3 نونبر 2024

حوار مع سفير جمهورية أذربيجان Oktay Gourbanov بالرباط حول دلالات وأبعاد احتفال الشعب الاذريبجاني بعيد الاستقلال

حوار مع سفير جمهورية أذربيجان  Oktay Gourbanov  بالرباط حول دلالات وأبعاد احتفال الشعب الاذريبجاني بعيد الاستقلال

حاوره رشيد موليد

أجرت جريدة “مغربي اليوم” حوار مع معالي سفير جمهورية أذربيجان السيد Oktay Gourbanov لدى المملكة المغربية بمناسبة العيد الوطني وفي ما يلي كرونولوجيا تاريخية بعض أهم جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين.

  1. نود لو تحصرون الإطار العام الذي يأتي فيه إحتفال الشعب الأذربيجاني بعيده الوطني هذه السنة في ظل الجائحة التي يشهدها العالم؟

في البداية لابد أن أعرض عليكم كرونولوجيا تاريخية لكي أضعكم في الصورة، تعد جمهورية أذربيجان أول جمهورية ديمقراطية ذات طابع برلماني في المشرق الإسلامي والتي أحرزت على استقلالها في الثامن والعشرين من شهر مايو عام 1918. وبعد 23 شهرا من نشأتها استطاعت الجمهورية الفتية أن تحصل على الاعتراف الدولي في مؤتمر باريس للسلام وأن تؤسس دولة بكامل مقوماتها ومؤسساتها وجيشها وأن تعتمد القوانين والتشريعات المتلائمة مع المصالح الوطنية والمعايير الديمقراطية، ناهيك عن كونها أول دولة منحت للمرأة حق التصويت وفي ذلك سبقت العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية. كل هذا بالرغم العوائق الكيدية التي أحاطت بالبلاد إبان الحقبة السوفياتية إلا أن الوضع قد استقر بعد تفكك الإتحاد السوفياتي ومع عودة حيدر علييف الى السلطة والذي أصدر في عام 1998 مرسوما بمناسبة الذكرى الثمانين لقيام جمهورية أذربيجان الشعبية، حيث أسهمت الفعاليات في إغناءه باعتبارها مساهمات كبيرة في إجراء الدراسات المنظمة لتاريخها.

نحن في أذربيجان شعبا وقيادة نعتز كثيرا بالمحطات المجيدة واللامعة من تاريخنا الممتد، وبالنسبة لتزامن الاحتفال بالعيد الوطني مع وباء كرونا المستجد ، فان أذربيجان ليست استثناءا. إذ أن فخامة رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف، يشرف شخصيا على الإجراءات الحكومية التي تستهدف سلامة وصحة المواطنين بهدف التخفيف من تداعيات الجائحة اجتماعيا و اقتصاديا وذلك بتخصيص دعم مالي مباشر قدره ملياري دولار أمريكي لعمال المياومة والفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض وأصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة.
إلى جانب هذه الإجراءات وجب الإشادة بالعناية المتواصلة التي تخص مؤسسة حيدر علييف التي تترأسها السيدة مهربان علييفا، النائبة الأولى لرئيس جمهورية أذربيجان، التي تستهدف الأسر المتضررة إذ أن هذه المؤسسة وبتوجيهات من السيدة مهربان علييفا لا تتوانى عن تقديم المساعدات الإنسانية والعينية بشكل مستمر.
وعلى الرغم من هيمنت الأجواء غير الاعتيادية بسبب كورونا من المنتظر أن يلقي فخامة الرئيس السيد إلهام علييف كلمة بالمناسبة لتهنئة السيدة مهربان علييفا وكذلك تنظيم الاحتفاليات على القنوات الرسمية والخاصة عبر بث المحطات التاريخية الهامة من حياة الجمهورية وعرض أنشطة تسعى لتحميس الحس الوطني بما من شأنه أن يعطي لهذه الذكرى أهميتها الوطنية وبعدها القومي

  1. لا يمكن الحديث عن العيد الوطني بدون إستحضار المغفور له الزعيم الوطني حيدر علييف. ما هي الرمزية الدلالية في هكذا احتفال؟ وما هي العبر والدروس التي إستلهمتموها من الزعيم الوطني حيدر علييف؟

بلا شك أن حيدر علييف فعلا يُعتبر بدرجة أولى منقذا لجمهورية أذربيجان من الانهيار وباني نهضتها التي أبهرت العالم ولا تزال إلى يومنا يجسده الزعيم الوطني من أجل شعبه ودولته ومستقبلهما المشرق الشيء الذي جعلنا أن نكنّ له إجلالا ونحافظ على ذاكرته المباركة.

لقد أدرك القائد العظيم حيدر علييف قبل كل شيء بالأبعاد السياسية والمخاطر التي تحدق بأذربيجان وسخر كل إمكاناته وخبراته المتراكمة من جراء توليه المناصب العليا في العهد السوفياتي وأنقذ بلادنا من خطر الانهيار المحقق لولا انتزاع الزعيم الوطني حيدر علييف لاتفاق وقف إطلاق النار مع أرمينيا المعتدية التي لا تزال تحتل 20% من الأراضي الأذربيجانية الأصلية وسارع الى وضع سياسة داخلية متزنة التي ضمنت بناء الدولة الديمقراطية ذات التعددية السياسية ومؤسساتها المدنية والعسكرية وتنفيذ الإصلاحات المتنسجمة مع الحداثة، بما فيه التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
وتماشت هذه السياسة مع السياسة الخارجية التي نتج عنها إستراتيجية الطاقة التي كانت بمثابة خريطة الطريق للمنطقة والعالم. إذ أنه تمكن القائد العظيم حيدر علييف أن يجلب الشركات العالمية الكبرى العابرة للحدود المتخصصة في مجال النفط إلى أذربيجان والتي وقعت في عام 1994 مع الحكومة الأذربيجانية “اتفاق القرن” مما نتج عنه تدفق الإستثمارات الأجنبية الضخمة والتقنيات الغربية المتقدمة في البنية التحتية النفطية وأفسح المجال للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة على حساب العائدات النفطية الهائلة عبرخط الأنابيب النفط الذي ينطلق من باكو ويصل ميناء جيهان التركي مرورا بالعاصمة الجورجية تبيليسي.
اليوم يستمر فخامة رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف، منذ توليه السلطة عام 2003 في تنفيذ السياسة الرشيدة للقائد العظيم الذي ظل يحصد ثمارها الاقتصادية والاجتماعية منها على سبيل المثال تراجع نسبة البطالة والفقر منذ تلك الفترة من 50% الى 4.9% ومن 44.7% إلى 5% وتم خلق أكثر من مليوني فرصة عمل واستثمار أكثر من 250 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد الوطني وازداد التطور في القطاعات الغير النفطية ليصل 60% من إجمالي الناتج المحلي وأرتفع احتياط العملة الصعبة من 1.8 مليار دولار أمريكي الى 52 مليار دولار أمريكي خلال 1 يناير2020.
كما تحتل أذربيجان المرتبة الخامسة والعشرين حسب تقرير ممارسة الأعمال 2019 لمنظمة الأمم المتحدة وتعتبر من الدول العشر أكثر تنفيذا للإصلاحات. وبموجب تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي، فتتصدر أذربيجان من بين رابطة الدول المستقلة وتتبوأ المركز الخامس والثلاثين عالميا.
وجدير بالذكر أن إقتصادنا الوطني بغض النظر عن التجليات السلبية لجائحة كورونا، قد عرف في الأربعة الأشهر الأولى من عام 2020 دينامية إيجابية بنسبة 0.2% مع توقعات من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية حول تخطي نمو إجمالي الناتج المحلي حاجز 3% في 2021.

  1. كيف تحددون دور أذربيجان في المشهد العالمي عموما؟

مما لاشك فيه تعتبر جمهورية أذربيجان دولة رائدة من كافة النواحي في منطقة جنوب القوقاز، إلا أن سياستها الخارجية التي كرسها القائد العظيم حيدر علييف والتي يستمر على نهجها فخامة الرئيس السيد إلهام علييف، قد أخرجتها خارج النطاق الإقليمي من حيث أهميتها العالمية، أولا كدولة توفر أمن الطاقة الأوروبي عبر خطوط الأنابيب للنفط والغاز وثانيا بمثابة جسرا يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
بذلك انتزعت أذربيجان الفوز المستحق في الانتخابات التي جرت في أجواء المنافسة الشرسة لتصبح عضوا غير دائم في مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة وذلك خلال فترة 2012-2013، مما أبرز انتصارا أخر للدبلوماسية الخارجية التي يواصلها فخامة الرئيس السيد إلهام علييف.
والجدير بالذكر أن أذربيجان تولت في سنة 2019 رئاستي مجلس التعاون للدول الناطقة باللغات التركية و حركة عدم الانحياز، حيث انعقدت في العاشر من شهر أبريل 2020 القمة الطارئة للمجلس ثم قمة فريق الاتصال لحركة عدم الانحياز في الرابع من شهر مايو من نفس السنة ، علما أن كلا القمتين التي عقدتا عبر تقنية الإتصال المرئي، جاءتا بمبادرة كريمة من فخامة الرئيس السيد إلهام علييف.

أين تتجلى حاليا معالم عصرنة الدولة كنتاج إستراتيجية عمل عليها كثيرا فخامة إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان؟

يبدو إذن إن خيار الشعب الاذريبدجاني للزعيم قد جنب البلاد العديد من المحن وارتقى بها إلى ما سلف ذكره من خلال ما اعتمده الزعيم من سياسات تنموية موقعت البلاد في المكانة التي تستحقها ضمن مراتب الدول إقليميا وعالميا في الوقت الذي كنا فيه على عتبة الحرب الأهلية. غير أن النهج التنموي الذي يواصله اليوم فخامة رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف منذ 2003 قد جلب لبلادي استثمارات أجنبية هائلة التي تم توظيفها لصالح البلاد والعباد ، ما ترتب عنه تحول العاصمة باكو على وجه الخصوص إلى إحدى أجمل العواصم الأوروبية والعالمية بحلتها العصرية المنقطعة النظير.
كما شهدت باكو في غضون حكم فخامة الرئيس السيد إلهام علييف قفزة نوعية من حيث تطور المباني وحضور المعالم التاريخية والفنادق العصرية والحدائق وجلب السياح الذين بلغ عددهم عام 2019 3.2 مليون سائح كلها عوامل لعبت دورا في ذيوع صيت الدولة على المستوى العالمي 
هذا دونالدور الطلائعي الذي لعبته السيدة مهربان علييفا، النائبة الأولى لرئيس جمهورية أذربيجان التي ساهمت في الرفع من سمعة الدولة عالميا.
بالنظر إلى الفعاليات الاجتماعية و الثقافية والرياضية الدولية التي تنظم بمبادرة من سيدة النائبة الأولى الموقرة، والتي تفسح مجالا للإطلاع على معالم الحداثة وعلى سبيل المثال لا الحصر مركز حيدر علييف الذي يعتبر بمثابة تحفة معمارية عصرية صممتها المهندسة المعروفة المغفور لها "زها حديد" والتي افتتحت أبوابهاعام 2012.    

المغرب وأذربيجان وقعا عدداً من الاتفاقيات الثنائية همت التعاون في مجال الامن ومكافحة الجريمة والسكك الحديدية ومنع التهرب الضريبي كما ان البلدين يتضامنان على المستوى الدولي. ما هوتعليقكم؟

ولا يفوتنا هنا التذكير بأن المقابلة التاريخية التي جرت بين المغفور لهما الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف وصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، في إطار القمة الإسلامية السابعة، التي انعقدت في الدار البيضاء، في دجنبر 1994، كانت فاتحة عهد جديد في العلاقات الأذربيجانية المغربية. وفي تلك المقابلة جرى تبادل الآراء حول سبل تطوير العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، حيث أثمرت هذه المقابلة التاريخية على تمتين أواصر الصداقة بين أذربيجان والمغرب والتي يواصلها اليوم بخطى حثيثة قائدا الدولتين فخامة الرئيس إلهام علييف وصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتجدر الاشارة أيضا أن هذه العلاقات مكنت من تعزيز وتعميق علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين، خصوصا بعدما توصل البلدان خلال السنوات الأخيرة إلى تحقيق منجزات كبيرة في مجال تقوية العلاقات الثنائية. ويندرج التعاون المتواصل بين البلدين الصديقين والشقيقين ضمن انخراط حكومتي البلدين في إعطاء هذه العلاقة الثنائية المغربية والأذربيجانية أبعاد التجسيد الميداني العائد على شعبي البلدين بمزيد من التقارب والتنمية المشتركة.

ما هو المشهد الحالي لطبيعة النزاع حول اقليم كاراباخ ونوعية تجلياته المستقبلية؟

يشكل احتلال أرمينيا ل 20 في المائة من أراضي أذربيجان – التي تشمل إقليم قراباغ الجبلي الأذربيجاني والمحافظات السبع المجاورة له – أخطر تهديد لأمن البلد. وتسبب هذا الاحتلال في أكثر من مليون أذربيجاني بين لاجئ ومشرد ونازح قسرا إلى جانب تعرض الأراضي المحتلة للتطهير العرقي والنهب والسلب والاغتصاب المادي والمعنوي بعد أن دمرت أرمينيا المساجد والآثار الثقافية والتاريخية الإسلامية.
كما أن القرارات الأربعة (822 و853 و874 و884) الصادرة عن مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عن المجلس الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي مهمة الى جانب كونها أساسا قانونيا للدفاع عن الموقف العادل لأذربيجان على المستوى الدولي.ومقابل ذلك اتخذت أذربيجان موقفا واضحا لتسوية النزاع، ركز على أهمية حل القضية في إطار وحدة أراضي أذربيجان وحدود بلدنا المتعارف عليها دوليا. ويعتمد هذا الموقف على بنود وقواعد القانون الدولي ومبادئه وميثاق منظمة الأمم المتحدة ووثيقة هلسينكي الختامية والوثائق الدولية العديدة التي تبنت تسوية الصراع بالطرق السلمية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *