5 نونبر 2024

العالم العربي يحتفل بالذكرى السنوية للمسرح العربي

العالم العربي يحتفل بالذكرى السنوية للمسرح العربي

اعتادت الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح الاحتفال في 10 يناير من كل عام، وبهذه المناسبة يتم اختيار أحد المسرحيين العرب البارزين لكتابة رسالة المسرح العربي، حيث وقع الاختيار هذا العام على الفنان اللبناني رفيق علي أحمد ليكون صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح، كما أعلنت الهيئة عن مسابقتين للنص المسرحي الموجه للكبار والأطفال.

وفي معرض كتابته للرسالة، أكد الفنان رفيق علي أحمد في رسالته أن اليوم وأكثر من أي وقت مضى تبدو الحاجة ماسة إلى المسرح. ففي زمن التواصل اللا إنساني الذي فرضته التكنولوجيا الحديثة، يغدو المسرح مكان اللقاء الإنساني بامتياز، سواء من حيث التفاعل بين العاملين فيه، أو بينهم وبين الجمهور، أو بين الجمهور نفسه حين يخرج من الصالة مزدحما بالأفكار والأسئلة، مضيفا أن المسرح المنفتح على الفنون جميعها، في خط المواجهة الأمامي، لأنه لا يستطيع التخلي عن القيم الإنسانية الفكرية والروحية والمعنوية التي تشكل جوهر وجوده وسر استمراره عبر الزمن.

وأضاف أن من أهم أسباب هذه الغربة هو “التغريب” الذي وقع فيه كثيرون، إذ أن تقليد الأساليب الغربية من قبل بعض المسرحيين تطلعاً “للعالمية” وطمعاً بالجوائز، بات موضة ودليلاً على الحداثة و”العصرنة” غير أن في ظل تعثر الحوار أو انعدامه بين الأنظمة السياسية والحكومات يبرز دور المفكرين والأدباء والفنانين في تقريب وجهات النظر بين الشعوب والحضارات. وهنا يتجدد الرهان على كون المسرح هو النموذج الأمثل لهذا الحوار انطلاقا من جوهر المسرح نفسه القائم على الحوار بين الممثلين، وبينهم وبين الجمهور، وقبل ذلك بين المؤلف ونصه والمخرج وعرضه. فاللعبة المسرحية برمّتها ما هي إلّا عبارة عن حوار متعدد الأشكال والاتجاهات.
وجدد رهانه على المسرح ودوره ومعناه. وقال: نحن ندرك أن المسرح في العالم كله يعيش أزمة حادة، وهي أزمة تتضاعف في حالة المسرح العربي لأنها تأتي ضمن أزمات أعمّ وأشمل في السياسة والاقتصاد والاجتماع. مشيراً إلى الأسباب التي أدت إلى ابتعاد الناس عن المسرح، منها ما يتعلّق بالواقع العام، ومنها ما يخص أهل المسرح وصناعه، وإذا كانت الأعمال المسرحية مرآة المجتمع فأبناء مجتمعاتنا لا يرون أنفسهم ولا واقعهم في هذه الأعمال.

وتساءل عن أسباب استمرار غياب التربية الفنية والمسرحية عن المناهج الدراسية، والتمادي في تهميش المسرح وتجاهله من قبل العديد من وزارات الثقافة في البلدان العربية، وعدم دعمها للأعمال المسرحية الجادة والمجددة بذريعة شح الميزانية ونقص الإمكانيات. وقال: إن المسرح رغم كل معاناته لا زال فاعلا ومؤثرا وجاذبا للجمهور، فبرغم الحواجز النفسية التي تفرضها الحدود الجغرافية المصطنعة، أو تفرضها السياسة ومصالح الساسة، يبقى المبدعون فكراً وفناً وثقافة وعلى قدر استطاعتهم، ورغم ضيق هوامش الحرية والإمكانيات، صلة خير بين شرائح مجتمعاتنا وبناة جسور تواصل وتفاهم بين شعوبنا.

وشددت الرسالة على أهمية الحاجة لمسرح يهدم الحواجز النفسية والجغرافية بين البشر، ويقيم جسور التفاهم المتبادل بين الأخوة، ولن يتسنى للمسرح تحقيق ما يصبو اليه إلّا إذا كان حراً لا يعترف برقابة، ولا تحده حدود، لينتج ويقدِّم ما يُعبِّر عن هويتنا الثقافية والإنسانية التي تشكّل مكوِّناً عضوياً من هوية العالم برمَّته. ننتصرُ للمسرح ولحريته، ننتصر للحياة.
وخلصت رسالة رفيق علي أحمد إلى مصالحة شبابنا عبر مسرح بسيط، لا مبسط، يجعلنا نرى صورة ناسنا وواقع مجتمعاتنا. وأن يكون هذا المسرح بصيص أمل في ظل ظلام التطرف بشقيه الأصولي والاستهلاكي، وفي مواجهة التعصب الأعمى والكراهية المتعاظمة من الإنسان لأخيه الإنسان، وما ينتج عن هذا الواقع المظلم من خراب جماعي عصيّ على الإصلاح وإعادة البناء.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *