4 نونبر 2024

دهاء وحكمة الملك محمد السادس في تدبير ملف الصحراء المغربية.. إسبانيا تخرج مسرعة من المنطقة الرمادية

دهاء وحكمة الملك محمد السادس في تدبير ملف الصحراء المغربية.. إسبانيا تخرج مسرعة من المنطقة الرمادية

ستتغير معطيات كثيرة بعد نشر الديوان الملكي في المغرب لبيان حول الرسالة الموجهة إلى جلالة الملك من قبل رئيس الحكومة الإسبانية، والتي أكد فيها الأخير أن “إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي الأكثر جدية وحقيقية وأساس موثوق لحل النزاع “حول الصحراء المغربية”، ولعل هذه المرحلة الجديدة التي ستدخلها العلاقات بين الرباط ومدريد ستحذف ما قبلها خصوص بعد تجلي مواقف إسبانيا بوضوح، بل وتشديدها على أنها ستبتعد مستقبلا عن كل ما من شأنه أن يغضب الرباط.
ويرى كثير من المراقبين لهذا التحول الجديد أن إسبانيا استوعبت اليوم الدرس المغربي وهو ما ترجمته الرسالة الموجهة لجلالة الملك مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس كما سبق وأشار لذلك وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، فمغرب اليوم راكم مكاسب دبلوماسية مهمة ونوع شراكاته وعزز موقعه التفاوضي ولم يعد يقبل منطق لي الذراع في مقابل بلد جار مازال يصدر أطروحات من زمن الأبيض والأسود.
وتوقف المراقبون كثيرا عند أهمية رجوع إسبانيا إلى صوابها نظرا لدورها التاريخي في قضية الصحراء المغربية رجوع ما كان ليكون إلا نتيجة حتمية لدبلوماسية مغربية يقودها جلالة الملك محمد السادس تتوقع بدقة الأهداف والغايات، وهو ما بدأ يجنيه المغرب ومعه المملكة اليوم فلا شيء عند جلالته حفظه الله وأطال عمره متروك للصدفة.
وشكل الحدث مناسبة للمراقبين للتذكير بمقتطفات من خطاب جلالة الملك في العشرين من غشت سنة 2021 وبمناسبة المسيرة الخضراء ومما ورد فيه “يزعم بعض الناس أن المغرب يتعرض للهجوم على هذا النحو لأنه كان سيغير توجهه السياسي والاستراتيجي ، وكذلك أسلوب عمله في معالجة بعض المسائل الدبلوماسية.
الأمر ليس كذلك. لقد تغير المغرب بالفعل ، لكن ليس في الاتجاه الذي يريده منتقدوه. لقد تغير لأنه لا يقبل إساءة استخدام مصالحه الفضلى. نسبيًا ، تسعى جاهدة إلى إقامة علاقات متينة وبناءة ومتوازنة ، لا سيما مع الدول المجاورة”.
هذا هو نفس المنطق الذي يحكم خياراتنا في العلاقة التي لدينا حاليًا مع جارنا إسبانيا.
من المسلم به أن هذه العلاقات مرت مؤخرًا بأزمة غير مسبوقة زعزعت الثقة المتبادلة بشكل خطير وأثارت العديد من التساؤلات حول مستقبلها.
ومع ذلك ، فقد عملنا مع الجانب الإسباني بأقصى درجات الهدوء والوضوح التام وبروح المسؤولية.
في الواقع ، نحن اليوم ملتزمون بتقوية الأسس التقليدية التي تقوم عليها هذه العلاقات ، من خلال فهم مشترك لمصالح البلدين الجارين.
علاوة على ذلك ، فقد تابعت شخصيًا ومباشرة عملية الحوار وكذلك تطور المناقشات.

لم يكن الهدف فقط إيجاد مخرج من هذه الأزمة ، ولكن أيضًا اغتنام الفرصة لإعادة تحديد الأسس والمعايير التي تحكم هذه العلاقات. وبتفاؤل صادق ، نعرب عن رغبتنا في مواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ورئيسها فخامة بيدرو سانشيز ، من أجل افتتاح مرحلة غير مسبوقة في العلاقات بين بلدينا. من الآن فصاعدًا ، يجب أن تستند هذه إلى الثقة والشفافية والنظر المتبادل واحترام الالتزامات”.

واستعاد المراقبون بمناسبة حدث اليوم خطاب المسيرة الخضراء خلال السنة نفسها والذي ورد فيه:
“نحن نقدر رؤية الدعم الملموس الذي تتمتع به قضيتنا العادلة ينمو ويتوسع. إنه النتيجة الطبيعية للدعم المستمر للإدارات الأمريكية السابقة وتوضيح مساهمتها البناءة في عملية تسوية قضية الصحراء.
يؤكد هذا التوجه على الطبيعة التي لا رجوع فيها للعملية السياسية الجارية: من المقدر لها وضع حل نهائي قائم على مبادرة الحكم الذاتي ، تحت السيادة المغربية. علاوة على ذلك ، فإن قرار أكثر من أربع وعشرين دولة بفتح قنصلية في العيون أو الداخلة يؤكد التأييد الواسع الذي يحظى به الموقف المغربي ، لا سيما في البيئة العربية الإفريقية لبلدنا “.
ووفق المراقبين أنفسهم تعد كلمات الخطابين هي الخيط الناظم اليوم في علاقة المغرب مع جارته إسبانيا، فمرحبا بإسبانيا إذا خرجت من المنطقة الرمادية كما يبدو اليوم من خلال مؤشرات عدة هيئت لها هذه الرسالة التي تأتي في سياق زخم دبلوماسي مغربي مهم استعادة العلاقات مع ألمانيا التي “اعترفت بأخطائها” وقررت تصحيحها وأكدت على مساندتها لمخطط الحكم الذاتي… ودعم أمريكي لا محدود للمغرب من خلال اعتراف بلاد العم سام بالسيادة المغربية الكاملة على الصحراء والتفاف حول قضية المغرب الأولى من المحيط إلى الخليج بسند كبير من أشقائنا في الخليج وهو ما توج بافتتاح السفارات والقنصليات بجنوب المغرب.
ولم يفت المراقبين التشديد على المسار الدبلوماسي الناجح المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله والمرتكز على اللحمة الداخلية والسند الخارجي لأقوى دول المعمور، وهو ما يعكس النجاح المغربي والتطور السريع والتحولات الإيجابية في ملف الصحراء المغربية بدون أموال بترول ولا غاز.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *