بعد مغادرته للوطن… رشيد المناصفي يوجه رسالة مؤثرة للملك محمد السادس + (نص الرسالة)
وجه الدكتور والخبير الأمني رشيد المناصفي رسالة مفتوحة إلى جلالة الملك محمد السادس وإليكم الرسالة كما وردتنا:
إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده
الموضوع: كفاءة مغربية تعود للمهجر بعد 12 سنة من المراسلات بهدف خدمة الوطن لكن دون مجيب
سيدي صاحب الجلالة كلي أمل أن تصل رسالتي المفتوحة هاته إلى جلالتكم كونها صرخة مواطن مغربي كان ومازال يريد خدمة بلاده دون مقابل ووضع تجربته في الخارج في خدمة بلده المغرب الذي يحبه بجنون فهذه رسالة أمل وليست رسالة يأس، وأنا ملكي حتى النخاع وشعاري ككل المغاربة الله الوطن الملك.
سيدي جلالة الملك محمد بن الحسن أعزك الله وبارك في عمرك وأعمالك وأقر عينك بولي العهد مولاي الحسن وحفظك في عافيتك ووطنك وشعبك وأسرتك الشريفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
سيدي جلالة الملك بعد تفكير عميق استمر لنحو عامين، قررت طي صفحة من حياتي، وأعلن لجلالتكم بكل حسرة، قرار رحيلي عن أجمل بلد في العالم، المغرب الذي سيظل رفقة الشعب المغربي دائما وأبدا في قلبي وفي روحي.
مولانا المنصور بالله، رحيلي عن المغرب عجل به كوني ومنذ عودتي من السويد حاولت تغيير بعض الأشياء والعقليات لكنني كنت في كل محاولة أصطدم بالحائط ولهذا سأكشف عن مكامن الخلل بدافع الحب للمغرب.
سيدي جلالة الملك، لقد اخترت التعبير عن عدم رضاي عن الرحيل بعد أن راسلت لنحو أكثر من 12 سنة عددا من الوزراء والمسؤولين بهدف جعل خبرتي السويدية وعلاقاتي المتعددة في خدمة بلدي المغرب لكن دون جدوى، ولهذا السبب قررت كتابة هاته الرسالة المفتوحة لجنابكم الكريم، لكن هذا الأمر لن يمنعني من مواصلة حبي للمغرب وللمغاربة، فأنا لا أشعر بخيبة أمل أو بالخسارة لكنني وبكل أسى غير سعيد برؤية وزراء ومسؤولين غير أكفاء يسيرون بلدي ويفكرون في مصالحهم الخاصة والأمثلة كثيرة.
جلالة الملك محمد السادس فخر كل المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، أنا أمثل العديد من المغاربة المنسيين والذين ملوا من رؤية عدد من الأشياء.
لكنني أعتبر بأنه قد حان الوقت بالنسبة لي للرحيل وكما قال مانديلا، “لا أخسر أبدا، فإما أفوز، أو أتعلم”. وفي هذه الحالة تعلمت، أعتقد أنه بإمكاني خدمة بلدي من الخارج.
فرسالة جلالتكم لشخصي بتاريخ 16 غشت 2000، كانت أقوى حافز لكي أعود لبلدي المغرب وأشجع عددا من مغاربة المهجر للعودة لبلدهم الأصلي لكن من المسؤولين من كان له رأي آخر ويحارب كل كفاءات وطاقات هذا البلد.
سيدي جلالة الملك محمد بن الحسن أعزك الله إلى جلالتكم بعض أسباب قرار المغادرة:
1 – المراسلات: منذ 12 سنة، وأنا أكتب عددا من المراسلات وأحاول التواصل مع عدد من الشخصيات، (وزراء، ولاة، ومسؤولين…)، لكي أساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، بمعنى وضع تجربتي وشبكة علاقاتي في النواحي السياسية الاقتصادية رهن إشارة بلدي لكن دون أن أتلقى أي جواب.
2 – الفقر الذي يتزايد والذي ألاحظه خصوصا في المناطق المنسية بل وأحيانا على بعد أمتار من المدن.
3 – التعليم، حاليا يتم إغلاق عدد من المدارس العمومية إلى جانب تدني المستوى والذي لا يساعد سوى على إخراج أجيال تنتمي للماضي أكثر منه للمستقبل.
4 – الصحة توجد في قاعة الإنعاش بدورها. يوميا ولمدة 11 سنة وأنا أعاين وأصادف أناسا يستنكرون وقوع أخطاء فادحة خلال إجرائهم لعدد من العمليات الجراحية والملايين يتسولون لإجراء عملية أو اقتناء دواء.
5 – الرشوة منتشرة بشكل كبير وإذا لم تقدم ورقة نقدية صغيرة أو كبيرة لن تقضي مصالحك والأمر معمم على جميع الإدارات.
6 – اللاعدالة، لا يعقل أن يظل ملف عادي داخل ردهات المحاكم لسنين، ولهذا وغيره يهجر الناس بلدهم ولا يرغبون في الاستثمار داخله.
7 – اللاأمن والذي يتضاعف يوما عن اليوم الذي سبقه. ليس بالقوة نقضي على الجريمة لكن بالذكاء. فحينما تعنف القوات العمومية الأساتذة، الأطباء، الطلبة، فأين هو الأمن في هاته الحالة وكيف يعقل أن يتلقى رجل الأمن التعليمات من أجل تعنيف الدكاترة والأساتذة والأطر العليا.
8 – اللامساواة، نسمع كثيرا بأن تحقيقا ما تم فتحه في ملف ما لكن دون أن يغلق نهائيا، وفي الحالة التي يسرق فيها الفقير بيضة ندينه بسنتين من السجن، في حين يمكن لشخص نافذ أن يفعل ما يشاء دون أن تطاله أية مساءلة.
سيدي جلالة الملك
هناك عدة طرق يستعملها محيطك لإعطائك ومدك بصورة عكسية لما يحصل في الواقع وضمنها بأن الشعب المغربي في أحسن أحواله ويعيش بألف خير ويستعملون آليات وأدوات لتهميش وإقصاء وإبعاد أي شخص يريد بصدق خدمة الوطن خوفا على مصالحهم فيبقى الشخص معزولا إلى أن يستسلم ويرحل لبلد آخر كما وقع معي ومع عدد من المغاربة الذين رحلوا عن المملكة.
وألتمس من خلال هذه الرسالة لجلالتكم
- فتح تحقيق مع هؤلاء المسؤولين الذين لا يتجاوبون مع رسائل المغاربة ولا يتجاوبون حتى مع إرادتكم السامية في الإصلاح إذ يتسببون من خلال أفعالهم تلك في فساد البلاد وهجرة عدد كبير من المغاربة الغيورين على بلدهم.
سيدي جلالة الملك، أتحدى أن يكون قائد أي حزب أو مسؤول أكثر وطنية مني ولن أسمح لأي أحد بأن يشكك في مغربيتي ووطنيتي وإن اقتضى الحال سأكون أول من يحمل السلاح ويدافع عن بلده إذ لدي خبرة واسعة معترف بها عالميا بحيث سبق لي أن فزت بالمسدس الذهبي في الولايات المتحدة وأؤكد بالمناسبة بأن إرجاع الثقة للمغاربة رهين بمحاسبة المفسدين.
سيدي صاحب الجلالة، كل طفل في بلدي يجب أن يتملك ويحس بأمل في النجاح وفي التفوق وبأنه يمكنه أن يحجز مقعده في المستقبل لكن للأسف ليست هذه هي الحالة الكل يفكر في المغادرة وفي الهجرة
سيدي جلالة الملك، أنتم أملنا في مغرب أفضل وفي غد مشرق للمملكة المغربية الشريفة إذ لم تعد لي أية ثقة بالمسيرين ولا أي مسؤول أو بالمنتخبين والدليل هو مراسلاتي لأزيد من 12 سنة لعدد من المسؤولين دون جواب يذكر.
أناشدكم يا صاحب الجلالة، بالتدخل إذ هناك مهاجرون مغاربة يحبون ويعشقون بلدهم المغرب حد الموت ويتوفرون على خبرات وكفاءات عالية ومستعدون لخدمة المملكة لكنهم يصطدمون دوما بالعراقيل فما هو إذن دور وزارة الخارجية في هذا الاتجاه.
سيدي جلالة الملك، المغرب يمتلك أكبر ثروة في العالم وهي الشباب الضائع الذي لا يجد عملا عكس دول أخرى قتلتها الشيخوخة كما أن الشباب المغربي اليوم بات ينتظر أقرب فرصة إما للهجرة والرحيل أو أن تتاح له الإمكانيات لخدمة بلده والنهوض به.
سيدي صاحب الجلالة، في اعتقادي يجب التوقف عن إنجاز عدد كبير من المشاريع فإذا لم يكن هناك تنظيم على مستوى المراقبة أي مراقبة هاته المشاريع لتقليل نهب الأموال والرشوة فكأننا لم نفعل أي شيء.
سيدي جلالة الملك، الشعب المغربي اليوم يحتاج لمدارس ومستشفيات وللأمن وللعدالة إذ كيف يعقل أن الحكومة السابقة شيدت 14 سجنا والحكومة الحالية تفكر في بناء 9 سجون وهذا ما يعني ارتفاع معدلات الجريمة وهل الأمر يفسر بأننا سنعتقل الجميع لكي نبني مغربنا يجب بناء مدارس جامعات شركات لكي يجد الناس عملا ووظيفة.
سيدي صاحب الجلالة، لقد ربطت الاتصال بعدد من المسؤولين عن بلدي لأخبرهم سنتين قبل تفكير دولة السويد في الاعتراف بـ”البوليساريو”، لكن دون جدوى وليتكرر نفس الأمر أي التجاهل والتهميش وعدم التفاعل الذي تعودت عليه لأكثر من 12 سنة مدة وجودي ببلدي المغرب.
مولاي صاحب الجلالة، أتمنى أن تتغير هاته الأشياء لكي تمضي الأجيال المقبلة ببلادنا الحبيبة قدما إلى الأمام ولكي يعود المغاربة المقيمون بالخارج إلى أرض الوطن للمساهمة في تنميته الاقتصادية والاجتماعية.
سيدي ومولاي صاحب الجلالة، حبي لشخصكم الكريم ولبلدي منقطع النظير لذلك كتبت رسالتي أو بالأحرى صرختي لأنني لا أريد أن أسمع في يوم ما عبارة من قبيل ماذا فعلت أو ماذا قدمت من خدمات لبلدك.
والسلام عليكم ورحمة الله
رشيد المناصفي مواطن مغربي
ستوكهولم/ السويد: 17 يونيو 2017