بماذا يتميّز عهد ميشال عون؟
سمير السعداوي كاتب في جريدة الصباح اللندنية
مع إعلان الاتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي طرفة مفادها أن أحدهم يقول لصاحبه: عون أكبر من لبنان، فيجيبه الآخر: لا أحد أكبر من بلده! ليعود الأول ويوضح أن لبنان ولد عام 1943، في حين أن عون من مواليد 1933.
الواقع أن هذا التلميح إلى سن الرئيس الجديد للجمهورية قد يكون لمصلحته أكثر من كونه مدعاة انتقاص، ذلك أن الجنرال هو من ذاك الجيل الذي عايش «الزمن الجميل» ما قبل «حرب الـ75» وخدم في مؤسسات لبنان في تلك المرحلة التي تبرز حاجة إلى استعادة بعض من تألقها ورونقها، في وقت لم يعد أبناء الجيل الجديد يصدقون كلامك عما كان عليه لبنان في تلك الأيام ويتهمونك بالمبالغة في السرد.
البارحة تصاعد الدخان الأبيض من مبنى مجلس النواب مؤذناً بانتهاء شغور رئاسي، لم يكن الأول من نوعه لكنه الأطول في تاريخ الجمهورية، وأثار أكثر من تساؤل عن مغزاه في وسط الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، ولانتخاب رئيس في لبنان أكثر من مغزى، لعل أهمها أنه المسيحي الوحيد على رأس دولة عربية.
جسّد العماد عون كل الأمثلة عن المثابرة من نوع «من جدّ وجد» و «من زرع حصد» و «من سار على الدرب وصل»، فكثير من المخلصين له توقف التاريخ بالنسبة إليهم عند عام 1990 حين خرج العماد عنوة من القصر الرئاسي وبعد ذلك إلى منفاه الفرنسي، قبل أن يعود إلى البلاد في أواخر عهد الرئيس إميل لحود، لينتظر لسنوات «استحقاق» العودة إلى القصر، مع نضوج الظروف المحلية والإقليمية التي لطالما وضعته في عين العاصفة، لكنها لم تنل من صلابته ولا استطاعت إجباره على الانحناء.
الرئيس الثالث عشر للبنان، ليس العسكري الأول الذي يصل إلى قصر بعبدا، إذ سبقه إليه كثيرون أولهم وأبرزهم الرئيس الراحل الجنرال فؤاد شهاب، الإصلاحي الذي لُقّب في ما لُقّب، بـ «أبو المؤسسات». كما أن عون ليس الرئيس الأول الذي يتزعم تياراً سياسياً وكتلة نيابية، لكنه قطعاً، الرئيس الأول الذي يجمع بين تاريخ عسكري قائداً للجيش وزعامة سياسية، أي بين إرث من المناقبية والانضباط وتجربة في «اللعبة الديموقراطية» ونسج التحالفات السياسية.
عون الذي زادته السنوات حكمة وحنكة، أعاد تأكيد تاريخه النضالي، في خطاب القسم أمس، تكريماً للذين رافقوه في مسيرته، وتمسكاً بنهجه الإصلاحي الذي لم يمنعه بالتسليم في نهاية المطاف بشرعية مجلس نيابي غمز رئيسه نبيه بري من قناة تشكيك الجنرال به قبل انتخابه، لكن ذلك التشكيك تحول دعوة إلى إصلاح قانون الانتخابات النيابية، في مجمل نقاط أوردها الرئيس الجديد في خطابه واعتبرها برنامجاً لعهده.
لقد حظي خطاب الرئيس عون بإعجاب واسع في تناوله مجمل طموحات اللبنانيين، انطلاقاً من استكمال تطبيق «اتفاق الطائف»، خصوصاً لجهة اللامركزية الإدارية من دون ذكر إلغاء الطائفية السياسية، ربما لأن الأمر يحتاج إلى إجماع يفوق إرادة رئيس فقد كثيراً من صلاحياته منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني وما بعدها.
إلا أن في برنامج عون نقاطاً أخرى يكفي نجاحه في تنفيذ أي منها، ليكون ذلك من إنجازات عهده، ولعل الأبرز في تلك النقاط تأكيده استقلالية القضاء والأجهزة عن النفوذ السياسي، والتشديد على مكافحة الفساد، إضافة إلى نقطة مهمة أخرى وهي ضرورة عودة النازحين السوريين إلى ديارهم والتزام لبنان الحياد الإيجابي في النزاعات الدائرة حوله. هكذا يتميز عهد الرئيس عون.
مع إعلان الاتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي طرفة مفادها أن أحدهم يقول لصاحبه: عون أكبر من لبنان، فيجيبه الآخر: لا أحد أكبر من بلده! ليعود الأول ويوضح أن لبنان ولد عام 1943، في حين أن عون من مواليد 1933.
الواقع أن هذا التلميح إلى سن الرئيس الجديد للجمهورية قد يكون لمصلحته أكثر من كونه مدعاة انتقاص، ذلك أن الجنرال هو من ذاك الجيل الذي عايش «الزمن الجميل» ما قبل «حرب الـ75» وخدم في مؤسسات لبنان في تلك المرحلة التي تبرز حاجة إلى استعادة بعض من تألقها ورونقها، في وقت لم يعد أبناء الجيل الجديد يصدقون كلامك عما كان عليه لبنان في تلك الأيام ويتهمونك بالمبالغة في السرد.
البارحة تصاعد الدخان الأبيض من مبنى مجلس النواب مؤذناً بانتهاء شغور رئاسي، لم يكن الأول من نوعه لكنه الأطول في تاريخ الجمهورية، وأثار أكثر من تساؤل عن مغزاه في وسط الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، ولانتخاب رئيس في لبنان أكثر من مغزى، لعل أهمها أنه المسيحي الوحيد على رأس دولة عربية.
جسّد العماد عون كل الأمثلة عن المثابرة من نوع «من جدّ وجد» و «من زرع حصد» و «من سار على الدرب وصل»، فكثير من المخلصين له توقف التاريخ بالنسبة إليهم عند عام 1990 حين خرج العماد عنوة من القصر الرئاسي وبعد ذلك إلى منفاه الفرنسي، قبل أن يعود إلى البلاد في أواخر عهد الرئيس إميل لحود، لينتظر لسنوات «استحقاق» العودة إلى القصر، مع نضوج الظروف المحلية والإقليمية التي لطالما وضعته في عين العاصفة، لكنها لم تنل من صلابته ولا استطاعت إجباره على الانحناء.
الرئيس الثالث عشر للبنان، ليس العسكري الأول الذي يصل إلى قصر بعبدا، إذ سبقه إليه كثيرون أولهم وأبرزهم الرئيس الراحل الجنرال فؤاد شهاب، الإصلاحي الذي لُقّب في ما لُقّب، بـ «أبو المؤسسات». كما أن عون ليس الرئيس الأول الذي يتزعم تياراً سياسياً وكتلة نيابية، لكنه قطعاً، الرئيس الأول الذي يجمع بين تاريخ عسكري قائداً للجيش وزعامة سياسية، أي بين إرث من المناقبية والانضباط وتجربة في «اللعبة الديموقراطية» ونسج التحالفات السياسية.
عون الذي زادته السنوات حكمة وحنكة، أعاد تأكيد تاريخه النضالي، في خطاب القسم أمس، تكريماً للذين رافقوه في مسيرته، وتمسكاً بنهجه الإصلاحي الذي لم يمنعه بالتسليم في نهاية المطاف بشرعية مجلس نيابي غمز رئيسه نبيه بري من قناة تشكيك الجنرال به قبل انتخابه، لكن ذلك التشكيك تحول دعوة إلى إصلاح قانون الانتخابات النيابية، في مجمل نقاط أوردها الرئيس الجديد في خطابه واعتبرها برنامجاً لعهده.
لقد حظي خطاب الرئيس عون بإعجاب واسع في تناوله مجمل طموحات اللبنانيين، انطلاقاً من استكمال تطبيق «اتفاق الطائف»، خصوصاً لجهة اللامركزية الإدارية من دون ذكر إلغاء الطائفية السياسية، ربما لأن الأمر يحتاج إلى إجماع يفوق إرادة رئيس فقد كثيراً من صلاحياته منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني وما بعدها.
إلا أن في برنامج عون نقاطاً أخرى يكفي نجاحه في تنفيذ أي منها، ليكون ذلك من إنجازات عهده، ولعل الأبرز في تلك النقاط تأكيده استقلالية القضاء والأجهزة عن النفوذ السياسي، والتشديد على مكافحة الفساد، إضافة إلى نقطة مهمة أخرى وهي ضرورة عودة النازحين السوريين إلى ديارهم والتزام لبنان الحياد الإيجابي في النزاعات الدائرة حوله. هكذا يتميز عهد الرئيس عون.