3 نونبر 2024

إلى جانب الفنانين العالميين بول غوغان و بول سيزان لوحة منفردة للفنانة الشعيبية طلال بالمتحف الوطني في الدوحة

إلى جانب الفنانين العالميين بول غوغان و بول سيزان  لوحة منفردة للفنانة الشعيبية طلال بالمتحف الوطني في الدوحة

خصصت القناة الألمانية “دويتشه فيله” أخيرا ربورتاجا حصريا حول مقتنيات المتحف الوطني في الدوحة التي اعتبرتها جريدة الغارديان اكبر مقتنية للفن الحديث ، وسلطت الضوء على أعمال كبار الفنانين، منهم الفنان الفرنسي بول غوغان، والفنان العالمي سيزان من خلال لوحته الشهيرة “لاعبو الورق”. ومن العالم العربي وتحديدا من المغرب، كانت نماذج من أعمال الفنانة الراحلة الشعيبية طلال تجاور أعمال الفنانين المشهورين على الصعيد العالمي. وقال صحافي القناة الألمانية المذكورة إن الشيخة المياسة آل ثاني شقيقة الامير قطر اشترت لقطر القطعة المفقودة من اللغز،وهي بالمناسبة رئيسة مجلس امناء متاحف قطر .وقد لقيت هذه الاعمال الفنية اعجابا كبيرا من طرف ضيوف شرف افتتاح هذا المتحف النموذجي في العالم العربي امثال جوزيه مورينيو ،جون يديب ،فيكتوريا بيكهام،كارلا بروني ونيكولا ساركوزي اضافة الى مصممي دور الازياء العالمية مثل فالتينيو وبالمان ،هذا المتحف الذي صممه المهندس الفرنسي جون نوفيل الذي انجز ايضا متحف اللوفر في ابو ظبي .هذا وقد اعتبرت نيويورك تايمز هذه المبادرة الفنية منذ عام 2008 أحدث خطوة في سباق التسلح الثقافي والمعماري في الخليج .رهان ينضاف الى امتلاك المطارات المتطورة والأبراج العالية والمؤسسات المالية لتحقيق القبول والاحترام الدوليين ،وتطوير السياحة الداخلية عبر زيارة المتاحف العالمية حسب مصدر ارتسي .

لقد اكتسبت الشعيبية شهرة عالمية كنموذج للمدرسة العفوية في الإبداع التشكيلي. عرفت بمسارها العصامي الذي حولها من أرملة فقيرة إلى صاحبة اسم لامع في سوق اللوحات. فتحت الطريق في المغرب وغيره من البلدان للاعتراف الفني بإبداعات تتميز بالعفوية والخروج عن قواعد التصنيف الأكاديمي.
ولدت الشعيبية طلال عام 1929 في قرية اشتوكة في مدينة أزمور بالمغرب. وفتحت عينيها على فضاء يجمع بين الطابع البدوي الفلاحي والقرب من الساحل الأطلسي. لم تدم طفولتها القروية طويلا حيث انتقلت للعيش عند عم لها بالدار البيضاء وهي ما تزال في السابعة من عمرها لتسرق طفولتها مرة ثانية حين تتزوج في سن 13.
لم تنل الشعيبية طلال حظا من الدراسة ولا من أي تكوين فني علمي. ويبدو أن ذاكرة الطفولة ومشاهداتها وأحلامها شكلت الخزان البصري الذي ظلت تنهل منه في اكتشافها المتأخر لعالم الألوان.
ولعل ولع ابنها الصغير بالرسم في المدرسة هو ما استفز تلك الحاجة الغامضة التي كانت تسكنها منذ زمن للتعبير عن ذاتها. هكذا اهتدت إلى اقتناء أدوات الرسم الذي أصبح شغفها الحيوي كل مساء، بعد أن تنهي ساعات الخدمة في البيوت من أجل تأمين لقمة عيش لها ولابنها، بعد أن رحل عنها زوجها مبكرا إلى دار البقاء، وهي في الـ15 من العمر.
انفتح أمام الشعيبية باب الاحتراف الفني والمعارض الوطنية والدولية بعد اكتشاف مواهبها صدفة من طرف الناقد الفرنسي بيير غودبير، مدير متحف الفن الحديث بباريس سنة 1965 بعد أن جاء في زيارة لابنها الرسام الشاب حسين طلال، فكانت الانطلاقة في العام الموالي بمعرض بالدار البيضاء ومعرضين آخرين بالعاصمة الفرنسية باريس.
وتوالت بعد ذلك مشاركات الفنانة العصامية عبر أرقى دور العرض العالمية، إلى جانب أعمال مشاهير الفن التشكيلي من قبيل بيكاسو وميرو.وبينما قوبلت أعمال الشعبية بترحيب وانبهار شديدين في الغرب، واجهت في مرحلة أولى موقفا محتقرا من بعض النقاد وأفراد الوسط التشكيلي المغربي، الذين اعتبروا لوحاتها فاقدة للمعنى التشكيلي ومجرد خطوط ساذجة لا ترقى إلى جدارة القطعة الفنية.وقد تبدد هذا الموقف تدريجيا مع الإقرار بوجود تعبير فني أصيل متحرر من الهم المعرفي والتقعيد النظري المدرسي.
ظلت أعمال الشعيبية عبر مسارها الفني مطبوعة بذكريات الطفولة وما اختزنته من علاقة مباشرة بالطبيعة بسهولها ومشهدها البحري، بربيعها وأزهارها، وأيضاً بوجوه تتنوع بين الفرح والأسى.
منذ 1966، حرصت الشعيبية على تنظيم معارض للوحاتها والمشاركة في معارض دولية كان من بينها معرض كوبنهاغن عام 1969، ومعرض بجزيرة إيبيزا بإسبانيا سنة 1974، ثم معرض الحقائق الجديدة في باريس في السنة نفسها.وشاركت سنة 1980 في معرض الملاك بروتردام الهولندية، ومعرض تشكيلي ببرشلونة الإسبانية، كما سافرت إلى سويسرا سنة 1989 للمشاركة في معرض برواق المربع الأبيض.وعرضت الشعيبية لوحاتها سنة 1993 في معرض بمتحف سانت أنغريت بألمانيا.
حصلت الشعيبية على الميدالية الذهبية للجمعية الأكاديمية الفرنسية للتربية عاما قبل وفاتها. وأدرج قاموس “لاروس الفن بالعالم” اسمها بصفحاته، وخلال عام 1977، دخلت القاموس المرجعي بيزينيت”.انضمت أعمالها إلى مجموعات عدة دول من بينها فرنسا، وإيطاليا، واليابان، وسويسرا، والهند، وأستراليا، وبريطانيا العظمى، والولايات المتحدة.
وقد خص قاموس أكسفورد الدولي للأعلام بنيويورك الفنانة الراحلة بمادة تعريفية في المؤلف المرجعي “معجم تراجم الفنانين الأفارقة”، أنجزتها الناقدة ومؤرخة الفن أوزير غلاسيي. وتوفيت الشعيبية طلال يوم 3 أبريل عام 2004.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *