من نحن ؟ وماذا نريد ؟ الأسئلة التاريخية
الهاشمي فجري
من نحن ؟ وماذا نريد ؟ سؤالان هيمنا على أشغال اللجنة التحضيرية المكلفة بإعداد المقرر التوجيهي للمؤتمر الوطني العاشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .
يثور التساؤل حول السر في إستمرار هذان السؤالان في الحضور في المحطات الاساسية في تاريخ الاتحاد ؟ هل يعود الامر إلى أنهما يؤرخان لتاريخ تأسيس الهوية السياسية والأيديولوجية للاتحاد ؟ أم أن الامر يتعلق بكون الاتحاد يشعر بأنه يبتعد عن نفسه فإن الرجوع إلى هذه الأسئلة هو بمثابة محاولة إستعادة تملك هويته الأصلية ؟
لهذه الأسئلة تاريخ وحكاية ،فتاريخها إرتبط بكتاب الاختيار الثوري الذي كان الشهيد المهدي بن بركة قد عرضه على المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد سنة 1962 ولهذه الأسئلةً أيضا حكاية والحكاية هي مساهمة المفكر المغربي الكبير عبد الله العروي في صياغة ذلك الكتاب ، علاقة العروي بالمهدي كانت وثيقة تحدث عنها في كتابه الجميل ( المغرب والحسن الثاني Le Maroc et Hassan 2 ) لكن لم ينتبه له كثيرون . إن هذين السؤالين تضمنتهما مقدمة كتاب الأيديولوجية العربية المعاصرة التي كتبت سنة 1966.
خلف هذه الاسئلة ينتصب السؤال التاريخي الذي طرحه لينين ، وهو ماالعمل Que faire ،يعني ذلك أنه في الأوضاع المعقدة وفِي عملية السعي إلى الوضوح تطرح هذه الاسئلة ، إنها تعبير عن وقفة تأمل ، وفِي نفس الوقت محاولة لضبط الفعل السياسي في خضم التحولات السياسية السريعة للاستمرار في الحضور والتأثير وذلك كله يتطلب إستراتيجية واضحة يؤطرها أولا من نحن ويحدد لها الأفق ماذا نريد ، هذه هي حالة الاتحاد وهو يستعد لعقد مؤتمره العاشر ، في النقاشات التي إستمرت لساعات طرحت العديد من الاسئلة تداخل فيها ما يهم مستقبل الحزب ومت يتعلق بمستقبل الوطن وهذا الجانب الثاني أصبح حاضرا بقوة بالنظر للاوضاع السياسية الجديدة التي أفرزتها إنتخابات 2012 و2016 والتي بات واضحا أن الديمقراطية في هذا البلد باتت مهددة ليس فقط من خصومها التقليديين ، بل أيضا من أولائك الذين يعتبرونها فكرا تغريبيا occidentalisé ولكنهم مستعدون لتوظيف آلياتها ( صناديق الاقتراع ) لتخريبها .
عاد الاتحاديون لقراءة تجربة حزبهم منذ التأسيس سنة 1959 ولكن هذه القراءة لا تهمهم وحدهم فتلك تجربة يشترك معنا فيها فصائل إتحادية أخرى ، وذلك ما يدعونا إلى القول بأنه يمكن الحديث حين يتعلق الأمر بقراءة تاريخ الاتحاد بأننا أمام إتحاد متعدد منتشر في المشهد السياسي المغربي سيجمعنا مع فصائل ذلك التاريخ المشترك ، لذلك فإننا ملزمون بقراءته بالصرامة الموضوعية اللازمة وإحتراما للأخرين .
أما المستقبل فإن نخبة ومناضلى الاتحاد يجتهدون في وسم معالمه ويراودهم خوف كبير إنه خوف يعكس حقيقتين :
* الاولى : إنهم يشعرون بثقل المسؤوليات أمام تراجع حزبهم ويبدو لهم وكأن ذلك الجبل الذي ظل صامدا يوشك أن يَنْهَدٌٓ.
* والثانية : إن هم الوطن صار أثقل وكل التعترات أصبحت مقلقة وهم مطالبون بالاستمرارية النضال من أجل إستكمال البناء الديمقراطي وفِي نفس الوقت خلق الأمل لدى شعب بكامله بأننا يمكن أن ننجح في مسيرة تقدم الوطن .
من نحن وماذا نريد أسئلة ستظل تطرح في كل سياق جديد للوصول إلى أجوبة جديدة ولذلك فهي أسئلة تاريخية.