المرأة الرواية…
جليل الشافعي كاتب مغربي
ويحدث أن تصادف إمرأة كالرواية، تحمل اسما وعنوانا جميلا وتمتاز بشكل خلاب أيضا.. لذلك يخطر ببالك أنها أهل للقراءة.. وتحدثك نفسك على أنها تستحق أن تقرأها.. أن تقرأ ما فيها.. بل، وأن تُقْرَأَ من خلالها، لكن للأسف يخيب ظنك وتوقعك إذ تجد نفسك أمام شكل-جسد- خاوٍ من فكر، فارغ من نضج، وجافٍّ من ثقافة..
وحينها تدرك أنك أمام امرأة-رواية- من طينة وجنس الكتب الصفراء، مضامينها بالية وايديولجيتها هجينة بل مشوهة.. فتفكر في التوقف عن قراءتها منذ البداية، ويمنعك من ذلك كونك قارئ لا يؤمن بالأحكام الجاهزة، ولا التمثلاث السابقة، فتعطيها فرصة الاستمرار في القراءة..في المعرفة.. لكنك تجد نفسك مستمر في النفور حد الاشمئزاز.. كيف لا، وأنت تحاول قراءة رواية جميلة الشكل بمضامين شكلية- مضامين تتمحور حول هاتف جميل ولباس يحتاج للباس وحديث عن الأفلام الهندية والتركية، ووقت طويل تنفقه عن”الميكاب والمنيكير والبيديكير؟؟”..وعن كيفية نمص الحاجب وتَنْهِيدِ الصدر وتسمين الأرداف..؟؟
والغريب، ولأن مجتمعاتنا تهوى الكتب الصفراء، فإن هذه الروايات-النساء يجدن قراء بالجملة في الشوارع والمحلات والإدارات، وعلى أرصفة الشوارع الحقيقية والافتراضية أيضا.. لأن هؤلاء القراء لا يهمهم من القراءة إلا القشور، إلا المتعة، ولا يرون في كل رواية إلا السرير والمطبخ.. تجد الكل يعاكس العناوين التي تكتب بخط أحمر بمداد أحمر الشفاه الفاتح..والأشكال التي نقشت ونُمِّقت بمواد التجميل والتوليف والتصفيف.. ويراهنوا على المتعة اللحظية الوقتية..
أما المريضون مثلي، والذين يكثرون من “التفلسف” –كما يخبرني صديقي دائما- ويعشقون المضامين.. ويعشقنها أكثر لو وضعت في أشكال جميلة وتحت عناوين جميلة، وبورق جميل.. فيجدون أنفسهم يشعرون بالضيق والضجر في كل محاولة للقراءة..للاقتران.. ويبقى أملهم وحلمهم أن يجدوا رواية تستحق أن تقرأ ولا تمل من القراءة الأولى، كي يغوصوا فيها ويرتاحوا من الكتب الصفراء الرخيصة ثمنا، والخاوية روحا.. والمنتشرة في كل الأماكن انتشار المشاكل في بلدي..
فما أكثر الروايات المملة وما أقل الروايات المدهشة، التي تستحق عناء البحث والقراءة والمحافظة عليها، في أجمل رفوف الخزانة، في أجمل رفوف القلب..