2 نونبر 2024

حكيم وردي يطرح الإمكانات القانونية لمتابعة المجرمة التي أحرقت العلم المغربي بباريس

حكيم وردي يطرح الإمكانات القانونية لمتابعة المجرمة التي أحرقت العلم المغربي بباريس

قطب صاحبي حاجبيه بعدما تحجر الحزن في مقلتيه، وزمجر الغضب على شفتيه ثم بادرني بالسؤال: ما معنى أن توثق الجريمة بالصوت والصورة والاعترافات السمجة المنشورة وتظل هكذا بدون مآل.
صديقي شاب متشائل، ألف تربية الأفكار، واستهلاك التبغ الرديء واختبار قدرته على الانتظار. لم يكن يستعجل الجواب واصل القول بلسان مكلوم مهان: أن تختار بلاد الأنوار لتضرم في علم الوطن النار فحتما أنت شخص جبان.
صديقي لا يساوم على الانتماء ولا يعترف في الحب إلا بعلمين: علم الوطن الأحمر، وعلم فريق الرجاء الأخضر.
حاولت أن ألملم مشاعرنا المبعثرة، ورسمت على الوجه ابتسامة مختصرة، وقلت: أعتقد أنه كما الموت يمكن أن تدركك المتابعة الجنائية حتى ولو كنت في بروج مشيدة.
فصاحبتنا التي أظهرت شجاعة الأنذال وخسة الجبناء، ربما اعتقدت عن جهل بأنها لجنسية مكتسبة أو ارتكابها الجريمة خارج الوطن يحصنها عن المتابعة، والحال أن المقتضيات التشريعية الوطنية والدولية واتفاقيات التعاون القضائي الثنائية، تسمح بأكثر من إمكانية للاقتصاص لملايين المغاربة من الإهانة التي ألهبت مشاعرهم الوطنية إثر المحرقة الشنعاء.
فمن حيث كون المعنية مغربية تسمح مقتضيات المادة 708 ق م ج بإمكانية متابعتها من أجل إهانة علم المملكة خلال تجمع طبقا للفقرة الثانية من الفصل 267-1 ق ج ( تصل العقوبة فيه إلى 5 سنوات ) مع إحالتها على قاضي التحقيق والتماس إصدار أمر دولي لإلقاء القبض عليها يكون سندا للتسليم يتم تنفيذه عبر الطريق الديبلوماسي بالاستناد على اتفاقية تسليم المجرمين بين المغرب وفرنسا المؤرخة في 18 أبريل 2008 ( جريدة رسيمة 12/12/2011 ص 5905 )،و القانون الفرنسي المنظم للتسليم المؤرخ في 10/03/1927 والاتفاقية الأوروبية للتسليم المؤرخة في 13/12/1957 إلى جانب قانون المسطرة الجنائية الفرنسي( المواد من 696 إلى 696-24 )
ونظرا لتوافر شروط التسليم رغم اختلاف العقوبة المرصودة لإهانة العلم في القانونين الفرنسي ( المادة 431-5 ) والمغربي ( الفصل 267-1 ) حيث سبق لمجلس الدولة الفرنسي أن اعتبر أنه ليس لازما أن يكون التكييف القانوني للأفعال موضوع التسليم مطابق في كلا التشريعين ( Cons. d’État 27 juillet 1979 (Gaz.Pal. 1979 II 686) ). فإنه بمجرد التوصل ديبلوماسيا (من وزارة الخارجية إلى وزارة العدل) بوثائق التسليم سيتم إيقاف المعنية بالأمر وإيداعها في السجن على ذمة مسطرة التسليم التي تجري أمام غرفة التحقيق، لتتم الموافقة على التسليم بمرسوم رئيس الحكومة موقع عليه أيضا من طرف وزير العدل حارس الأختام قابل للطعن أمام مجلس الدولة.
أما إذا تعرقلت مسطرة التسليم لأي سبب من الأسباب فإنه يكون لزاما على السلطات القضائية الفرنسية أن تحيل المعنية على القضاء لمحاكمتها من أجل إهانة العلم الوطني خلال تجمع، طبقا للفصل 431-5 من القانون الجنائي الفرنسي، مادام لا يمكن للقاضي الفرنسي أن يطبق القانون الجنائي المغربي على أساس أن قواعد الاسناد لا تطبق في المادة الجنائية مخافة أن تتخول المحاكم الوطنية إلى محاكم ذات اختصاص عالمي.
إن متابعة المعنية بالأمر مسألة حتمية تستلزم فقط سلوك الإجراءات المقررة قانونا فمبدأ سلم أو حاكم المعروف “Aut tradere, aut judicare” (soit remettre, soit juger). ليس وحده من يمنح المتابعة الشرعية القانونية، ولكن وأيضا الحساسية والصرامة التي يتعاطى بها المشرع الفرنسي مع إهانة رموز الجمهورية وعلى رأسهما النشيد الوطني الفرنسي والعلم على النحو الذي يجعله يستشعرون حجم الإهانة التي لحقت المغاربة جراء إحراق علمهم.
انفرجت أسارير صاحبي وبتنهيدة عميقة عبر عن اطمئنانه على العلم حتى ولو أحرق خارج الوطن.
ملحوظة:

باحث في القانون

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *