الأستاذ رشيد لبكر في قراءة للخطاب الملكي الموجه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء
الدكتور رشيد لبكر أستاذ القانون العام
كان خطاب صاحب الجلالة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، رسالة واضحة لتأكيد مغربية الصحراء على أرض الواقع الفعلي، بما انجز وينجز في الجهات الصحراوية من مشاريع وما تستثمر علي أراضيها من ميزانية لتحقيق الاقلاعين الاقتصادي والاجتماعي، جاء هذا الخطاب في ظرفية خاصة تتميز اولا بتفاعلات ما بعد قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2654، ثم اختتام قمة جامعة الدول العربية، لذا فقد حرص جلالته على ان تكون كلماته منتقاة بعناية، و مضامينه مختصرة وشديدة التركيز، ينهل من قاموس التنمية والاقتصاد وينأى عن سجال السياسة الذي لا ينتهي عند حد ، غايته القول، إن مغربية الصحراء، التزام وطن ومشروع أمة ، توافق الملك والشعب، على يكون الدفاع عليه بالمنجزات المحققة في الميدان والمدعمة بالإحصاءات والأرقام، وليس بالادعاءات والبروبغاندا، اعتقد إذن، ان خطاب صاحب الجلالة، هو رد واقعي يدحض كل المناوشات المغرضة ويقدم ترجمة عملية لعبارة المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها، تكفي الاشارة في هذا الباب، إلي ان المشاريع الضخمة التي التزم المغرب بتحقيقها لفائدة تراب وساكنة الجهات الصحراوية منذ 2016، قد رأت النور بنسبة تفوق 80 في المائة وأوشكت الأشغال فيها علي الانتهاء، بمعني ان “قول وفعل” هو شعار الدولة في سياستها اتجاه هذا الجزء الهام من تراب المملكة، ولعل مشروع الطريق السريع الذي سيربط الداخلة بتزنيت، الذي أكد صاحب الجلالة انه سيري النور قريبا، وحده يقف شاهدا – وبغض النظر عن المشاريع المهيكلة الأخرى- عن جدية الفعل المغربي وعن التضحيات والجهود الاي يبذلها لفائدة مواطنيه من ابناء الصحراء، هذا دون الحديث عن ميناء الداخلة وغيرها من مشاريع عددها الخطاب الملكي، ونري انها ستجعل من منطقة الصحراء قطبا اقتصاديا وطنيا مهما ووجهة استثمارية كبيرة. تعد بآفاف واعدة للرأسمال المحلي والخارجي، مع ما ستحدثه من فرص للشغل ورفع لمستوى عيش أبناء المنطقة، من هنا أقول إن رسالة خطاب صاحب الجلالة واضحة ، عملية، واقعية و استشرافية.
من جهة أخرى، حرص الخطاب علي ترسيخ العمق الافريقي للمغرب، وعلي نظرته الشمولية والبعيدة المدي اتجاه هذا الانتماء، من خلال تأكيده علي ان مشروع أنبوب الغاز القاري الذي سيربط بين نيجيريا واوروبا عبر التراب المغربي، هو ليس مشروعا يهم هذين البلدين فقط، بل هو مشروع كل بلدان افريقيا الغربية، من خلاله سيتم تامين السيادة الطاقية لكل هذه البلدان تطبيقا لمعاهدات التعاون والشراكة والاخوة التي سعي المغرب منذ سنوات إلى ربطها وترسيخها مع هذه الدول، واعتقد ان هذه الاشارة لا تخلو هي الأخري من رسائل علي غاية من الاهمية، اولها ان مشروع الانبوب حقيقة واقغية سترى النور قريبا ضد من يشككون في إمكانية تحققها بنشر الإشاعات والمغالطات، وثانيها، أن قرار المغرب التوجه نحو أفريقيا وملىء الكرسي الفارغ بها، كان قرارا استراتجيا، سياديا، يعبر عن توجه إرادي مدروس، يقرن هو الآخر القول بالعمل، وها هي نتائجه علي وشك الخروج إلي مسرح الواقع، بالحقيقة والبيان