الملك محمد السادس و”السي عبد الرحمان” حكاية تقدير خاص من ملك عظيم لوطني من العيار الرفيع
أعادت وفاة الرجل الاستثنائي والوطني الكبير عبد الرحمان اليوسفي، اليوم الجمعة 29 ماي 2020، إلى الأذهان صورة الملك محمد السادس، وهو يقبل رأس “السي عبد الرحمان”، حين زاره في وقت سابق وهو مريض يلازم سرير المستشفى، لقد خلقت الصورة لحظتها ومازالت الحدث لرمزيتها وللقراءات الإيجابية التي رافقتها من خلال الثناء على ملك عظيم وكبير يكرم كل وطني غيور ويهتم لكل القامات الرفيعة من أبناء وبنات بلده ويرافق خدام الوطن في لحظات الفرح والكرب.
لقد جابت صورة الملك محمد السادس اليوم وهو يقبل رأس “السي عبد الرحمان”، ساعتها عددا من وسائط التواصل الاجتماعي بعد وفاة الرجل في إشارة لا تقبل أي تأويل بأن للمغرب ملكا يكرم الرجال والنساء من عيار الفقيد الذي كان يعشق تراب هذا الوطن حد الموت فوق أرضه شأنه شأن كل كبير، ومن بين الإشارات الكثيرة الملتقطة من إعادة تداول تلك الصورة ما لدلالتها على رقي ملك الفقراء والمظلومين وملك الكل كما ملك العظماء والقياديين الأفذاذ الذين قلما يجود بهم الزمان أن الملك محمد السادس فلتة من فلتات الزمان سابق لعصره يعتني بالكبار ويكرمهم في حياتهم وحتى في لحظات الممات ويوجه شعبه نحو ثقافة الاعتراف.
أظهرت الصورة التاريخية التي أعيد تداولها بقوة اليوم دلالة على مكانة “السي عبد الرحمان”، وحظوته لدى الملك محمد السادس، أن لجلالته علاقات خاصة وغاية في النبل مع العظماء من أبناء شعبه إذ يشمل بعطف وعناية واهتمام سامي سمو حب هاته القامات رجالا ونساء لهذا الوطن المعطاء والضارب في جذور التاريخ والجغرافيا.
لقد سبق مرض “السي عبد الرحمان” وزيارة جلالة الملك له في المستشفى والتقاط الصورة الشهيرة التفاتات لا تقل في الأهمية عن موضوع الزيارة في المستشفى منها ما حدثسنة حينما أطلق الملك محمد السادس إسم عبد الرحمان اليوسفي على أحد الشوارع الرئيسية بمدينة طنجة مسقط رأس “السي عبد الرحمان”، وإطلاق إسمه كذلك على فوج الضباط المتخرجين من مختلف المدارس العسكرية سنة 2019، بالإضافة لرسالة جلالته لليوسفي بعد مبادرته لإحياء ذكرى المهدي بنبركة ما شكل سندا قويا للراحل اليوسفي ومبادرته إلى جانب العديد من الالتفاتات الأخرى من جلالة الملك نصره الله تجاه عبد الرحمان اليوسفي منها ما خرج للإعلام ومنها ما بقي في سجل العرفان والتقدير المتبادل بين الملك محمد السادس وواحد من أبرز القامات التي يشكل فقدانها حقيقة خسارة للوطن.
وقد كشفت برقية التعزية والمواساة التي بعث بها جلالة الملك إلى أرملة المرحوم الأستاذ المجاهد عبد الرحمان اليوسفي يوم وفاته مكانة “السي عبد الرحمان”، لدى جلالة الملك والعلاقة الخاصة بين ملك عظيم ونبيل وواحد من الوطنيين الكبار وأكد جلالة الملك في البرقية أنه “لقد كان لنعي المشمول بعفو الله تعالى ورضوانه المرحوم الأستاذ المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، بالغ الأثر والوقع الأليم في نفسنا، لما خلفه رحيله من خسارة فادحة، ليس لأسرته فحسب، وإنما لبلده المغرب الذي فقد فيه أحد أبنائه البررة الذي بصم بشخصيته وبأسلوبه المتميز، والقائم على المسؤولية والالتزام الواضح بالمبادئ، والإخلاص والوفاء، مرحلة هامة من تاريخ بلده الحديث”.
وأعرب جلالة الملك، بهذه المناسبة الأليمة، لهيلين اليوسفي، ومن خلالها، لكافة أقارب الراحل وأصدقائه ومحبيه، ولعائلته السياسية الوطنية الكبيرة وخاصة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عن أحر تعازي جلالته وأصدق مشاعر مواساته وتعاطفه في هذا المصاب الجلل، الذي لا راد لقضاء الله فيه، مستحضرا جلالته، بكل إجلال وإكبار، ما كان يتحلى به الراحل المبرور من خصال إنسانية، ومن غيرة وطنية صادقة، جسدها على مدى عقود من مساره النضالي والحقوقي والسياسي الحافل بالتضحيات الجسام؛ حيث ظل، رحمه الله، وفيا لمبادئ الالتزام والتفاني في خدمة المصالح العليا للوطن، في وفاء مكين للعرش العلوي المجيد، وإخلاص متين لمقدسات الأمة وثوابتها.
ومما جاء في برقية جلالة الملك “وإننا ونحن نستشعر مدى فداحة هذا الرزء، لنذكر للفقيد الكبير، انخراطه المبكر في مقاومة الاستعمار، ونذر حياته للدفاع عن القضايا المصيرية لبلده، في تشبث بقيم النزاهة والأمانة والتواضع ونكران الذات وحب الوطن؛ تلكم القيم التي ظلت نبراسه المنير في مختلف المهام التي تقلدها بكل كفاءة واقتدار، ولا سيما منها، منصب الوزير الأول في حكومة التناوب في عهد والدنا المنعم جلالة المغفور له، الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ثم في عهد جلالتنا، في محطة تاريخية من مسار ترسيخ خيارنا الديمقراطي، حيث كان، أكرم الله مثواه، نعم رجل الدولة الحكيم والمحنك”.
وأكد جلالة الملك في برقيته لهيلين اليوسفي أنه “إذ نشاطرك أحزانك في هذا المصاب الأليم، مؤكدين لك كامل رعايتنا، وموصول عنايتنا السامية، فإننا نسأل العلي القدير أن يعوضك عنه جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يسكنه فسيح الجنان، وأن يغدق عليه شآبيب الرحمة والغفران، وعظيم المثوبة والرضوان، على ما أسداه لملكه ولوطنه من خدمات جليلة، وأن يجعله من الذين يجدون ما عملوا من خير محضرا، ويلقيه نضرة وسرورا، صادقا فيه قوله عز من قائل : “يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”. و”إنا لله وإنا إليه راجعون”، صدق الله العظيم”.