تركيا تستنجد بالسياحة العلاجية لإنقاذ الموسم السياحي
في سياق الإشارات الإيجابية لحملات التلقيح المضاد لوباء “كوفيد-19″، المبشرة بانتعاش عدة قطاعات اقتصادية، تعمل تركيا جاهدة على إنقاذ الموسم السياحي الحالي، من خلال تقديم بدائل مستقطبة للسياح الأجانب، تأتي في مقدمتها السياحة العلاجية.
فحتى قبل تفشي وباء “كورونا”، الذي شكل ضربة قاصمة للنشاط السياحي، ليس فقط في تركيا بل في معظم الوجهات السياحية العالمية بعدما أحكم الفيروس سيطرته على كل القطاعات الاقتصادية وشل حركة التنقل عالميا، كانت تركيا تراهن على السياحة العلاجية والتجميلية كأحد الخيارات الأساسية ضمن عرضها السياحي الموجه بالأساس للخارج، وبالفعل نجحت في ذلك وصُنفت من بين أفضل 10 دول حول العالم في مجال السياحة الصحية.
ومن خلال عروض سخية تزاوج بين الترفيه والعلاج، بين زيارة أشهر المعالم التاريخية عالميا والاستجمام في أجمل المنتجعات السياحية، وبين الاستفادة من رعاية صحية أو عمليات تجميل بأسعار جد تنافسية، أقنعت تركيا وفرضت نفسها كبديل موثوق به يضاهي أفضل الوجهات على المستوى العالمي.
مدفوعة بنتائج إيجابية لقطاع يشكل موردا أساسيا للبلاد حققت إيراداته 34,5 مليار دولار سنة 2019، لم تتردد تركيا في ضخ استثمار كبيرة في القطاع لتحقيق المزيد من المكتسبات، وركزت اهتمامها على سياحة رعاية المسنين، والسياحة العلاجية، سواء في المنتجعات الطبيعية كالينابيع أو المراكز الصحية المتخصصة، لاسيما المدن الطبية المتكاملة بمواصفات عالمية، واعتماد أحدث التقنيات والوسائل لإرضاء سائح يرغب في الجمع بين المتعة والاستشفاء.
غير أنه في سياق اقتصادي منهك بفعل تدابير الاغلاق التي تفرضها السلطات للحيلولة دون تفشي الوباء وفي محاولة لإنقاذ الموسم، كثفت الجهات الوصية على القطاع من حملاتها الترويجية للسياحة العلاجية، كأحد العروض التي تزداد الحاجة لها في زمن الجائحة، والتي تقدم حياة صحية للسياح، وتتضمن عدة أقسام، مثل العلاج في المشافي والعمليات الجراحية، والعلاج في ينابيع المياه المعدنية الحارة، فضلا عن مراكز علاج المسنين والمعاقين.
قطاع السياحة الصحية بتركيا، التي احتلت حسب تصنيف موقع “هوستيل تور” السياحي لسنة 2019، المركز الثالث في ترتيب الدول الأعلى دخلا من القطاع بعد الولايات المتحدة وألمانيا، أنهى سنة 2020 بخسارة 20 في المئة على أساس سنوي في الإيرادات، وهو ما اعتبره الفاعلون في القطاع خسارة “طفيفة” بالنظر لظروف الوباء.
وحسب المختصين في الصناعية السياحة، فقد بلغت إيرادات قطاع السياحة العلاجية في تركيا، خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2020، نحو مليار دولار، وذلك رغم الظروف المتعلقة بالجائحة.
وفي هذا الصدد، أوضح رئيس جمعية السياحة الصحية في تركيا، سيرفيت تيرزيلر، أنه خلال سنة 2020 وفي أعقاب الانخفاض الحاد في عدد الزوار الوافدين خلال الأشهر الثلاثة الأولى، استأنف القطاع نشاطه وحقق نموا كبيرا في عدد المرضى من الخارج في يوليوز وغشت وشتنبر، ليتراجع مجددا نهاية العام بسبب الانتشار السريع للوباء، وفرض الحكومة سلسلة من القيود للحد من حالات الإصابة المتزايدة، وخاصة إغلاق المطاعم والمقاهي، وفرض حظر التجول في أيام نهاية الأسبوع.
وأضاف في تصريح صحفي، أن الذين وصلوا إلى البلاد لأغراض صحية سنة 2020 كانوا في الغالب من دول أوروبية، مثل هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا، لافتا إلى أنه على الرغم من الانتكاسات، فقد حقق القطاع 1,3 مليار دولار من العائدات في زراعة الشعر وحدها سنة 2020، ليصل إجمالي حجم التداول إلى 2,5 مليار دولار.
أما عدد الأجانب الذين اختاروا تركيا لعلاج وتجميل الأسنان فقد وصل حسب جمعية “صناعة لوازم الأسنان ورجال الأعمال” إلى 100 ألف، متوقعة أن يرتفع هذا الرقم مع تحرر العالم من بعض قيود فيروس “كورونا” إلى أرقام غير مسبوقة.
وفي العام الماضي، فرضت ظروف جائحة “كورونا” على قطاع الصناعة السياحية اعتماد “شهادة السياحة الآمنة”، لحماية صحة وسلامة المسافر والعامل، واتخاذ تدابير وقائية في المنشآت ووسائط النقل، وفي العام الحالي، يبدو أن بوادر الانتعاش المصاحبة لتقدم عمليات التلقيح تشجع على التكيف بأقصى بسرعة ممكنة مع الوضع “الطبيعي” الجديد، وتحقيق السبق في سياق المنافسة، حجوزات موسم الصيف الحالي انطلقت بالفعل وتؤكد ذلك !.