عهد التميمي.. أيقونة المقاومة
إبراهيم النجار:
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ.. هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟ قلت: قَتَلْتني… ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.. في قصيدته الرائعة “في القدس”، استخدم محمود درويش الشاعر الفلسطيني الفذ، الحجر رمزا للتمرد والثورة، وأداة ووسيلة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وأكد من خلال قصيدته، علي دلالة رمزية هامة، بأن الفلسطيني لا يموت، وإنما هو قائم ومستمر في الواقع اليومي، فالشعوب الحية لا تموت أبدا. هذا الإصرار والتحدي، هو الذي سيحقق المقولة الافتراضية في أول القصيدة: فالمحبة والسلام مقدسان.. وقادمان إلى المدينة.
أفرجت السلطات الإسرائيلية عن الطفلة عهد التميمي و والدتها اللتين اعتقلتا قبل ما يقرب من 8 أشهر، بسبب قيامها بضرب عسكري إسرائيلي. عرفت عهد، بهذا السلوك منذ نعومة أظفارها، عهد، لم تكن الطفلة الأولى، فكم طفل وطفلة يقبع في السجون الإسرائيلية ما بين أسير أو سجين أو معتقل؟ لمجرد المطالبة بالحرية والحق في الحياة؟.
مستمرون في المقاومة حتى طرد الاحتلال، الاعتقال لن يكسرنا، والأسيرات بمعنويات قوية وأحمل رسائل منهن سأكشفها قريبا. بهذه الكلمات بسيطة المبني عميقة المعني، بدأت عهد، حديثها بعد قرار الإفراج عنها من قبل الاحتلال الإسرائيلي. صفعت عهد تنبؤات تنبؤات رئيسة وزراء إسرائيل الراحلة جولدا مائير، عندما قالت يوما ما “غدا يموت الكبار وينسي الصغار”، فقد خاب ظن الاحتلال، فارتقي الكبار شهداء، وذاكرة الصغار فولاذية لا يخرقها رصاص محتل غاصب. بصلابة وقفت هذه الصبية خلف قضبان محتلها، وفكت تمائم أسرها، فغدت إسرائيل بأكملها أسيرة كفها الصغيرة. عهد التي جسدت الحلم والأمل معا لمقولة الراحل الشهيد ياسر عرفات، “سيأتي يوما ويرفع فيه شبل من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق كنائس القدس ومآذن القدس وأسوار القدس الشريف”.
ففي عام 2001، وبعد أشهر من الانتفاضة الثانية، فتحت المناضلة الجميلة عينها، سنوات مرة من الاحتلال مرت علي شعبها وأرضها، فانتفضت منذ بواكير طفولتها علي الانتهاكات الإسرائيلية، رافضة الانصياع لعهود باعت الأرض وسلبت الحق. عهد أبنت مدينة النبي صالح المحاطة بالمستوطنات غربي رام الله، هي من عائلة تختصر قصة بقية العائلات الفلسطينية، التي تمتهن المقاومة الشعبية ضد الاستيطان. فيها الأسري الذين اعتادوا الاعتقال من الأب الذي أعتقل 11 مرة إلي الأم التي اعتقلت 5 مرات، فإخوانها وأبناء عمومتها الذين تعرضوا للضرب المبرح علي أيدي الجنود الإسرائيليين.
شيء ما في ابنة السبعة عشر عاما، يخالف المألوف ويصنع منها أيقونة مغايرة لما عاهدناه من صور تبثها يوميات الصمود الفلسطيني، فصغيرة السن هذه نضجت مقاومتها مبكرا. تحلم عهد باحتراف كرة القدم، وربما تكون حققت بعض ما تصبو إليه، فركلت محتلها، وسجلت في مرمي انتهاكاته أهدافها، شاهرت في وجهه بطاقة حمراء. وتحلم أيضا بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، لا لشيء بل لتتحدث للبيت الأبيض في عقر داره، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتعلق بالقدس. ولتقول لإسرائيل وللعالم لكم عهد ترامب، ولنا عهدنا بحرية فلسطين…