برنامج “بيجاسوس”… إقحام مفضوح للمغرب وصحف كبرى ومنظمات تدعي الحقوق ترسب في امتحان المهنية
منذ أكثر من نحو أسبوع وتقارير صحافية وغير صحافية أجنبية مخدومة ومنتقاة وموجهة بعناية تنهال كالمطر تتهم المغرب بالتجسس على فئة من الصحافيين والمعارضين المغاربة وشخصيات أجنبية… ذكرت في البداية أسماء لكن بعد أن بات السؤال الذي طرح لحظتها ماذا تشكل تلك الأسماء من حيث القيمة المهنية أو المجتمعية تم صرف النظر نحو أسماء أخرى والتركيز حولها بعضها حاليا داخل السجن في قضايا حق عام، تم نشر اللائحة الجديدة حتى تنطلي الخدعة وتستمر الحبكة ولا ينهار السيناريو ويفشل المخرج وفي محاولة لخلط الأوراق، رغم أنه سواء فيما تعلق باللائحة الأولية وما تلاها من لوائح فقد ضمت أشخاصا ليسوا حتى ضمن اهتمامات الرأي العام الوطني حاليا وسالفا فما بالك أن يشغلوا اهتمام وبال دولة.
هذا (العمل) الذي سمته بعض الصحف التي تعطي في بعض المرات الدروس في المهنية (تحقيقا) يفتقد للأسف لأدنى مقومات التحقيق الصحافي فمن بين أبسط أبجديات التحقيق هو أن لا نتهم أحدا ونحن يعوزنا الدليل، فما بالك باتهام دولة كالمغرب لها وزنها ووضعها الدولي بل وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العمل الصحافي تطرح قناة فرنسية تتنفس بتمويل جزائري هي (فرانس 24)، سؤالا مضحكا ما دليل المغرب على عدم استخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”، الإسرائيلي !!! أليس من الأولى أن تجيبنا القناة عينها عن هذا السؤال ؟ فالبينة كما يقول الفقهاء على من ادعى…
لنكن واضحين من البداية في هذا الموضوع تحديدا كما في سابقيه وراء الأكمة ما وراءها في ما بات يعرف لدينا بادعاءات “فوربيدن ستوريز”… بل وتم تكذيب ما نشرته من داخل وحتى خارج المغرب لكن الأشياء التي تهمنا اليوم كمغاربة لماذا اختيار هذا التوقيت بالذات لتنشط كل هذه الماكينة الإعلامية المعادية للمغرب؟؟؟ في سياق تعيد فيه المملكة اليوم ترتيب أوراقها مع كل من جارة السوء الجزائر ومع إسبانيا وألمانيا ومع كل من يتجرأ على المساس بالقضايا الاستراتيجية الوطنية… ثم من هي الجهات التي باتت منزعجة إلى هذا الحد من المغرب لكي تدفع وتصرف كل هذا الحقد واختلاق مثل هكذا قصص عبر مراكز دولية في خدمة من يدفع وجرائد دولية تابعة وخاضعة لمنطق توازنات معين.
في موضوع فيلم “بيغاسوس”، فلنتفق جيدا أن مخرجه يستحق جائزة أوسكار في سعة الخيال والمخيال وتماهى مع كذبته وصدقها بل وأصبح يطالب المغرب بتقديم دليل على براءته فكيف يقدم المغرب دليلا على براءته في ظل عدم وجود تهمة أصلا وعدم استطاعة أي جهة ربط وإلصاق ما يروج حول البرنامج التجسسي “بيغاسوس”، بالمغرب بشكل مباشر وعلمي وبحضور دليل لا يدع مجالا للشك بل كل التقارير التي نشرت وردت ضمنها عبارة من المحتمل أن يكون قد استخدم في التجسس على فلان وعلان… وعبارات من قبيل لم يتسنى للفريق التقني التحقق من !!! بالله عليكم أي منطق هذا وأي صحافة هاته.
فلنتفق أولا على شيء واحد وحق أساسي في هذا الموضوع ليس للمغرب أي عقدة إن هو رغب أن يتجسس أو أن لا يتجسس في زمن باتت فيه المعلومة الاستخباراتية ذات قيمة ومن يكسب الحرب الاستخباراتية كسب أكثر من نصف الحرب على الأرض، والدليل المعلومات الحاسمة والثمينة التي قدمها المغرب لعدد من دول الغرب جنبتها حمامات دم ومخططات دواعش من الخطورة بما كان وبالتالي المغرب ليس اليوم في حاجة للدفاع عن نفسه وليست لديه عقدة أو إحساس بجرم غير موجود أصلا.
المسألة الثانية المغرب اليوم ليس في موقف دفاع عن النفس وليس محشورا في زاوية كما يحاول جزء من الإعلام الأجنبي تصوير ذلك مرفوقا ببعض خونة الداخل الذين يتلذذون اليوم وتتراقص سوءاتهم فرحا مباشرة بعد أن بدأت هاته التقارير الممنهجة تتداول على الساحة، وهناك ألف دليل على أن المغرب ليس في الزاوية كما يظنون هو التعامل بدم بارد مع ما نشر وينشر لافتقاده لأي قيمة ومصداقية فقط خرجت الحكومة المغربية لتنفي الادعاءات التي تم ترويجها هناك وهنا كما أعلنت النيابة العامة المغربية فتح تحقيق في هاته الادعاءات أي سلك مسطرة التقاضي إذن هما خطوتان عمليتان فقط مع الاكتفاء بتتبع الموضوع وتطوراته في سياق عام مع العمل بما ورد في قوله تعالى “قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”، صدق الله العظيم.
نقطة جوهرية أخرى ينبغي التركيز عليها هنا في محاولة الفهم هاته للخيط الناظم الذي يحرك أعداء المغرب اليوم خارجيا وحتى داخليا مع درجة عالية هاته المرة في خيال مخرج هذا الفيلم الرديء والسمج والذي لن يحقق بفضل وعي المغاربة والبشرية في كل مكان أي إيرادات.
من باب العلم فقط إن مصاريف أو الميزانية الكافية لاقتناء برنامج “بيجاسوس” التجسسي الذي صنع في إسرائيل قد يتجاوز ميزانيات قطاعات حكومية مغربية مجتمعة ولن يقدر على تأمينه جهاز الاستخبارات الداخلية المغربي لأن تكاليف “بيجاسوس”، تفوق حتى ميزانية هذا الجهاز والذي حتى لو افترضنا جدلا أنه اقتنى البرنامج فهل ليراقب به صحافيين مغاربة لا يشكلون أي وزن في المعادلة ولا حتى أبسط تهديد للأمن الداخلي القومي بل كل من وردت أسماءهم في اللوائح مجتمعة لا يشكلون أدنى تهديد للأمن القومي المغربي سواء المغاربة أو الأجانب فهل يعقل أن يتجسس المغرب مثلا على إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا الدولة الصديقة للمغرب والتي لا تشكل لا هي ولا رئيسها ولا حتى مؤسساتها أي تهديد للأمن الداخلي المغربي ويترك الجزائر وصنيعتها “البوليساريو”، أو هاتف المدعو إبراهيم غالي أو وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة لايا في عز الأزمة وفي ذروة الاشتباك الدبلوماسي دون مراقبة وتجسس فالتجسس يكون لأهداف محددة تعود بالنفع على البلد وقد تجنبه خطر تهديد محتمل فما التهديدات التي يمكن أن تشكلها الأسماء المسربة وماذا سيجني المغرب من اقتناء برنامج بملايين الدولارات لمراقبة من روجت أسماءهم كذبا وزورا وبهتانا وقلبا للحقائق.
يبدو أن خيال المخرج العالي جدا كما أسلفنا لم يجعله يكتف بهذا الحد لينشر لنا ما يمكن تسميته بالنوتة الخاطئة على حد تعبير أهل الموسيقى حين زعم أن برنامج بيجاسوس استخدم من قبل المسؤولين المغاربة للتجسس حتى على ملك البلاد فأي كلام هذا وأي اتزان في عقل قائله فرئيس الدولة كما هو معروف ترفع إليه التقارير حول وضع وحالة البلد ولا يمكن أن يكون هو هدفا لأي عمل استخباراتي كيفما كان نوعه فما قيل بهذا الشأن كلام لشخص يحاول إضفاء طابع الإثارة والتشويق على فيلمه ويسعى لأن لا تكون النهاية مملة فلا يمكنك إقناع حتى الطفل الصغير بأنه يمكن لأي جهاز استخباراتي في العالم أن يضع رئيس البلد أي رئيس الدولة كهدف محتمل للتنصت الهاتفي والتجسس كل هاته الأشياء وغيرها وما أشرنا له سلفا ينتهي دون لف ولا دوران لشيء محدد هناك جهات كثيرة داخليا وخارجيا لا تنظر بعين الرضا لما يحققه المغرب وليست منظمتا العفو الدولية و”فوربيدن ستوريز” وقناة “فرانس 24″… سوى الواجهة الأمامية التي تخفي الأفاعي، وما يحدث هذه الأيام فيه شيء إيجابي نوعا ما المغرب تحول لرقم صعب ومعادلة وازنة يصعب كسرها وهاته الجهات هي معروفة وتختلق في كل ما مرة معركة بطعم ولون مختلفين لكن للمغرب رب وملك يحميه ومؤسسات وطنية قادرة على قراءة خارطة المخاطر والدفاع بكل ما يلزم عن الوطن.