداً ضراراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومنهم من كان في قلبه مرض ومنهم المعوقون، ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلاً[6]، وحلفوا للنبي فقبل منهم علانيتهم، فنزل فيهم قوله تعالى: “سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجسٌ ومأواهم جهنم جزاءاً بما كانوا يكسبون * يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين”[7]. وفي هذه الغزوة همَّ أربعة عشر منافقاً أن يفتكوا برسول الله في ظلمات الليل عند عقبة هناك[8]. “ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدّقن ولنكوننّ من الصّالحين* فلمّا آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون* فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون”[9] وقد نزلت في ثعلبة الذي طلب من الرسول (ص) أن يغنيه الله، فلما دعا له الرسول (ص) وأغناه الله بخل بماله وأمسك عن الزكاة. فلما توفي النبي (ص)، أرسل المال إلى أبي بكر فرفضه. ثم أرسله بعد ذلك إلى عمر لما تولى فرفضه، وقد هلك في عهد عثمان[10].
ومنهم من قال الله تعالى فيه: “ومن أظلم ممّن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين”[11] ونزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي سرح وهو والي عثمان على مصر، فهو الذي افترى على الله الكذب، وأباح الرسول دمه ولو تعلق بأستار الكعبة، كما يروي صاحب السيرة الحلبية الشافعي في باب فتح مكة، وجاء به عثمان يوم الفتح يطلب الأمان له كما يروي صاحب السيرة، وسكت الرسول على أمل أن يقتل خلال سكوته، كما أوضح رسول الله، ولما لم يقتل أعطاه الأمان[12].
منهم من وصفه بالفاسق: “أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون* أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نُزلاً بما كانوا يعملون* وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها اُعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون”[13].
المؤمن هو علي بن أبي طالب، والفاسق هو الوليد بن عقبة، وقد تولى الكوفة لعثمان، وتولى المدينة لمعاوية ولابنه يزيد[14].
ومنهم ذو الثُّدَيَّة الذي كان من الصحابة المتنسكين وكان يعجب الناس تعبده واجتهاده، وكان رسول الله(ص) يقول: إنه لرجل في وجهه لسفعة من الشيطان، وأرسل أبا بكر ليقتله، فلما رآه يصلي رجع، وأرسل عمر فلم يقتله، ثم أرسل علياً(ع) فلم يدركه[15]، وهو الذي ترأّس الخوارج، وقتله علي(عليه السلام) يوم النهروان[16]. وقد كانت مجموعة من الصحابة يجتمعون في بيت أحدهم يثبطون الناس عن رسول الله(ص)، فأمر من أحرق عليهم هذا البيت[17].
كما قد أخرج الإمام أحمد عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله(ص): ليردّن الحوض عليّ رجال ممّن صحبني، ورآني، فإذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولنّ أصحابي، أصحابي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[18].
ومن كل هاته الأدلة وغيرها يسقط الجزم بعدالة الصحابة على الإطلاق، والتي يحتج بها البعض، ويبقى الخلاف حول مواقف وأفعال بعض الصحابة المقدمين في الفكر السني، ويأتي في مقدمتهم الخلفاء الثلاثة الأوائل ثم عدد من الأمويين كمعاوية بن أبي سفيان ومروان بن الحكم، ومن مكن لهم من بعض الصحابة ليتسنموا سدة الحكم ويتسلطوا على الأمة الإسلامية بالسيف والدهاء حتى أورثوها بعد أن كانت شورى لأبنائهم فأبعدوا العلماء والصالحين من أهل بيت الرسول (ص) وأخيار التابعين كالإمام علي بن الحسين السجاد وسعيد بن جبير وقربوا الطغاة والدهاة كالحجاج بن يوسف الثقفي وخالد القسري.
ويبقى سبب الخلاف الأبرز بين كبار الصحابة ما حدث في سقيفة بني ساعدة[19] بعد أن التحق بعض المهاجرين وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر (رض) إبان تجهيز جسد الرسول (ص) بالأنصار وقد كانوا يتكلمون في أمر الخلافة، فشقوا صفهم بحججهم وقدموا منهم أبا بكر ليبايعوه كأول خليفة للرسول (ص)، وذلك في غياب أهل بيت الرسول (ص) وعصبته، وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب (رض)، مما أثار حفيظة عدد آخر من الصحابة الذين انحاز بعضهم إلى علي وأرادوا بيعته كالزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود، كما رفض عدد من الأنصار من الخزرج بيعة أبي بكر في البداية تضامنا مع زعيمهم سعد بن عبادة، وكذلك فعل الأمويون قبل أن يعد عمر بن الخطاب أبا سفيان بتولية ابنه يزيد الشام التي بقيت منذ ذلك العهد في عهدة الأمويين إلى أن اتخذوها عاصمة لملكهم بعد أن خرج معاوية بن أبي سفيان على أميره علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) وأفسد أمر دولته.
ولم ينقم على طريقة اختيار الخليفة الأول فقط من كان داخل المدينة من بعض المهاجرين والأنصار، بل أيضا عدد من القيادات السياسية من خارج المدينة، وقد عبر بعضهم عن موقفه بمنع أموال الزكاة عن أبي بكر فألحقهم بالمرتدين وسير لهم الجيوش وارتكبت فظائع في حق البعض ممن كان يمكن مراجعته بالحكمة والملاينة كالصحابي الجليل مالك بن نويرة والذي قتله الصحابي خالد بن الوليد ودخل بزوجه دون عدة وهو بعد رجل مسلم[20].
ودون الخوض في تفاصيل الإجتهادات التي خالف فيها عمر بن الخطاب (رض) نصوص قرآنية أو سننا معروفة، فوافقه قوم وعده آخرون من كبار المجتهدين مع أن الرواية عنه في الحديث قليلة إن لم تكن نادرة. وما فعله عثمان عندما تولى فانعزل عن أصحاب رسول الله (ص) وأحاط به ثلة من الطامعين في الحكم من بني أمية ليغرروا به حتى اندلعت شرارة الفتنة بعد أن يئس الناس من ولاته الأمويين على الأمصار الذين تخلوا عنه في النهاية ليطالبوا بدمه بعد قتله. ولا عن بعض الصحابة الذين بايعوا عليا بعد اغتيال عثمان ثم انقلبوا عليه وأخرجوا معهم زوج النبي (ص) لحربه في معركة الجمل بالبصرة، وفيهم من ورد اسمه في الحديث المشهور حول العشرة المبشرين بالجنة كطلحة والزبير؟؟ [21]
أما عن معاوية الذي يعده البعض خال المؤمنين لقرابته من الرسول (ص) عن طريق أخته رملة بنت أبي سفيان وكاتب الوحي، فلم يأل جهدا في إفساد دولة الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) بعد أن بايعه الناس بالإجماع في المدينة، ولم يتردد في شراء الذمم واستخدام الحيل وتجييش الجيوش لقتاله بحجج واهية ظاهرها المطالبة بدم عثمان وباطنها التمهيد لدولة بني أمية، وهو بعد إمام الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر، فصدقت بذلك نبوءة المصطفى (ص) فيه[22]. حتى إذا اغتيل الإمام علي بادر إلى تتبع شيعته وأنصاره بالقتل والتشريد والحصار، وما تنازل الحسن بن علي (رض) له عن الخلافة إلا لحقن دماء المسلمين ورغبته في الصلح معه حسب شروط ضرب بها معاوية عرض الحائط بعد أن سعى في اغتيال الحسن نفسه عن طريق زوجه شعدة بنت الأشعث بن قيس في قصة رواها الكثير من المؤرخين[23]، ليولي ابنه يزيد الذي فعل ما لم يفعله أي طاغية في ثلاث سنوات، فحاصر جيشه الإمام الحسين في كربلاء وقتله مع أصحابه وأهل بيته، ورمى أحد قواده الكعبة بالمنجنيق، وانتهك آخر حرمة المدينة وأباحها لجيشه ثلاثة أيام فأثخنوا في القتل وسبي نساء المسلمين.
أفبعد كل هاته الوقائع وغيرها مما تحفل به كتب السيرة والتاريخ الإسلامي، يأتي بعضهم ليدافع عن بعض المنحرفين والطامعين في السلطة باسم صحابة الرسول (ص)، فيهب في وجه كل من أراد تحقيق التاريخ ومراجعة بعض المواقف المتناقضة والفضائل المختلقة لبعض من يسمونهم صحابة مما اجتهد في وضعه وتزييفه فقهاء البلاط الأموي، في نفس الوقت الذي يتم فيه التعتيم عن صحابة آخرين ممن أبلوا البلاء الحسن في نصرة هذا الدين ولم يبدلوا أو يغيروا بعد وفاة الرسول (ص)، ولم تخالط قلوبهم الدنيا، ولم ينازعوا الأمر أهله. بل كان بعضهم ضحية لبعض سياسات الخلفاء التي يأخذها البعض مأخذ السنن النبوية بل الآيات القرآنية؟؟
فهذا الإمام علي بن أبي طالب صفي رسول الله (ص) والمقدم في عصبته، و باب مدينة علمه لا نكاد نقف له على بضع أحاديث في صحاح السنن، فضلا عن مواقفه واجتهاداته مع أنه لا خلاف بين الصحابة جميعا على مكانته العلمية المقدمة فوق الجميع، في حين نجد مثلا صحابيا كأبي هريرة الدوسي وهو ممن التحق بالمدينة في آخر حياة الرسول (ص) وعاصره لمدة لا تزيد عن السنتين وفي النهاية إنضم إلى معسكر معاوية ضد علي آلاف الأحاديث فقط في صحيح البخاري.
وهؤلاء بلال بن رباح وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وأبي ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود وسلمان الفارسي وقد كانوا جميعا مقدمين عند الرسول (ص) لتضحياتهم الجليلة في خدمة الدعوة ونصرتها منذ بدايتها، نجد التاريخ يسكت عن الكثير من مواقفهم وآرائهم بل ويقدم عليهم رجالا آخرين ممن لم تسعفه مكانته وسابقته في الدين وعلمه لبلوغ مراتبهم كعمرو بن العاص الذي بايع معاوية ضد علي بعد أن وعده بولاية مصر، وغيره من الأمويين الذين خلدت السلطة فضائلهم ومناقبهم بعد أن ظهرت دولتهم على أنقاض دولة الخلافة.
وبهذا تتضح الصورة جليا، فالمنتصر كما هي العادة هو من يصنع تاريخه. ولو انتصر علي في حربه ضد معاوية. لوصلنا تاريخ غير الذي نقرأه ولاتفق الناس على ترك سنن عدد من الصحابة الذين وقفوا ضد أهل بيت الرسول (ص) وفي مقدمتهم الإمام علي (كرم الله وجهه) فقاتلوه وأفسدوا أمر دولته، وهو بعد مأمور من طرف رسول (ص) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين[24]. لكن، وبعد أن انتصر الأمويون فمن الطبيعي أن يخلدوا ذكرهم وذكر من مكن لهم لقيام دولتهم باختلاق المناقب لبعض الصحابة والتعتيم على آخرين[25].
وهكذا حرموا الخوض في الخلافات التي شجرت بين الصحابة وما تلاها من الفتن والمعارك حتى لا يقف كل ذي لب على حقيقة بعض ممن أسدلت عليهم السلطة رداء القداسة باسم عدالة الصحابة، فبرروا انحرافات البعض وزوروا حقيقة آخرين وقدموهم بصفة النساك والمصلحين. وألصقوا أفعال بعض الصحابة المقدمين عندهم بشخصيات وهمية كعبد الله بن سبأ اليهودي الذي ينكره اليوم جل المحققين من الطائفتين[26].
وأخيرا فليس الغرض من وراء نقل هاته الأحداث الطعن في صحابة الرسول (ص) الذين عاهدوا ما صدقوا الله عليه فما بدلوا وغيروا، وهم بعد مقدمون بما قدموا من تضحيات لنصرة هذا الدين وإعلاء ذكره. لكن الهدف هو إبراز صورة البعض ممن تستروا باسم الصحبة أو ظنوا بأن صحبتهم للرسول (ص) سوف تشفع لهم بما فعلوه في حق المسلمين وإلا فمن يتحمل تلك الدماء التي سقطت خلال الفتنة الكبرى وما جاء بعدها من أحداث ومعارك نتجت عن خلافاتهم العميقة. وقد جاء بعدهم من فقهاء السلاطين من حاول تأويل وتبرير أفعالهم بالرغم من تناقضاتها و مخالفتها الكثير منها للشرع ومصلحة الإسلام والمسلمين، لنقف في النهاية على تراث يعج بالخرافات والمتناقضات والتبريرات الواهية، مما يستدعي من الباحثين بذل المزيد من الجهود للكشف عن ملابسات هذا التراث وتلك الوقائع بحيادية وتجرد ينأى عن الطائفية والمذهب، ولا ينصر إلا الحقيقة مهما بلغت مرارتها. فالحق لا يعرف بالرجال ولكن إعرف الحق تعرف أهله، كما الإمام علي لرجل جاء يسأله عن قتال أصحاب الجمل وفيهم طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين!!
[1] يكفر السلفية الشيعة على أساس سبهم للصحابة، وفي هذا الأمر رفع للصحبة إلى مرتبة أصول العقيدة الإسلامية مع أن الصحابة أنفسهم قد تسابوا وتقاتلوا خلال عصر الفتنة الكبرى. ولم يكفر أحدا منهم الآخر ولا كفر المسلمون بعد الفتنة بعضهم بسبب مواقفهم من الصحابة.
[2] من جملة الصحابة الذين يقدمهم الشيعة ويبجلونهم، نجد: أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وبلال بن أبي رباح والمقداد وحذيفة بن اليمان. وجابر بن عبد الله وخباب بن الأرت وسلمان الفارسي وحجر بن عدي. وحسان بن ثابت.أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عباس والعباس بن عبد المطلب وأبو أيوب الأنصاري وخزيمة ذي الشهادتين وأبي بن كعب وسهل بن حنيف وقيس بن سعد بن عبادة والبراء بن مالك..
[3] لكل من السيد السيستاني والخامنائي ومحمد حسين فضل الله فتاوى في الأمر لمن يريد الإطلاع عن ذلك في مواقع الإستفتاءات الخاصة بهم وهم من أكبر مراجع الشيعة الإمامية اليوم في العالم.
[4] كصاحب قناة فدك ياسر الحبيب اللاجئ في لندن هربا من المحاكمة في الكويت، وهو من أتباع الخط الشيرازي الذي يشتهر بمواقفه المتطرفة ضد أهل السنة، ومن رموز التعصب الطائفي عند الشيعة.
[5] التوبة: -61
[6] فتح الباري : 8/113 ، باب 79 ، ح 4418
[7] التوبة: 95 ـ 96
[8] دلائل النبوّة: 5/256، 262
[9] التوبة: 75 ـ 77
[10] راجع تفسير فتح القدير للشوكاني علي بن محمد: 2 / 185 وتفسير ابن كثير لإسماعيل بن كثير الدمشقي : 2 / 373. وتفسير البغوي محمد ابن الحسن بن مسعود الفرا: 2/125 بهامش تفسير الخازن. وتفسير الطبري لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري: 6/ 131
[11] الصف: 7
[12] راجع السيرة الحلبية باب فتح مكة
[14] تفسير الطبري: 21 / 107 والكشاف للزمخشري: 3 / 514 وفتح القدير للشوكاني: 4/225 وتفسير ابن كثير: 3/462..
[15] راجع الإصابة في تمييز الصحابة: 1/484 ، رقم 2446.
[16] السيرة النبويّة لابن حبّان: 546، ومروج الذهب: 2/ 425 ، الكامل في التاريخ: 3/348، البداية والنهاية: 7/32.
[17] راجع سيرة ابن هشام: 3/235.
[18] مسند الإمام أحمد: 5/50 الطبعة الاُولى
[19] وردت الواقعة بروايات مختلفة في كل مصادر التاريخ المعتبرة كمروج الذهب للمسعودي والبداية والنهاية لابن كثير والحديث كالبخاري..
[20] يروي عدد من المؤرخين بأن أبا قتادة الأنصاري وهو صحابي جيل معروف كان في جيش خالد فخرج منه لما شهد الواقعة وعاد إلى المدينة مصدوما ليبلغ الخليفة أمر خالد، فما كان إلا أن زادت خيبته عندما رد عليه أبو بكر قائلا: لن أغمد سيفا سله الله على المشركين؟؟
[21] هناك الكثير من المحققين ممن يطعن في هذا الحديث خاصة وأن رواياته تتناقض من حيث بعض الأسماء الواردة في نصه. ورب مشهور لا أصل له.
[22] روى البخاري –حديث:428- عن أَبِي سَعِيدٍ الخدري في ذكر بِنَاءِ المَسْجِدِ ، قَالَ: ” كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ ، وَيَقُولُ: ( وَيْحَ عَمَّارٍ ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ ) وقد رواه أيضا جمع من علماء السنة كمسلم في صحيحه، وأحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم النيسابوري في مستدركه، والترمذي في سننه..
[23] أنظر تاريخ الإسلام 4 /40 و”أسد الغابة” لابن الأثير 2/ 13..
[24] أنظر مستدرك الإمام الحاكم – كتاب معرفة الصحابة– ذكر إسلام أمير المؤمنين علي- رقم الحديث: 4674
[25] كان الإمام علي يسب على منابر الأمويين في الشام إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز وأبطل هذه السنة البغيضة.
[26] كان أول من أورده في تاريخه الطبري عن سيف بن عمر التميمي وهو أموي الهوى كذاب كما نعته المحققون ونقله عن الطبري من جاء بعده كابن كثير وابن الأثير في تاريخهما. ولم يرد اسمه في تواريخ أخرى كأنساب الأشراف للبلاذري ووقعة صفين لنصر بت مزاحم.
محمد أكديد باحث في اختلاف المذاهب الإسلامية