إبراهيم الفاسي الفهري: “مصداقية المغرب في الساحة القارية يقابلها انحراف فادح من الطرف الآخر”
- تحتفل اليوم بصفتك مؤسس ورئيس معهد “أماديوس” بمرور الذكرى العاشرة لمنتدى “ميدايز” الاقتصادية والجيوسياسية. هل حققت هذه التظاهرة أهدافها؟
- إن حضور رئيس الاتحاد الأفريقي (ألفا كوندي) منتدى “ميدايز” (أيام المتوسط) العاشرة يحمل دلالة رمزية كبرى لتزامن ذلك مع عودة المملكة المغربية إلى العائلة الأفريقية الكبرى. والهدف من هذا المنتدى الذي تنظمه منظمة غير حكومية، (أماديوس) هو الخروج من الصالونات الرسمية وربط الاتصال والتفاعل بين الزعماء السياسيين من جهة والعاملين الاقتصاديين وناشطي المجتمع المدني من جهة أخرى، وهذا منبع فخر بالنسبة إلينا.
- هل تعتقد أن المنتدى سمح للقارة الأفريقية بإحراز تقدم في مجال الإستراتيجية الاقتصادية والقرارات السياسية الصائبة؟
- نحن نرفع شعارات مختلفة ومتنوعة على مر السنوات، فقد كنا أول من أطلق إنذار الخطر والتهديد في منطقة الساحل في 2009، كما أننا دائما نسعى لإبراز الدور القيادي لبعض الدول الأفريقية، مثل ما هو الحال اليوم بالنسبة إلى رواندا.
وأنا أعتز بأن منتدى “ميدايز” سمح بالتقارب بين المغرب وبعض دول شرق أفريقيا، لتخرج المملكة من منطقة نفوذها في غرب وسط القارة إلى شرقها. والهدف الرئيسي من هذه الندوة هو بناء جسور بين البلدان والأشخاص والمنظمات.
- ولكن الجسور شبه منعدمة بين بلدان شمال أفريقيا…
- أنا مستاء جدا لهذا الوضع. الحقيقة أن “مغرب الشعوب” موجود، خلاف “مغرب الدول”. ولكن، الملفت أن المغرب يتقدم في القارة الأفريقية بثبات، إذ أنه أول مستثمر أفريقي في أفريقيا، وبنوكه حاضرة في نحو ثلاثين بلدا، وفي الوقت ذاته هناك من يطلقون حملات تشويه السمعة.
فالمغرب مستعد للتقارب مع الجزائر، والدليل أن الملك محمد السادس لا يفوت أي فرصة للدعوة إلى فتح الحدود، وبالمقابل وزير الخارجية الجزائر [عبد القادر مساهل] يستخف وينتقد. وقد دعونا الإخوة الجزائريين للمشاركة في هذه الندوة، ولكن للأسف لم نتلق أي إجابة ولا رد.
- هل برأيك الانسداد بين المغرب والجزائر هو جوهر شلل ما يسمى “المغرب الكبير”؟
- أكثر من ذلك، أقول إن تشبث الجزائر ببرنامج أكل عليه الدهر وشرب يجمد بصورة جذرية التعاون المغاربي. فنحن في عام 2017، ومن غير المعقول أن نبقى متجذرين في زمن وذهنية الحرب الباردة. وواضح أن مصداقية المغرب في الساحة القارية يقابلها انحراف فادح من الطرف الآخر. هذا أمر مؤسف للغاية.
- ما رأيك بوضع أفريقيا اقتصاديا وسياسيا؟
- أنا متفائل بحاضر ومستقبل قارتنا الأفريقية. أفريقيا بالنسبة إلي هي قارة القرن الواحد والعشرين، وبروزها عالميا يتضح شيئا فشيئا على الرغم من الأزمات القائمة.
القارة الأفريقية عازمة على المضي قدما نحو تخطي العقبات والحواجز، وليس لدى القادة الأفارقة أي عقدة في التعامل والتعاطي مع نظرائهم الأوروبيين، وهم يريدون بناء شراكة متكافئة ومتساوية لا يوجد فيها خاسر ورابح.
- إلا أن الشباب الأفريقي عينه مركزة على القارة الأوروبية…
- هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها، وهذا لسبب بسيط هو أن أوروبا لا تزال قوة اقتصادية كبرى. والحقيقة أيضا أن الشباب الأفريقي يثق أكثر من أي وقت مضى بقدرته على بناء مستقبل زاهر، وأعتقد أن الحلم الأفريقي حقيقة. فقد حان الوقت لأن تفكر أفريقيا في نفسها قبل كل شيء، والمؤشرات إيجابية.
فبلد مثل رواندا يمكن اليوم اعتبارها “سويسرا الأفريقية” بعد أن عاشت كارثة إنسانية كبرى قبل عشر سنوات. وهذا ليس المثل الوحيد بل هناك قصص بلدان ناجحة كثيرة، وعندما تستمع إلى بعض القادة مثل ألفا كوندي وبول كاغامي أو الملك محمد السادس، تدرك أن أفريقيا على الطريق الصحيح، إذ أنهم يركزون على وقائع ملموسة.
- ما هي برأيك التحديات التي تواجه المغرب؟
- أبرز تحد بالنسبة إلى المغرب هو معضلة الشباب، وهذا تحدي كل أفريقيا. يجب إيجاد حلول لهؤلاء الشباب المهمشين الذين يمثلون نحو ثلثي سكان القارة.
الحوار منشور على موقع “فرانس 24”