مشروع الإطار للتعليم يخلق الأزمة
بقلم عبدالهادي بريويك
تنظر المبادئ المسيحية للزواج على أنه علاقة أبدية. لذلك من الصعب الحصول على الطلاق نظرًا لكون الزواج عقدًا غير منحل، وبذلك يكون الزواج هو استمرار لعقد غير قابل للفسخ، لكن هذا التعاقد في التكتلات الحزبية داخل المشهد المغربي لايمكن الإيمان به بشكل دائم نظرا لاختلاف المراحل التاريخية والتعاقدية من أجل الحفاظ على مصلحة الوطن وكذا لاختلاف الإيديولوجيات السياسية التي تخضع لقيم التجاذب المرحلي والتنافر المرحلي أيضا بناء على استقلالية القرار السياسي.
ومابات معروفا في المرحلة الراهنة بين مكونات الأغلبية الحكومية من مظاهر عدم القدرة على استمرار هذا الزواج يدعو إلى التفكير الواعي في الوضع الراهن للمغرب في ظل دعوة عاهل البلاد إلى إقرار مشروع تنموي جديد يتماهى والواقع المعاش للمواطن المغربي وآفاقه المستقبلية وما يدعوه مغرب اليوم من الإقبال على التحديات بخطى ثابتة وواعدة.
فحزب العدالة والتنمية الذي رفع تحديات كبيرة لطيلة ولايتين حكوميتين، وحمل للشعب المغربي أيضا أحلاما موردة حول إصلاح الأوضاع بات بعض أعضاءه يسيرون ضد مسارات الإصلاح الذي يتبناه المغرب وطفحت على السطح خلافات داخلية بين مكوناته الحكومية وأخرى خارجية في تعاطيهم مع الأغلبية الحكومية، ومن باب تأريخ التاريخ إسقاط حقائب حكومية لحزب التقدم والاشتراكية دون الاستشارة أو حتى الإخبار في إطار التعاقد الأخلاقي والسياسي بين الحزبين.
لنطرح التساؤل:
هل هي مخططات حزبية أم حسابات أشخاص تملى عليهم المواقف داخل الحزب الحاكم ليتخذوها قرارات ومواقف يتم تفعيلها في غياب باقي الأغلبية الحكومية.
فعكس الزواج الكاثوليكي هناك الزواج الإسلامي، الذي يبيح التعدد أو الطلاق بمعروف، وهذا مايجري في كل مرحلة من مراحل التاريخ المغربي في حياته السياسية، حيث تتكثل الأحزاب بناء على برامج وأهداف مشتركة مع احترام استقلالية القرار الحزبي، ولكل مرحلة أناسها ورجالها كما أحزابها في إطار ماتمليه الضرورة، وليس من باب المزاجية والعاطفة الزائدة، مادامت الحياة السليمة للسياسة يجب أن تعيش في مناخ التعاون المشترك بين الأحزاب المكونة للأغلبية وأن تكون المعارضة أيضا، معارضة بناءة تقوم بدور النقد من أجل تصحيح المسارات وليس النبش في أعراض الناس والمساس بمصداقية أحزابهم السياسية.
وإذا كان مشروع الإطار للتعليم قد خلف ردودا متبانية بين مكونات الأغلبية ومع المعارضة فهذا مرده إلى كون التعليم بالمغرب ليست مشكلته مشكلة لغة، بل مشكل قائم الذات وعضوي، نظرا لما يعيشه من انكسارات مفصلية واعوجاج هيكلي لم تستطع كل الحكومات معالجته والوقوف على مشاكله الحقيقية مما يزيد من تدهور التعليم في كل مرحلة وحين.
فشخصيا مع تدريس أبناء شعبنا كل اللغات وإن شاءت الأقدار حتى العبرية، لأن قوة الشعوب في تعلم اللغات وتطور الأمم في اكتساب مهارات العالم من حوله ودراسة الاستراتيجيات بكل اللغات كما مستجدات الطب وآلياته والتكنولوجيات الصناعية الدقيقة والثقيلة وغيرها.
هذا الأمر يوضح بشكل جلي أن الأغلبية الحكومية في آونتها الأخيرة بات تعيش لحظات التفتت السياسي بإدارة محكمة من حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم المطالب باللغة العربية في ذرء تام لكل اللغات، ولم يتم الوقوف مشكل التعليم وكيفية النهوض به وبأسرته التعليمية في إطار المدرسة العمومية التي لم تعد تجدي نفعا في ظل تنافر المناهج وعدم قدرتها على التعايش مع فئات المتمدرسات والمتمدرسين.
وبالتالي فهذا الزواج بين الأغلبية الحكومية ، لابيت له للطاعة وإنما هي علاقة بدأت تتلاشى في ظل غياب الرؤيا الوضحة لمعالم السياسة العمومية بالبلاد.