13 نونبر 2025

إيدي كوهين: قرار مجلس الأمن 2797 تتويج لمسار تاريخي يؤكد عدالة القضية المغربية في الصحراء

إيدي كوهين: قرار مجلس الأمن 2797 تتويج لمسار تاريخي يؤكد عدالة القضية المغربية في الصحراء

في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، تعود قضية الصحراء المغربية إلى واجهة المشهد الدولي بزخمٍ جديد، بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار التاريخي رقم 2797، الذي جدّد التأكيد على مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الحلّ الواقعي والعملي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء.
ويأتي هذا القرار ليعزّز مكانة المغرب الدبلوماسية، ويترجم مسارًا طويلاً من النضال السياسي والدبلوماسي الذي قاده ملوك المغرب وصولا إلى جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
في سياق هاته التطورات الإيجابية، أجرى “المغربي اليوم” حوارًا مع الباحث والمحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهين، المعروف بمواقفه المؤيدة لوحدة التراب المغربي، وبقراءته  للتطورات السياسية في العالم العربي. كوهين، وهو باحث في مركز بيغن – السادات للدراسات الإستراتيجية، يُعد من أبرز الأصوات الإسرائيلية المتحدثة بالعربية التي تُخاطب الرأي العام في المنطقة من منظورٍ مختلف، يجمع بين التحليل الأكاديمي والمعرفة الميدانية بتاريخ العلاقات العربية – الإسرائيلية.

 هذا العام يُحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، وهي محطة تاريخية بالنسبة للمغرب. وتكتسب هذه الاحتفالية طابعًا خاصًا بعد اعتماد القرار الأممي التاريخي رقم 2797 بشأن الصحراء. ما هي رسائلكم بهذه المناسبة؟
المسيرة الخضراء كانت خطوة سلمية عظيمة، قادها الملك الراحل الحسن الثاني، وكان الشعب المغربي موحّدًا في دعم هذه القضية الوطنية. اليوم، بعد خمسين عامًا، تتحقق العدالة: مجلس الأمن يعترف بحق المغرب في الصحراء، والشعب المغربي يجني ثمار نضاله السلمي. الرسالة واضحة: النضال السلمي يثمر والحقوق التاريخية تتحقق بالجهد والصبر.
 كيف استقبلتم قرار الأمم المتحدة 2797 الذي يعزز شرعية المغرب في الصحراء ويدعم مقترح الحكم الذاتي؟
نحن في إسرائيل استقبلنا القرار بالفرح والاحتفالات، ليس فقط بين اليهود المغاربة، بل في أوساط مختلفة. العدالة حدثت أخيرًا. نتنياهو شخصيًا هنّأ الملك محمد السادس، وهذا القرار يوضح للعالم أن المغرب لم يظلم أحدًا، بل دافع عن حقوقه بطريقة سلمية ومشروعة.
في ضوء هذا القرار، هل يمكن القول إن المجتمع الدولي بات يعترف فعليًا بمغربية الصحراء من خلال دعمه للحل السياسي الواقعي الذي يقوده المغرب؟
بالتأكيد، هناك اعتراف تدريجي وواضح. الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، إسرائيل، ودول أخرى بدأت تعترف بشكل صريح بسيادة المغرب على الصحراء، والحل السياسي الذي يقوده المغرب أصبح الخيار الوحيد المقبول دوليًا.
ما هو تقييمكم لموقف الجزائر وجبهة البوليساريو بعد هذا القرار الذي شكّل نكسة لمشروعهما الانفصالي، خاصة وأن العديد من الأصوات تعتبر البوليساريو تنظيمًا إرهابيًا تدعمه الجزائر سياسيًا وعسكريًا؟
الجزائر والبوليساريو تلقّتا صدمة كبيرة بعد هذا القرار. لقد صار مشروعهما الانفصالي أمام ضربة قاضية بعد خمسين سنة من الادعاءات الزائفة. ومع ذلك، أتوقع أنهم سيحاولون إثارة التوتر في المنطقة، خاصة بمساندة بعض الأطراف الإقليمية مثل إيران، لكن المغرب ثابت وقوي، ولن تتأثر سيادته بهذه المناورات.
المغرب أطلق مشاريع كبرى في الأقاليم الجنوبية، من بينها ميناء الداخلة الأطلسي والمناطق الصناعية الجديدة. كيف ترون هذه الدينامية التنموية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس في الجنوب؟
المغرب يتقدم يوماً بعد يوم في التنمية. هذه المشاريع ليست مجرد اقتصاد، بل رسالة سياسية. مقارنة بالجزائر، يظهر جليًا أن المغرب يبني المستقبل ويستثمر في شعبه وبنيته التحتية، بينما الجزائر تعاني من أزمات في الموارد والخدمات الأساسية. هذه الدينامية تُظهر رؤية الملك محمد السادس الحكيمة والتزامه بالتنمية والاستقرار.
 إلى أي مدى يمكن القول إن التنمية الاقتصادية أصبحت في حد ذاتها رسالة سياسية تؤكد السيادة المغربية وتُكرّس الاستقرار في المنطقة؟
بلا شك، التنمية في الصحراء رسالة سياسية قوية. كل مشروع يُنجز هناك يؤكد أن المغرب لم يتخلّ عن صحرائه، وأن السيادة المغربية ليست نظرية، بل واقع ملموس يُترجم في مشاريع تنموية، بنية تحتية، واستثمارات كبيرة.
 في رأيكم، هل يمكن أن تكون الأقاليم الجنوبية مجالًا خصبًا للتعاون المغربي-الإسرائيلي، خاصة في مجالات التكنولوجيا والمياه والزراعة والطاقة؟
نعم، هناك مشاريع فعلية قائمة في هذه المجالات. وفود مغربية زارت إسرائيل، ووفود إسرائيلية زارت المغرب. هناك تعاون قائم في الزراعة، المياه، الطاقة، والفواكه والخضروات، وبعضه لم يُعلن بعد، لكن الأمر موجود ويشهد تقدّمًا حقيقيًا. المستقبل سيكون مبنيًا على تعاون مستدام بين البلدين.
يُعتبر المغرب نموذجًا فريدًا للتسامح والتعايش بين الديانات والثقافات في العالم العربي، وهو ما تعزّزه اتفاقيات أبراهام التي أعادت إحياء الروابط التاريخية العميقة بين المغرب والجالية اليهودية. كيف ترون هذا النموذج المغربي في تعزيز ثقافة السلام والحوار وسط التوترات الإقليمية التي يشهدها العالم؟
المغرب بلد فريد في العالم العربي. كل الدول العربية اضطهدت اليهود، باستثناء المغرب الذي حافظ عليهم وصان كنائسهم. الملك محمد الخامس رفض تسليم اليهود للنازيين وقال: “هؤلاء مغاربة قبل أن يكونوا يهودًا”. هذا النموذج المغربي يعكس التسامح والتعايش الحقيقي، ويظهر كيف يمكن للدولة أن تكون مثالًا للسلام والحياة المشتركة بين مختلف الديانات والثقافات. أنا أحب المغرب وأحلم بزيارته قريبًا.