أمين معلوف يفوز بجائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا للأدب
فاز الكاتب اللبناني – الفرنسي أمين معلوف الخميس بجائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا (غاف) عن كتابه “غرق الحضارات” الذي يخوض في الأزمة التي يتخبط فيها العالمان العربي والغربي.
وقال معلوف في بيان نشرته المجموعة المانحة للجائزة “قد يحصل عند انتهاء الاضطرابات ما يشبه العودة إلى الوضع الطبيعي، لكن ذلك سيكون مضللا حكما. فقد حصل تغيّر حقيقي في حياتنا وهذا الأمر سيطول”.
وقال لوكا نيكوليسكو رئيس مجموعة “غاف” القائمة على الحدث وسفير رومانيا لدى باريس خلال تسليم الجائزة إن الكتاب الفائز الصادر سنة 2019 عن دار غراسيه للنشر “كُتب قبل الجائحة لكنه يتماشى مع الواقع الحالي والتطورات التي نعيشها”.
وأضاف “إذا ما أردنا إعادة صياغة مفردات معلوف، هل تستعجل حضاراتنا الغرق، أم على العكس، ستؤدي الجائحة إلى هبّة وصحوة؟”x
وفي “غرق الحضارات” يسلط معلوف الأضواء على أحوال العالم راهنا، مركزا بالخصوص على العالم الغربي، والعالم العربي، ودارسا بدقة وواقعية “الملاحظ المتشبث بعقلانيته” في زمن الجنون والعنف والإرهاب الأعمى، المخاطر الجسيمة التي تهدد البشرية راهنا، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو ثقافية وحضارية، مُوحيا لنا أن الحضارات يمكن أن تغرق فجأة مثلما حدث لـ“التيتانيك”.
ويرى الكاتب أن سبب إخلالات حركة النهضة العربية التي بدأت في منتصف القرن التاسع عشر، هي أنّ المجتمعات العربية لم تتمكن من الاستجابة الفعلية لدعوات الإصلاح والتحديث بل ظلت مشدودة إلى الماضي، وبعد نيلها لاستقلالها، وخلاصها من الهيمنة الاستعمارية، صعدت إلى كرسي السلطة أنظمة متسلطة وفاسدة حكمت الشعوب بالحديد والنار. وقد زاد ذلك في تعميق الجراح والأزمات، وسمح للحركات الأصولية المتطرفة باكتساح المجتمعات العربية.
ويعتقد معلوف أن المفكر الأميركي هنتنغتون صاحب نظرية “تصادم الحضارات” كان على حق في نقطة معينة، وهي أن الشعوب غالبا ما تستند راهنا إلى الدين في خلافها مع المخالفين لها في العقيدة. إلاّ أنه لا يتفق معه في العديد من النقاط الأخرى إذ أن العالم الإسلامي مثلا لا يجسد مجموعة متماسكة ومتوحدة مثلما يعتقد هنتنغتون، وإنما يشكل بالأحرى ميدانا للمعارك والحروب بين الإخوة الأعداء، وفيه تقوم الحركات الأصولية المتشددة بقتل مسلمين باسم الإسلام.
وفي كتابه يتعرض معلوف لما سماه بـ”الردة الكبرى” في العالم. فمنذ بداية السبعينات بدأ العالم الغربي، صانع الحضارة الحديثة، يشهد تدهورا على مستويات متعددة، وشرعت الأحزاب والحركات اليسارية والثورية في التراجع أمام الأحزاب اليمينية والمحافظة التي وصلت إلى السلطة في بريطانيا مع مارغريت تاتشر وفي الولايات المتحدة مع رونالد ريغن.
أما في العالم الإسلامي فقد سمحت الثورة الإيرانية لرجال الدين المتشددين بالصعود إلى كرسي السلطة. وكل تلك التحولات السريعة والفجئية أحيانا أدت إلى الاضطرابات الخطيرة التي يواجهها العالم راهنا، والتي قد تغرق العالم في الفوضى القاتلة والمميتة إن لم تتوصل البشرية إلى إيجاد الحلول الضرورية والناجعة في أقرب وقت ممكن.
وأقيم حفل التوزيع في معهد فرنسا الذي يضم خصوصا الأكاديمية الفرنسية (التي يشغل عضويتها معلوف)، بحضور إيلين كارير دانكوس الأمينة الدائمة لهذه المؤسسة، المكلفة خصوصا برفع لواء اللغة الفرنسية.
ولفت البيان الصادر عن الجهة المنظمة إلى أن الجائزة الكبرى لمجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا تكرّم “كتابا باللغة الفرنسية يتمحور حول العلاقات الدولية أو الشؤون السياسية أو التاريخ، لكاتب ينتمي إلى بلد عضو في منظمة الفرنكوفونية”.