3 نونبر 2024

الأمم المتحدة: المرتزقة الروس في أفريقيا لا يقومون بتقديم استشارة للحكومات بل متهمون بارتكاب جرائم الحرب

الأمم المتحدة: المرتزقة الروس في أفريقيا لا يقومون بتقديم استشارة للحكومات بل متهمون بارتكاب جرائم الحرب

كشف تحقيق للأمم المتحدة أن المرتزقة الروس في أفريقيا لا يقومون بتقديم استشارة للحكومات التي يعملون معها، بل هم مسلحون يقودون القتال ومتهمون بارتكاب جرائم الحرب.

وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” لمراسلها في أفريقيا ديكلان وولش، قال إن المرتزقة الروس الذين نُشروا في دولة أفريقية هشة قتلوا المدنيين ونهبوا البيوت وأطلقوا النار على المصلين في مسجد أثناء عملية عسكرية كبيرة بداية هذا العام. وكشفت الصحيفة أن الاتهامات وردت في تقرير قُدم إلى مجلس الأمن الدولي حصلت عليه، والذي وثق جرائم ارتكبها المرتزقة الروس في جمهورية أفريقيا الوسطى، الدولة الفقيرة، والغنية بالمعادن وتعيش حربا أهلية منذ عقد تقريبا.

وكشف التقرير أن المرتزقة الروس الذي تم تقديمهم على أنهم مستشارون غير مسلحين للحكومة، قادوا عمليات عسكرية كبيرة وأنشأوا مراكز تنقيب عن الألماس الذي تحتوي عليه البلاد بكثرة، بالإضافة إلى الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحكومة والمرتزقة تشمل على “استخدام القوة المفرطة والقتل بدون تمييز واحتلال المدارس والنهب على قاعدة واسعة، بما في ذلك المنظمات الإنسانية”.

واشتمل التقرير على أدلة مصورة وشهادات موثقة من السكان المحليين والمسؤولين. واستعانت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى بالمرتزقة الروس عام 2017 كي تستعيد السيطرة على تجارة الألماس من المتمردين والعمل على وقف النزاع الذي قتل الآلاف وشرد الملايين منذ عام 2012.

وعرض الكرملين إرسال مدربين عسكريين للمساعدة على تدريب قوات أفريقيا الوسطى في مهمة باركتها الأمم المتحدة والتي أصدرت قرارا في 2013 استثنى أفريقيا الوسطى من حظر تصدير السلاح. واتضح سريعا أن المدربين الروس لم يكونوا سوى مرتزقة يحملون السلاح، وتطورت العملية إلى مهمة مستترة لبناء التأثير الروسي وتحقيق صفقات تجارية في أفريقيا، بما في ذلك عقود ألماس لمنفعة رجال الأعمال المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين.

وبسرعة، تورط الروس في السياسة والأمن بجمهورية أفريقيا الوسطى، وتحولوا إلى حراس أمنيين لحماية الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، فيما عمل مدير مخابرات روسي سابق مستشارا أمنيا له. ومع أن المسؤولين الروس لم يعترفوا إلا بوجود 550 مدربا في البلد، إلا أن تقرير الأمم المتحدة يشير إلى أن العدد وصل أحيانا إلى 2100 شخص. ومعظم الشركات التي تقوم بتوظيف المدربين مرتبطة بيفغيني بريغوجين، المعروف بطاهي بوتين والذي اتهمته الولايات المتحدة في 2019 بتمويل “حرب المعلومات” لإرباك الانتخابات الأمريكية عام 2016.

وسيصدر تقرير الأمم المتحدة هذا الأسبوع، ويقدم تفاصيل عن انتهاكات حدثت في فترة مضطربة شهدتها المستعمرة الفرنسية السابقة. ففي نهاية ديسمبر، حاول تحالف من المتمردين التخريب على الانتخابات، وشن هجوما عسكريا على العاصمة بانغي للسيطرة على السلطة، لكن المحاولة فشلت. وفي منتصف يناير، بدأت الحكومة حملة واسعة للرد على الهجوم واستطاعت في النهاية إخراج المتمردين من عدة مدة كبرى.

وفي الشهادات التي اشتمل عليها تقرير الأمم المتحدة، أخبر شهود عيان أن المدربين الروس المفترض أنهم مدنيون، قادوا قوات الحكومة في المعركة “وتقدموا في المدن الكبرى والقرى” حيث ارتكبت جرائم ضد المدنيين. وقام المتمردون بتجنيد الأطفال ومهاجمة قوات حفظ السلام ونهب جماعات الإغاثة الإنسانية واغتصاب النساء، حسبما ورد في التقرير.

وفي الشهر ذاته (ديسمبر)، فتح متعهدون أمنيون روس، النار على شاحنة تقدمت نحو حاجز تفتيش في مدينة غريماري وقتلوا 3 مدنيين وجرحوا 15 آخرين، حسب التحقيق الأممي. ثم هاجمت القوات الحكومية التي قادها الروس في شهر فبراير مسجد التقوى في بامباري، حيث اختبأ المتمردون بين المصلين. وقتل 6 مدنيين على الأقل عندما هاجم الروس المسجد وفتحوا النار من أسلحتهم. ووثق التقرير مقتل خمسة مدنيين آخرين على يد القوات الروسية بمن فيهم اثنان من أصحاب الاحتياجات الخاصة، واتهمهم بنهب المال ودراجة نارية وأشياء ثمينة أخرى أثناء البحث. ونفى الروس قتل قواتهم المدنيين أو ارتكاب انتهاكات. وأخبر المنسق العسكري الروسي في بانغي، المحققين أن المتمردين تحصنوا في المسجد وأطلقوا منه النار، ونفى دخول الروس إلى المسجد أو إطلاقهم النار على المدنيين.

وظهر المتعهدون الروس في السنوات الماضية في مناطق عانت من نزاعات أهلية، من ليبيا إلى موزمبيق وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. وقتل 3 روس في مايو على الحدود بين تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. كما اعتقل هذ الشهر 10 روس في شمال تشاد حيث تخوض الحكومة معارك ضد المتمردين.

وقال أحد الروس لوكالة أنباء رويترز، إنهم كانوا يتجولون في الصحراء. وارتبط بريغوجين بعمليات في سوريا وليبيا من خلال شركة التعهدات الأمنية “فاغنر”، وأصبح اسمها قرينا في جمهورية أفريقيا الوسطى بالشركات الباحثة عن عقود الماس. وفي عام 2009، قُتل ثلاثة روس عندما كانوا يحققون في رابطة بريغوجين بتجارة الذهب والماس في البلاد. ووعدت السلطات المحلية بتحقيق، لكن لم يتم اعتقال أو إدانة أحد.

ولاحظ تقرير الأمم المتحدة أن “المتعهدين الروس لهم حضور بارز في مراكز التعدين الرئيسية”، لكنه لم يقدم تفاصيل عن طبيعة عملهم. وفي مارس، اتهمت مؤسسة أخرى في الأمم المتحدة شركة مرتبطة ببريغوجين بممارسة القتل خارج القانون والتغييب القسري والتعذيب.

وفي رسالة من مجموعة العمل بشأن استخدام المرتزقة إلى مدير شركة “لوباي إنفست” جاء فيها: ” شوهد المتعهدون الأمنيون في أكثر من مرة يشاركون في أعمال عدائية بل وتعرضوا لأضرار جسدية، جرحوا أو قتلوا”. و”تشير التقارير إلى انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها الاغتصاب والقتل الفوري والقتل المستهدف والتعذيب والتغييب القسري والاغتيال وغير ذلك من الانتهاكات التي ارتكبها الروس الذين شاركوا في عمليات القوات الحكومية.

ومع تعمق الروس في جمهورية أفريقيا الوسطى، قاموا بشن حملة دعائية للحصول على دعم الرأي العام. وفي الأشهر الأخيرة ظهر فيلم صوّر الروس بالأبطال في تذكير بفيلم العام الماضي عن ليبيا، حيث صوّر روسيين معتقليْن في ليبيا ومرتبطان ببريغوجين بصورة جيدة. لكن محققي الأمم المتحدة لديهم رؤية مختلفة، وهي أن انتهاكات الروس في جمهورية أفريقيا الوسطى قادت لعمليات انتقامية ضد المدنيين و”تطيل دوامة العنف في البلد”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *