كلفة وطن مستقر… نتائج باهرة للمؤسسة الأمنية لا تقبل المزايدة السياسية والبرلمانية والمدنية
دخلت مدينة مراكش خلال هذا الأسبوع التاريخ ومعها المغرب من أوسع أبوابه بعد احتضانها الاجتماع الرابع لرؤساء أجهزة الشرطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمراكش وهو أول اجتماع في تاريخ “الأنتربول”، ينعقد خارح مقرها بمدينة ليون الفرنسية.
ولعل في عقد هذا الاجتماع التاريخي عدة رسائل وبدون تشفير هذه المرة، أبرزها أن المغرب بات أبرز شريك لدول المعمور كافة في محاربة الإجرام والجريمة، وبات بلدا مؤثرا على مستوى صناعة القرار الأمني دوليا بعد تجويد الخدمة الأمنية على المستوى الداخلي بتقليص مساحة الجريمة والإجرام عبر تراب الوطن.
وتعد الإشارة الثانية المستشفة من هذا الاجتماع هي أن المغرب بلد آمن ومستقر وبإجماع دولي، ولولا مناخ الاستقرار الذي يطبع بلدنا ولله الحمد لما اختاره “الأنتربول”، لعقد هذا الاجتماع الذي خرج بخلاصات وقرارات غير مسبوقة لمحاربة “الجريمة المتحركة”، وتدارس سياسات تعقب المجرمين الفارين.
ولعل الإشارة الثالثة وإشارات أخرى غيرها هي ما ورد بكلمة محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالإدارة المركزية ومكتب الإنتربول بالمغرب، والتي قال من خلالها أن “المؤسسة الأمنية المغربية ظلت تكرس مطلب مرجعية أمنية مشتركة تجتمع على الإيمان بالتعاون والعمل من أجله، سعيا لتحقيق تنسيق متين له قيمة مشتركة بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجزر القمر وجيبوتي والسودان والصومال وموريتانيا”، يؤكد مدير مكتب الإنتربول بالمغرب.
وأضاف الدخيسي، “لقد سعت المؤسسة الأمنية المغربية إلى مشاركة بلدان العالم تجربتها الرائدة، التي استطاعت تحقيق نجاحات أقر بها المجتمع الدولي، كالتدخلات الاستباقية التي ساهمت في إحباط مشاريع إرهابية في داخل المغرب وخارجه”.
إن ما ورد بكلمة الدخيسي واختيار مراكش المغربية لاحتضان هذا الحدث الهام يؤكد حجم المهام الأمنية الجسيمة وحجم التحديات الكبرى التي أصبح يواجهها عبد اللطيف الحموشي ورجاله، وتفرض عليهم جهودا مضاعفة ولو على حساب صحتهم ووقتهم وعلى حساب عائلاتهم واهتماماتهم كبشر… بل وستدفع حتما المؤسسة الأمنية لرفع مستوى الاشتغال وتسلق مراتب التحدي والتألق، لتظل دائما في نفس المستوى الذي تم تسطيره لها والتقدير الدولي الذي باتت تحظى به في كل محطة تجنب فيها المغرب والعالم من كل جريمة عابرة للقارات.
ولعل الرسالة الأخرى والمهمة التي بعث بها الأمنيون المغاربة لنظرائهم في العالم هو إنجاح تنظيم هذه التظاهرة بشكل باهر وباحترافية منقطعة النظير وباعتراف الأمين العام للمنظمة يورغن شتوك، وممثلي الدول الـ17 المشاركة أنفسهم، بلغت حد التنويه بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وبوفاء المؤسسة الأمنية المغربية بالتزاماتها الدولية وبصدقها في التعامل مع الدول الصديقة والشقيقة وباقي الزملاء عبر العالم.
إن لهذه المجهودات الأمنية كلفة بل وكلفة كبيرة يدفعها رجال الأمن المغاربة كما سلف ذكره، وهو ما قد لا تواكبه حتى باقي المؤسسات، وكأن الأمن الذي يتمتع به المغرب والمغاربة هبة من السماء، صحيح هو هبة ربانية لكن تحول لإنجاز وواقع معاش بقدرة بشر اختارتهم المهمة وكانوا أهلا لها، ومن الغريب جدا اليوم أن جزءا من النقاش السياسي والبرلماني والمدني حول قانون مالية 2020، تم فيه الإصرار على انتقاد ميزانيات بعينها، ومنها ميزانيتا الدفاع والأمن… فهل من المعقول إثارة هكذا نقاش في ظل حجم التحديات التي تحوم بالبلاد بدءا من ملف الصحراء ومرورا بالمحيط الإقليمي الساخن.
إن العقل الراجح والفكر السليم اليوم يجب أن يذهب في اتجاه عدم ترك المؤسسة الأمنية وحدها تؤدي تكلفة الأمن حتى نيابة عنا بل أن نساهم بدورنا في هذه التكلفة والدعوة لرفع الميزانية المخصصة لقطاع الأمن عدة مرات مادامت النتائج بادية للعيان ولا تحتاج لأي قراءة تأويلية.