إسبانيا بين أنياب التطرف… قراءة حالة
أسامة سعدون من إسبانيا
اليمين المتطرف وبتنسيق مع الحزب الشعبي، يواصلون مظاهراتهم اليومية ، أو ما أصبحت معروفة بمناوشات الاغنياء، لا هدف لديهم سوى خرق الحجر الصحي و إدانة الحكومة في مدريد، كخطوة نحو افق الاطاحة بها، وليس غريبا ان يطلب رئيس حزب فوكس علانية ومن داخل قبة البرلمان من الجيش والملك التدخل للاطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا وتعويضها حسب قوله بحكومة استثنائية، كل هذا والحزب الشعبي بقيادة كاسادو عوض القيام بدوره التاريخي كحزب مؤسساتي والشروع في معارضة مسؤولة.
نجده قد تخلى نهائيا عن مهامه الوطنية ليرتمي في أحضان الشعبوية، بايعاز ودعم من منظرهم واستاذهم خوصي ماريا اثنار، صاحب قرار ادخال اسبانيا في الحرب مع العراق و أيضا في مشاداته مع الجارة الجنوبية المملكة المغربية حول جزيرة ليلى
هي مناوشات لا أقل ولا أكثر ولكن يمكن إن استمرت طويلا ان تهدد السلم الاجتماعي الهش وايضا ان تعصف بالتماسك الجهوي الضعيف .
اليمين لم يتقبل يوما نجاح اليسار انتخابيا، نرى ان رجال الأعمال الباطرونا تحديدا والمؤسسات الاعلامية تقريبا غالبيتهم َ يعملون بمنطق اللوبي الضاغط بشكل ممنهج وعلانية على تشويه حكومة اليسار و البحت اليومي عن اضعافها كمحاولتهم مؤخرا التشويش على القرارات الاجتماعية المهمة لصالح الفئات الهشة و الفقيرة و محدودة الدخل التي اتخدتها حكومة اليسار بمكوناتها و على راسهم الحزب الاشتراكي العمالي و بوديموس..
هي حرب بلا هوادة، و إن كانت ازمة تفشي جائحة كورونا في كل بقاع العالم قد وحدت الاطياف السياسية و التنظيمات الاهلية لمواجهتها بكل وطنية. فإن الحالة الاسبانية حالة استثنائية، حيث المعارضة اليمينية أودعت العشرات من الشكاوي لدى المحكمة الدستورية بغية عرقلة قرارات الحكومة او تأخير تنزيلها. لا يمكن لبلد ان يرسخ حماية برلمانه باعتباره ممثلا للإرادة الشعبية في غياب احزاب تحترم ابجديات اللعبة الديمقراطية.
إن إسبانيا تعيش مفترقا فاصلا، اما ان تنتصر الحكمة او ان تنجر نحو المجهول و نحو العنصرية و الغوغائية، و تبقى فقط يقظة اليسار و ما يدور في فلكه احزابا ونقابات ومجتمعا مدنيا، و الانتلجنسيا الوطنية من يمكنهم وقف زحف اليمين المتطرف..