“واش المغاربة رجعو خفاف رجعتو دراري؟؟؟ “… “مول الكاسكيطة”… حينما يحاضر الجهلة بالمعرفة
هل أصبح للفايسبوك واليوتيوب سلطة؟ هل باتت هاته القنوات وغيرها من المواقع مراجع للتكوين والتعبير بعد أن كانت المكتبات ودور الشباب والجمعيات والأحزاب وغيرها من الوسائط المساهم الرئيسي في التكوين وصقل المواهب؟
هل أصبح “مول الكاسكيطة”، وولد “الكرية”، مؤثرين بعد أن كانت كلمات كبار المفكرين والفلاسفة المغاربة وأغاني زمان بعذوبة كلماتها تحشد الناس وترفع من الذوق والمقام.
هل سبق للراحل عبد الهادي بوطالب أو جسوس أو الجابري أو المنجرة… أن سبوا شخصا في محاولة لإيصال فكرة أو سعي وراء نقد بناء وهل وظف “ناس الغيوان”، في أغانيهم الخالدة عبارات قللت من شعب أحبهم حبا جارفا ومن ملك راحل محب للفن والفنانين.
واش المغاربة رجعو خفاف رجعتو دراري””، عبارة شهيرة مازالت ترن في الآذان بصوت الملك الراحل الحسن الثاني، وهي مناسبة لنعيد طرح نفس السؤال “واش ولينا خفاف”، ندافع عن الخطأ ونرفع فوق الأكتاف من يسبنا ويتطاول على مقدساتنا ويسيء لكل شيء جميل فينا.
مناسبة هذا الكلام “الفيديو القدحي”، لشخص من ذوي السوابق القضائية يدعى “مول الكاسكيطة”، يسبنا فيه علنا بل ويبصق على وجوهنا ولو بقي خارج أسوار السجن لكان تبول علينا في فيديو آخر، والأخطر من الفيديو الشارد شرود صاحبه الذي لم يكن في حالة طبيعية، هو خروج بعض ممن اعتادوا الركوب على الموج للدفاع عن ذلك الشخص أو غيره من النماذج المستنسخة بمبررات هي أقرب إلى المزايدة من محاولة للإقناع دون أن يستحضروا أن للحديث آدابا وللخطابة أسلوبا وشروطا.
إن من دافع ولو بالباطل عن “مول الكاسكيطة”، أبان على أنه وهو سيان وفي مركب واحد، بل ويتبنى الهابط من اللغة ويمتح بدوره من “الكلام الزنقوي”، فهل في الدين أو الأدب أو الأعراف أو الأخلاق أو “تامغرابيت”، ما يبرر ويبيح سب الناس على اختلاف صفاتهم ومواقعهم شعبا أو قيادة؟ ولو فرضا أردنا العتاب والانتقاد، هل تلك هي الطريقة المثلى لفعل ذلك بل منهم من دعا لإطلاق سراحه لأن له أولادا فهل ليس لنا نحن كشعب سبنا وتطاول علينا أولاد وعائلات لم ولن تتقبل وقاحته؟؟؟.
ولعل أبلغ توصيف لحالة “مول الكاسكيطة”، ومن هم على شاكلته ما ورد في القرءان الكريم “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ”، فلا هو أهل لا شكلا ولا مضمونا لانتقاد الناس وتقديم النصيحة ولا لإعطاء المغاربة الدروس والعبر.
إن “مول الكاسكيطة”، نتاج لمكون بدأ يظهر اليوم على الساحة المغربية يفتقد للتكوين وللعلم وللسند الأيديولوجي بعد ان توارى المثقفون والساسة ومع ذلك “يدخل حماره”، للسباق فما هكذا تحدث المجتمعات التغيير الهادئ والمنشود وما بمثل هكذا وجوه.
إن الفراغ الموجود داخل المشهد السياسي والثقافي… بالمغرب هو من منح الفرصة لمثل هؤلاء للظهور معتقدين أن ما يفعلونه هو الأمر الصحيح محاولين فرض الوصاية على المغاربة الذين اختاروا طريقا لا رجعة فيه طريق البناء والاستقرار، ولو كان مثل هاته النماذج على حق لحصدوا مختلف عبارات التضامن ولكن لأنهم مجرد فقاعات نمت كالطحالب وسط الفراغ، فإن أصواتهم لم يبال بها عاقل فهل السب والشتم بات اليوم خيارا بعد أن كان النقاش الفكري والتكوين سلاح المعارضين في وقت ما. فأشد وأشرس المعارضين المغاربة في زمن ما لم يسجل في تاريخهم أنهم سبوا المغاربة أو رموزهم أو أساءوا للوطن.
إن “البلطجة”، و”الكلام النابي”، واستغلال وسائط أتاحت هامشا معينا لحرية التعبير هو جبن وليس قوة عندما يتحول لمحاولة التسلط والضرب في أعراض العباد من على منابر خلقت للنقاش الواعي والبناء، وحتى في أعرق الديمقراطيات وكبريات الدول لا يسمح بهكذا تجاوزات فحين يبلغ الأمر مبلغا معينا من التطاول على الناس والمقدسات بأساليب قذرة يتدخل القضاء لإنصاف الناس، بل وحتى تلك المجتمعات الواعية ترفض مثل هذه السلوكات الشاذة وتدين مرتكبيها، لأن ما قد يبنيه الحوار الواعي قد تهدمه كلمة ساقطة من لسان عفن في ثانية وكما قال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الجاهل يظلم من خالطه، ويعتدي على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، ويتكلم بغير تمييز. وعن رأى كريمة اعرض عنها، وإن عرضت فتنة أردته وتهور فيها”.