لوكا مورديتش…من طفل لاجئ إلى رمز للكرة الكرواتية
يحظى النجم الكرواتي لوكا مورديتش بإعجاب وتقدير محبي كرة القدم وفي مقدمتهم مواطنيه. ولمع اسم لاعب وسط ميدان ريال مدريد أكثر في منافسات كأس العالم الجارية في روسيا. ومورديتش عاش جزءا صعبا من طفولته بسبب الحرب التي هزت بلاده، إلا أن ذلك لم يمنعه من ممارسة كرة القدم، وتدشين بدايات التألق على الملاعب. بورتريه:
يشكل لوكا مورديتش، 32 عاما، القلب النابض للآلة الكرواتية التي أتت على كل الفرق التي واجهتها طيلة منافسات كأس العالم المنظم في روسيا. وإن كان اليوم محط إعجاب عشاق كرة القدم في العالم وعلى رأسهم مواطنيه، فهذا جاء نتيجة عمل طويل، مكن “الأمير الصغير”، كما تفضل بعض وسائل الإعلام تلقيبه، من أن يتربع على عرش قلوب الجماهير الكرواتية.
لم يعش لاعب وسط ميدان ريال مدريد طفولة عادية كبقية الأطفال. فالحرب الدامية التي هزت بلاده بين 1991 و1995 وخلفت 20 ألف قتيل، وكان من ضحاياها جده الذي قتل مع بدايتها، شكلت جزءا مريرا من هذه الطفولة، حيث لم يكن أمام أسرته، وهو في السادسة من العمر، إلا الهروب من بلدته نحو منطقة أخرى من كرواتيا فرارا من القتل.
والتجأت الأسرة لأحد الفنادق في منطقة زادار حتى تحمي نفسها من نيران الحرب. لكن عشق مورديتش للكرة كان أقوى من الحرب نفسها، ولم يمنعه هذا التعلق باللعبة من مواصلة مداعبتها حتى في أحلك الظروف، إذ ظلت رفقيته أينما حل وارتحل. “كان يداعب الكرة في ممرات الفندق، كما أنه كان يأخذها معه للنوم”، يقول أحد مدربيه في الصغر في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية.
في بلدة زادار سجل بداياته الأولى مع اللعب في فرق الكرة. فرغم أهوال الحرب، ظلت تدريبات الفريق المحلي، الذي يلعب في الوقت الراهن بالدرجة الثالثة، متواصلة. ولم توقف أخطار هذه الحرب “الأمير الصغير” من حضور هذه التدريبات. “في الكثير من المرات، كنا نضطر للاختباء لحماية أنفسنا من القنابل”، يشير أحد أصدقائه الذي كان يصاحبه للتمارين مع فريق “إن ك زادار”.
وفي هذا النادي تفتقت المواهب الكروية الأولى للنجم الكرواتي قبل أن يلتحق في إطار أول عقد له إلى نادي دينامو زغرب، كانت مدته عشر سنوات. وحصل على جائزة أفضل لاعب كرواتي ست مرات. ويعتبره مواطنوه “إله الكرة في كرواتيا”.
وقاد “الأمير الأصغر” نادي توتنهام الإنكليزي لربع نهائي دوري أبطال أوروبا في 2010، قبل أن ينتقل إلى ريال مدريد ويحقق معه العديد من الإنجازات المحلية والأوروبية، كما اختير أحسن لاعب وسط في إسبانيا مرتين، وحصل على جائزة أفضل لاعب وسط في أوروبا في 2017.
وكانت أول مباراة له مع منتخب بلاده في 2006 التي جمعته مع الأرجنتين قبل أن يتحول للاعب أساسي ضمن تشكيلته التي تجسد اليوم “الجيل الذهبي”، للكرة الكرواتية. ويرشحه الكثير من المراقبين الرياضيين للفوز بالكرة الذهبية لهذا العام.
ورغم ملاحقته القضائية في قضية تقديم شهادة كاذبة، إلا أنه يظل محط إعجاب وتقدير جماهير الكرة الكرواتية بفضل النجاحات التي حققها بالكثير من العزيمة والإصرار. فهذا “الولد ذو الحس الرهيف هو إنسان يعرف ما يريد. الحياة علمته ذلك، لقد عاش ظروفا سيئة عندما كان طفلا”، يقول سفيتكو كوستيش المسير الحالي لفريق الأصلي “إن ك زادار”.