لماذا نجح التعليم عن بعد في مؤسسة الربيع الخصوصية؟
بطريقة فجائية توقف النموذج التعليمي الحضوري، وانتقلت الممارسة البيداغوجية إلى براديجم جديد، خلق ارتباكا وترددا داخل المنظومة التعليمية، إذ فرض نموذج التعليم عن بعد وما يقتضيه من انخراط جميع المكونات الضامنة لنجاح الاستمرارية البيداغوجية مؤسسة وتلميذا وأسرة.
واللافت للانتباه أن مؤسسة الربيع بتجربتها في مجال الرقمنة التربوية منذ تأسيسها لم تعش هذه الأزمة المرتبطة بكوفيد 19، إذ استطاعت أن تتكيف بسرعة مع هذه الظرفية الطارئة، وذلك بتشييد نموذج بيداغوجي ملائم لسياق الجائحة مستثمرة الاستعداد القبلي لجهازها البيداغوجي، سواء من حيث التجهيزات الرقمية المتطورة أم من حيث قدرات الموارد البشرية في التعامل مع التقنيات الجديدة أم من حيث التفاعل الجيد والإيجابي مع التلاميذ وأسرهم.
ومما لاشك فيه أن التجربة غنية بالدروس والعبر، والإيجابيات كثيرة وقابلة للرسملة والاستثمار ضمن أساليب تدريسية مبتكرة بعد الحجر الصحي. فمن المكتسبات العينية بالأرقام
• في إطار التضامن البيداغوجي زودت المؤسسة بعض التلاميذ بلوحات إلكترونية، قصد تمكينهم من مسايرة التحصيل الدراسي دون عوائق مادية، ورغبة في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص
• تم بث 85حصة يوميا وفق جدولة زمنية دقيقة لا تخل بالمضامين البيداغوجية المستهدفة في مختلف المستويات والأسلاك
• تم انتاج أكثر من 9800 حصة لحد الآن، مع ارشفتها قصد استثمارها في وضعيات تعليمية مستقبلية تهم لتلميذ الغائب والمريض
• إرسال أكثر من 46000 رسالة إلى الآباء لمتابعة انضباط التلاميذ وتفاعلهم مع الحصص
• إنشاء وحدة استماع للتواصل مع الآباء في مختلف للشؤون التعليمية والبيداغوجية
• المواكبة التقنية للأسرة حتى تتمكن من التفاعل الناجح مع النموذج البيداغوجي الجديد
وقد انضبط هذا النموذج البيداغوجي الناجح إلى معايير تربوية تقوم على:
• التحفييز الذي يعد الزناد القادح لرغبات التلاميذ في التعلم في فترة تحتاج إلى مواكبة نفسية، وتشجيع متواصل لفئة عمرية تتميز بالحركية والنشاط، فوجدت نفسها في حالة حجر وسكون، وقد مكن تطبيق كلاس رووم Classroom من تحقيق هذه الغاية وهذا المقصد.
• إذكاء الصراع المعرفي: إذ لا تعلم دون صراع معرفي يمكن المتعلم من الانتقال من حالة عدم التوازن إلى حالة التوازن، ويفيد في إغناء المكتسبات السابقة عن طريق الحوار والتنافس بين الأقران. وقد تحقق هذا الفعل باستعمال مييت Meet وكلاس رووم Classroom وذلك بنهج المسار البيداغوجي الآتي:
التحفييز النقل والإرسال التطبيق التقويم التكويني والدعم
• التقويم التكويني المستمر والمتابعة الدائمة
ومما لاشك فيه أن التعليم عن بعد خيار استراتيجي مكمل للتعليم الحضوري المؤنسن بطريقة مباشرة وحية، ولا غنى عنه بعد الجائحة في تجويد الممارسة التعليمية عن طريق مواكبة التلاميذ خارج الفصول الدراسية، وتمكين المتغيبين من الدروس الحضورية، ومساعدة الأسر في تتبع تلاميذهم ومصاحبتهم في إنجاز التمارين المنزلية، وفي تنمية التعلم الذاتي والفرداني لدى التلاميذ، تمهيدا لاستقلاليتهم وجعلهم مسؤولين على مهنة التلمذة التي يزاولونها أثناء مسارهم الدراسي.
وختاما، فإن سر نجاح التعليم عن بعد في مؤسسة الربيع يكمن في الرغبة في تجويد الفعل التعليمي انطلاقا من تفعيل مبدإ التنويع البيداغوجي والانخراط في مجتمع الرقمنة والمعرفة في زمن يؤمن بالرأسمال البشري، وأنسنة الأنشطة وتخليقها تخليقا قائما على القيم الكونية. ويرى أن نتجاوز الصعوبات في لحظة الأزمات رهين بالإرادة والعمل بعيدا عن التبريرات المعيقة لكل اكتساب جديد.