2 نونبر 2024

احتفاء بالتميز المغربي.. إحياء أمسية استثنائية خاصة بعروض القفطان اليهودي – المغربي بقصر السعدي بمراكش

احتفاء بالتميز المغربي.. إحياء أمسية استثنائية خاصة بعروض القفطان اليهودي – المغربي بقصر السعدي بمراكش



في إطار شراكة ما بين منظمة “تلاميذ إسكوفيي – المغرب” ومؤسسة عروض الأزياء الشرقية التي ترأسها هند جودار.، احتضن قصر السعدي بمراكش مساء السبت الأخير، عرضا استثنائيا راقيا بامتياز، لسلسلة فذة من القفاطين المستلهمة من عبق التراث الثقافي المغربي اليهودي المشترك، من إعداد وتقديم أيقونة القفطان المغربي الصانعة و المصممة والمبدعة الرائدة فاطمة الزهراء الفيلالي الإدريسي المعروفة بسجلها الزاخر بالمشاركات المتميزة بالعديد من المهرجانات الوطنية والأوروبية والأمريكية والشرق أوسطية وبالجوائز العديدة التي أحرزتها اعترافا بمهاراتها الصناعية والفنية وجودة إبداعاتها المبتكرة و الراقية.
ومن أهم ما تميز به هذا العرض الذي مر في أجواء احتفالية تخللتها مختارات موسيقية وطربية مغربية يهودية حظيت بالكثير من الإعجاب لدى الحضور، هو احتفاؤه بشكل حصري ولأول مرة بأحد الملامح الأساسية المشكلة للتميز المغربي، وأساسا منه المشترك الثقافي المغربي اليهودي، حيث ينضاف إلى عنصر الطبخ الذي يحظى باهتمام ملتقى إسكوفيي المغرب في دورته الحالية، الزي التقليدي الراسخ بأصالته وفخامته، القفطان )”اللبسة الكبيرة” على حد تعبير اليهود المغاربة (الذي ينسج نموذجا يهوديا مغربيا توحده الكثير من أوجه التشابه والالتقاء من حيث الألوان، ونوعية الأثواب، و اساليب الفصالة وصنوف التطريز والتوشيح والترصيع.. رغم نقط التباين ذات البعد الثيولوجي وغيرها من التراكمات الثقافية والحضارية الطارئة.
ليتأكد بالتالي من خلال هذا العرض أن القفطان المغربي لم يكن ابدا أحادي النمط،، بل كان دائما موسوما فضلا عن تعدد وتنوع التلوينات المحلية، بعديد مؤشرات دالة على كونه حوضا لعدة روافد فينيقية ورومانية و إسلامية وعربية وأمازيغية و أندلسية، ويهودية وأوروبية..إلخ، بما يعكس التعدد والتنوع الذي يشكل غنى وخصوصية المغرب الثقافي. الأمر الذي يجعل اليوم من القفطان المغربي لباسا عابرا لمختلف الأقطار، لاسيما مع نجاحه في استقطاب اهتمام الكثير من مشاهير الزبائن والشخصيات والفنانين والفعاليات وعيرهم من عشاق المودة بعدد من أبرز المعارض العالمية.
وفي هذا السياق أعربت المصممة فاطمة الزهراء الفيلالي الإدريسي عن مدى سعادتها بمشاركتها في إحياء هذه الأمسية الهامة التي كانت مبرمجة بهذه التظاهرة المتعددة الدلالات والأبعاد لما ترسخه من قيم الانفتاح والتسامح والاعتراف والوفاء والتقاسم والتعاون والتبادل والتكوين والترويج للعلامة المغربية وتجسيد فخر الانتماء لهذا البلد العريق والزاخر والغني بتعدد وتنوع ثقافته غير المادية بما فيها الطبخ والقفطان وبعض الأنواع الموسيقية وغيرها من العناصر والتقاليد الأصيلة والراسخة التي من شأن ترصيدها وحمايتها وتطويرها وتثمينها وترويجها أن يشكل رافعة أساسية لإشعاعه وجاذبيته السياحية وديبلوماسيته الثقافية الموازية وحواره الحضاري ونموذجه التنموي المنشود الذي يسعى إلى انعكاس خيرات البلاد على سائر المواطنات والمواطنين.
منوهة بالمناسبة، لحسن الصدف على حد تعبيرها، بأهمية المبادرة المولوية السامية مطلع الأسبوع المنصرم، التي تتجلى في إعلان جلالته عن إحداث مركز وطني للتراث الثقافي غير المادي ودعوته بالموازاة إلى توطيد التعاون الدولي المتعدد الأطراف في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي وتبادل التجارب والأفكار في سبيل صونه وتطويره وتثمينه، مع البحث عن أنجع السبل لتربية الناشئة على أهمية تراثنا والاهتمام به كإرث بشري غني بروافده المتعددة وروابطه التاريخية الضاربة في عمق التاريخ.
وبالإضافة إلى افتخارها واعتزازها بهذه المبادرة والدعوة الملكية السامية، أبت فاطمة الزهراء الإدريسي إلا أن تنقل مدى سعادة واعتزاز العارضين و المهنيين والمصممين والصناع التقليديين وغيرهم من العاملين في المجال، وهي من ضمنهم، بجهود بلادنا المبذولة من أجل تسريع إدراج لباس القفطان التقليدي المغربي على قائمة التراث الثقافي العالمي باعتباره مكونا للهوية المغربية ضمن قائمة التراث الإنساني، علما أن تاريخ القفطان المغربي يعود لمائتي سنة. وإن كان البعض يؤكد على أنه أعرق من ذلك بكثير، حيث يعود وفق مصادر تاريخية، إلى القرن الثاني عشر ميلادي، أي إلى عهد الموحدين.
والجدير بالإشارة أن فعاليات ملتقى “تلاميذ إسكوفيي – المغرب” المنظم تحت الرعاية الملكية السامية في دورته الثالثة انطلق من فاتح دجنبر الجاري بمراكش، بإشراف كل من الطاهي غيوم غوميز، سفير فن الطبخ الفرنسي بالعالم، وفيليب فور سفير فرنسا السابق بالمغرب ، شهد حضورا فعليا وازنا للعديد من الفعاليات البارزة المعربية اساسا واليهودية والفرنسية، بمن فيهم طهاة دوليين و غيرهم من الطباخين وصناع الحلويات ومنتجين من الذين سيتم اعتمادهم كتلاميذ جدد ضمن مؤسسة إسكوفيي، وكذا عدد من السياح و الفنانين والمبدعين والمصممين و العشاق والشغوفين بكنوز التراث الثقافي المغربي اللامادي العريق، المتعدد والمتنوع. علما أن منظمة تلاميذ اسكوفيي الدولية، التي تأسست سنة 1954 التي انضم إليها المغرب سنة 2020، تضم في الوقت الراهن أكثر من 40 ألف تلميذ في أكثر من 38 بلدا، وهي أكبر جمعية لفن الطبخ في العالم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *