4 نونبر 2024

المنظومة التدبيرية لمسالك الماستر بين إشكالية غياب الحكامة وضرورات الإصلاح: مهزلة كلية الحقوق بأكادير مثالا صارخا

المنظومة التدبيرية لمسالك الماستر بين إشكالية غياب الحكامة وضرورات الإصلاح: مهزلة كلية الحقوق بأكادير مثالا صارخا

بعد فضائح الجنس مقابل النقط التي شهدتها بعض المؤسسات الجامعية، فجر طالب ب ” منتدى كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير” فضيحة من العيار الثقيل أو كما سماها بالمهزلة التي وقف عليها وهو بصدد البحث عن مراجع على شبكة الأنترنيت، ومما جاء في تدوينة الطالب التي اختار لها كعنوان ( بين الجنائي والجبائي ): ” أريد أن أتقاسم معكم مهزلة وقفت عليها وأنا بصدد البحث عن مراجع في مالية الجماعات المحلية عبر شبكة الأنترنيت، فقد فوجئت أن من بين المراجع المتاحة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص نوقشت بكلية الحقوق بالدار البيضاء تحت عنوان ” المنظومة الجبائية المحلية بين إشكالية التنازع وحركية التقاضي ” ، المفاجأة الأولى أن الموضوع يدخل في دائرة اهتمام القانون العام ( القانون الجبائي ) وليس القانون الخاص، والمفاجأة الثانية أو الصدمة الكبرى أن الأطروحة من إعداد الطالب … الذي درسنا المسطرة المدنية وعلم الإجرام والقانون الجنائي، وهو منسق ماستر مهتم بالمنظومة الجنائية ؟؟؟ فأية علاقة تربط هذا الشخص بالقانون الخاص إن كان ما تقدم به في الدكتوراه يدخل ضمن نطاق القانون العام، وهل تكوينه في المادة الجبائية يسمح له بتدريس المادة الجنائية بل والإشراف على الرسائل والأطروحات العلمية فيها ؟ ناهيك عن الإشراف عن دورات مؤدى عنها في التحكيم والوساطة بمباركة من جامعة ابن زهر وتحت يافطتها ..”، وقد ختم الطالب صرخته بالسؤال ” إلى متى تبقى دار لقمان على حالها؟ ولسان الحال يشكو ما تعيشه الجامعة من فساد تتفجر بؤره يوما بعد يوم من الجنس مقابل النقط والفساد المالي والرشوة وانتحال الصفة في تدريس مواد لا علاقة لها بالتخصص الأكاديمي ؟؟؟؟؟؟؟ .

إن هذه التدوينة – التي تدخلت جهة ما لحذفها من منتدى الكلية ومن جميع المواقع الإلكترونية التي نشرتها رغم أنها تتحدث فقط عن واقع الحال ولا تتضمن أي سب أو قذف أو تشهير –  بما تضمنته من كشف لأمور وحقائق خطيرة جدا، جديرة بأن يقف عندها الجميع لحظة للتأمل ومعاينة نموذج من الواقع المرير الذي تعيشه بعض كليات القانون على وجه الخصوص من قبيل  تطاول كل من هب ودب على تدريس الطلبة دون أي مراعاة للتخصص، إذ يكفي أن يحمل الشخص لقب دكتور لتُفتح له مدرجات الكليات على مصراعيها للتدريس بغض النظر عن المحتوى العلمي الذي سيقدمه للطلبة، وبصرف النظر عن مدى أهليته القانونية للقيام بذلك، والطامة الكبرى أن يُسمح للأستاذ بفتح اعتماد مسلك للماستر في تخصص حساس جدا دون أي اعتبار لسيرته الذاتية وتكوينه العلمي.

أسئلة كثيرة تتناسل حول هذا الموضوع، وإشكاليات عميقة يثيرها، تكشف كلها عن غياب الحكامة في تدبير مسلك الماستر رغم ما له من أهمية كبيرة في إعداد وتكوين الطلبة تكوينا علميا رصينا وحقيقيا، فهل تم تفعيل المساطر والإجراءات القانونية التي تتبعها وزارة التعليم العالي عادة في اعتماد الماسترات بشأن هذا الماستر؟؟ ماهو الدور الذي قام به مجلس الكلية ومجلس الجامعة وكذا اللجان المكلفة بإنجاز الخبرة والتقارير على مستوى الوزارة بصدد هذا الماستر ؟؟ أم إن هناك معايير أخرى فيها من الليونة والمرونة – الزائدة عن اللزوم – ما يسمح بالتغاضي أحيانا عن الاختلالات التي تشوب بعض طلبات الاعتماد، رغم أن هذا الأمر قد يؤدي – مع الأسف الشديد – إلى أن تتحول بعض الكليات إلى ما يشبه دكاكين تُستجدى منها نوعية خاصة جدا من الماسترات ؟؟؟؟؟؟ وهو ما يؤكد وصف ” المهزلة ” الذي شدد عليه صاحب التدوينة أعلاه !!! أليس حريا بالمفتشية العامة بالوزارة المكلفة بتدبير قطاع التعليم العالي أن تفتح تحقيقا نزيها وشفافا حول ظروف وملابسات منح الاعتماد لهذا الماستر ؟؟؟؟

إن المعالجة الحقيقية لمثل هذه الفضائح والمهازل التي باتت تستشري في عدة مؤسسات جامعية، تقتضي من وزارة التعليم العالي تفعيل وتدعيم قواعد الحكامة الجيدة بالمؤسسات الجامعية، والقطع مع الأساليب البائدة في منح الاعتمادات وفي تدبير قطاع حساس جدا كالتعليم العالي، أما ما يقوم به البعض من ترصد للمقالات والتدوينات التي تفضح هذه الظواهر على شبكة الأنترنيت، وحذفها في محاولة يائسة لطمس الحقائق وإسكات الأصوات المنادية بالإصلاح سواء داخل الحرم الجامعي أو على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يخدم الجامعة المغربية في شيء، بقدر ما يؤدي إلى تكريس بعض الظواهر الشاذة داخل المؤسسات الجامعية والتي تضرب الحقوق والحريات العامة في الصميم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *