بناء المساجد في إيطاليا بين العبادة و الاسترزاق!
يحيى أبو غسان – إيطاليا
لقد أصبحت ظاهرة تأسيس “المساجد” تعرف انتشارا واسعا في كل مناطق إيطاليا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تقبل ثقافة الآخر من طرف بلد الإقامة من جهة، ومن جهة أخرى تعطش المهاجرين المسلمين إلى دور العبادة في غياب تام لجمعيات المجتمع المدني التي تخدم القضايا الاجتماعية والثقافية للجالية المسلمة.
وكما يعلم الجميع أن ما نسميه تجاوزا مَسَاجد بإيطاليا في واقع الأمر ما هي إلا مقرات إدارية للجمعيات التي تتوفر فقط على ترخيص جمعية تُمارس أنشطة ثقافية ودينية ضمنها الصلاة. وليس ترخيص مسجد كالمسجد الأكبر بروما.
ولأن المساجد بيوت الله في الأرض قلعة الإيمان وحصن للفضيلة ومنارة للهداية، ولها دور كبير فى بناء الشخصية الإسلامية، فهي كذلك مدرسة للإصلاح الاجتماعي والتأطير الديني المعتدل المنفتح، المؤمن بالقيم الانسانية النبيلة بعيدا عن كل أشكال التطرّف والتعصب والمغالاة وعليها أن تلعب دورا محوريا في أوساط الشباب لإنقاذه من الأفكار المتطرفة التي تدعو إلى الكراهية بدل الحب، وإلى رفض الآخر بدل احترامه.
ولأن “المساجد” كذلك، فانه من الواجب علينا أن نقف وقفة المتأمل، وليس المتفرج للوقوف على مكامن الخلل والنواقص التي أصبحت تتصف بها جل المساجد بالمنطقة.
1- ضعف التسيير.
تتسم هذه المؤسسات الدينية بضعف كبير وواضح في التسيير لضعف التجربة لدى القائمين عليها وجهلهم بأهداف العمل الجمعوي وانعدام رؤية واضحة وبرنامج دقيق واقتصارها فقط على تنظيم الصلاة. دون ذلك من الأنشطة الاجتماعية والثقافية كتنظيم دورات تكوينية للشباب وتبادل الزيارات مع المعاهد الاسلامية داخل إيطاليا وخارجها للتمكن من تبادل الخبرات ومحاولة توحيد الرؤى في ظل التشتت والفتنة التي أصبحت تعرفه الجالية المسلمة بأوروبا وآخرها عيد الفطر الذي أكد وبالملموس ما يعرفه مسلمو أوروبا من شتات وانقسام كبيرين لا على مستوى الدول فقط بل حتى على المسجد الواحد الذي انقسم الى فئتين، فئة صلت صلاة العيد الفطر الثلاثاء والثانية يوم الأربعاء وكل فئة تعتبر نفسها هي على صواب والثانية على ضلالة “وكل ضلالة في النار”.
2-العبثية في تأسيس وفتح المساجد.
يعتمد فتح المساجد في أغلب مناطق إيطاليا على العبثية حيث أن أي صراع بين الأشخاص غالبا ما يؤدي الى انشقاق واللجوء الى البحث عن أماكن أخرى للكراء وهي عبارة عن مخازن تتواجد غالبا داخل الوحدات الصناعية يتم تحويلها الى أماكن للصلاة دون مراعاة الشروط الصحية والمجالية .
إن فتح المساجد، في نظري المتواضع، لا بد أن يخضع لمعايير ومعطيات علمية. كنسبة السكان المسلمين بالمنطقة وكذا المسافة الكيلومترية بين المسجد والمسجد، لكي لا نجد أنفسنا أمام “دكاكين مساجد” خاصة، يتم العبث فيها من طرف منعدمي الضمير مرتزقة الدين همهم الوحيد البحث عن فتاوي من طرف مفتين لا أهلية لهم لشرعنة عملهم الدنيء
3- المسجد “كمشروع” مذر للربح .
ولأن المسجد للجميع، فمن حقنا أن نسأل، حتى يتبين الخيط الأسود من الأبيض، عن كل المداخيل والمصاريف خصوصا وأن المداخيل كانت تصل في بعض ليالي رمضان الى ما يقارب 100 الف اورو، لذلك وجب إخبار المصلين عن كل صغيرة وكبيرة تجري به بشكل شفاف ونزيه بإعمال الشورى حتى لا تصدر الأسئلة والشكوك والتكهنات فالفتنة نائمة لعن من أيقظها. كما أن بعض من يسمون أنفسهم رجال الدين تربوا على الإنتهازية الدينية ولا يهمهم أمرا سوى جمع المال تحت ذريعة (ما نقص مال من صدقة) أو ما يسمونه المتاجرة مع الله.
هذه فقط بعض من السمات التي تتسم بها للأسف بعض دور العبادة بإيطاليا، أردنا فقط أن نلفت انتباه معشر المسلمين إليها، لاتخاذ الحيطة والحذر من هؤلاء التجار الذين يستغلون صدق إيمان الكثيرين، من أجل الاسترزاق غير المشروع بإسم الدين .
ولكي لا نكون مجحفين في حق بعض الإخوة الذين لا يدخرون جهدا بوقتهم وأموالهم وإمكاناتهم الذاتية من أجل خدمة الاسلام والمسلمين أقول لهم جزاكم الله عنا خيرا .
أقول قولي هذا واستغفر الله . أو كما نبينا صلى الله عليه وسلم ما مضمونه أكد أن الساكت على الحق شيطان أخرس.
يتبع……..