بطولات حقيقية
يونس مجاهد
المتتبع لأخبار فلسطين، المنشورة والمبثوتة من طرف العشرات من وسائل الإعلام، المشتغلة داخل الأراضي الفلسطينية، سيلاحظ حجم المواجهة اليومية لبنات وأبناء الشعب الفلسطيني، ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي، على مختلف الواجهات والمدن والقرى، طيلة اليوم، في عملية مقاومة متواصلة، تصنعها البطولات “الصغيرة”، الحقيقية،التي يواجهها جيش الإحتلال، بأعتى وأقسى الوسائل.
هذه المقاومة اليومية، هي التي تُبقي جذوة القضية الفلسطينية مُتّقٍدة، وليس أي شيء آخر، رغم البهرجة التي قد تحاط بها بعض التحركات الأخرى، التي لا أثر لها في المقاومة اليومية للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي تفطن إليه قادة فلسطينيون، مثل الزعيم الراحل، ياسر عرفات، فآثر العودة لفلسطين، كيفما كانت الظروف، على البقاء في المنفى، الذي إستنفذ دوره، بعد أن خرجت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، من الأردن، سابقاً، وبعدها لبنان، لتصبح منفية في تونس.
وقد كانت الإنتفاضة الأولى، التي تسمى بأطفال الحجارة، التي انطلقت سنة 1987 ، واستمرت إلى سنة 1991، مؤشراً على قوة التحرك الشعبي في الداخل، وكيف يمكنه تغيير موازين القوى، في الوقت الذي كانت القضية الفلسطينية، تواجه أوضاعا صعبة.
ورغم توقيع اتفاقية أوسلو، فإن عملية المقاومة استمرت، وبلغت أوجها خلال الإنتفاضة الثانية، أو انتفاضة الأقصى، التي دامت من سنة 2000، إلى سنة 2005، والتي شهدت مواجهات قوية، بمختلف الأشكال، والتي رغم سقوط عدد كبير من الشهداء في الصف الفلسطيني، إلا أن إسرائيل تكبدت فيها، كذلك، خسائر كبيرة، وسقطت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر، في معركة جنين.
وفي غياب جبهة عربية متماسكة، للتصدي للعربدة الإسرائيلية، لا يبقى للشعب الفلسطيني، إلا سلاح المقاومة في الداخل، بكل الوسائل المشروعة، التي استعملتها شعوب أخرى، في مواجهة المحتل الذي يغتصب أراضيها.
وقد أكدت التطورات، أنه بعد خروج المقاومة من لبنان، فإن البديل الناجع، هو العمل من الداخل، وليس من الخارج، وأن سادة هذه المقاومة هم الذين يقودونها فوق الارض، وليس بالهواتف، وهو ما تؤكده التطورات حالياً في أرض فلسطين، حيث برز في الساحة جيل جديد، من اليافعين والشباب، أثبتوا في الميدان صمودهم وإصرارهم وقدرتهم على تغيير موازين القوى، دون الإقامة في الفنادق والإقامات الفاخرة وتغيير الولاءات، باستمرار.