حزب العدالة والتنمية يستنجد بأمريكا للبقاء في “الحكم” ويصيح… وأمريكاه!
يبدو أن من كانت بالأمس عدوة لـ”الشعوب” وردد في حقها كثيرا الشعار التاريخي “يكفينا يكفينا يكفينا من الحروب أمريكا أمريكا عدوة الشعوب”، وقيل فيها ما لم يقل مالك في الخمر صارت اليوم تُغازِل وتُغازلْ من طرف حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية دون أدنى استحياء أو خجل، بل بات إخوان بنكيران يقولون شعرا في أمريكا ويتمنون “جنة أمريكا” في الأرض بدلا من جنة الله! فهل الأمر راجع لحلاوة الكراسي أم لمرارة المسؤولية.
لم يعد بالتالي يخفى على أي أحد حب بنكيران وإخوانه للكراسي واستعدادهم للبقاء في “الحكم” ولو على حساب المبادئ التي باتت تتلون معهم وتأخذ أشكالا كثيرة ومتعددة بل وتخضع لتأويلات دينية وسياسية حسب حاجة “إخوان بنكيران” الذين يوجدون اليوم أكثر من أي وقت مضى في حالة سعار جريا وراء المناصب والكراسي ولو كلفهم ذلك التحالف مع الشيطان فما بالك أمريكا…
دفعت “خدمات العمر”، التي يقدمها وقدمها إخوان بنكيران لأمريكا في السر والعلن أمريكا “بجلالة قدرها” إلى إعلان دعمها المباشر إلى قيادات العدالة والتنمية بالمغرب متمنية فوزهم بولاية جديدة في الانتخابات، فأمريكا بادلت بنكيران وأحبته التحية بأحسن منها كما يقال ولعل في الخرجة التي كانت قبل شهور للمرشحة لرئاسيات أمريكا هيلاري كلينتون وإعلانها دعم التجربة الحكومية “الإخوانية المغربية” خير دليل على الود والتقارب الموجود بين الطرفين والذي لا يقبله أي عقل أو منطق.
ترى هيلاري كلينتون، أن على كل البلدان التي لم تنجح في إدماج إسلاميين معتدلين في الحكومة بعد الربيع العربي أن تستفيد من تجربة المغرب في المنطقة بعد أن أفسح المجال أمام حزب العدالة والتنمية بل وتمنت أن ينتخب العدالة والتنمية لولاية ثانية وقيادة الحكومة المغربية من جديد.
يرى كثير من المحللين لهذا الكلام أن السيدة كلينتون أذكى من أن ترمي الورود مجانا على إخوان بنكيران، خصوصا وهي تعلم جيدا ماذا فعله إخوان مرسي أو جماعة الإخوان المسلمين بمصر في عز “الربيع العربي” وماذا جروا عليها من خراب ودمار وماذا قاموا به من إخراس للأصوات المعارضة ومحاولة استعباد المصريين الذين فطنوا للمخطط مبكرا وحاكموا بقسوة تجربة الإخوان التي كلفت بلاد النيل غاليا عل عدد من المستويات فإخوان مرسي حاولوا أخونة الدولة المصرية والتغلغل داخل المناصب الحساسة وأغدقوا النعم على كل المريدين ومن يدور في فلكهم مقابل التضييق على أبناء الشعب المصري الحر.
يتحدث المحللون أنفسهم ويعددون الأمثلة على المحاولات البنكيرانية الكثيرة لـ”أخونة المغرب”، وتوظيف الأبناء والأحفاد والمقربين والمريدين وأبناء القياديين في حركة التوحيد والإصلاح التي تدين بديدن الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية في المناصب العليا والسامية في محاولة للتغلغل أكثر داخل الدولة، وما فضيحة تعيين سمية بنكيران إبنه بنكيران في الأمانة العامة للحكومة سوى الجزء الظاهر من الحكاية بجانب الاستفادة من كل خيرات ونعم البلاد فهل هذا هو النموذج الذي تريده أمريكا للمغرب وللمغاربة؟.
صار الدعم الهيلاري / الأمريكي لقيادات العدالة والتنمية حديث العام والخاص ليس لسواد عيون الإخوان بل ليستمر الإمتداد الأمريكي داخل المغرب ولتضمن أمريكا لرجالاتها (إخوان بنكيران) الأمان والحماية مقابل تقديم خدمات تحت الطلب مهما كانت مكلفة للمغرب، إن الدعم الأمريكي للبيجيديين يأتي في ظل الظرفية الحالية التي يعرف فيها الجميع دون استثناء مدى الرعاية الأمريكية للإسلام السياسي الذي تقدمه كأقوى مخدر جديد في المنطقة العربية ولربما لم تكن حتى أمريكا نفسها تظن أن تكسب بدعمها لإخوان بنكيران بالمغرب أو إخوان مرسي في مصر… انبطاحا من هذا الحجم حتى بات بنكيران وقبله مرسي يغني على أمريكاه على غرار و”امعتصماه”.
ما يتجاهله “الإخوان” في العدالة والتنمية ويرفضون حتى الحديث عنه لكونه يشكل الحقيقة الساطعة التي لا يختلف حولها عاقلان هو أن الملكية هي الضامن للاستقرار في المغرب بفعل التلاحم الوثيق والتاريخي بين العرش والشعب، بل لقد أضاع مريدو بنكيران وحاشيته 5 سنوات من الزمن السياسي المغربي ومن حياة الملايين المغاربة في ترديد أسطوانة مشروخة تفيد بكونهم هم من جلبوا الاستقرار للمغرب وهم من “تجاوزا” به مرحلة “الربيع العربي” في محاولة لتضليل شعب نسوا أن مثل هذه الأباطيل لا تنطلي عليه ولا يرى شيئا سوى ملك يجوب كل أنحاء البلاد حاملا مشاريع النماء في مقابل رئيس حكومة عاجز ويصارع طواحين الهواء ويعلق أسباب فشله على أشخاص وجهات لا توجد سوى في مخيلته، فالاستقرار موجود في المغرب مع الملكية وبفضل الملكية بل وحتى قبل ولادة بنكيران وحزب العدالة والتنمية أو الشبيبة الإسلامية وكل تيارات الإسلام السياسي بالمغرب ويعود لملايين السنين وراجع لتعاقد بين ملك وشعب وغير ذلك فأضغاث أحلام.
الجميع يتذكر لأن الذاكرة هي أقوى سلاح لدى الشعوب هو أنه في الوقت الذي كان فيه الكل يتحدث عن “التحرشات” الأمريكية الأخيرة بالمغرب آخرها في ملف وحدته الترابية والتي انتفض ضدها المغرب وقواه الحية لزم إخوة بنكيران الصمت وظلوا يراقبون الوضع عن كثب في انتظار أن تميل كفة إحدى الأطراف ما يترجم حقيقة واضحة للعيان هي أن الوطن هو آخر ما يفكر فيه قياديو العدالة والتنمية فالحركة والحزب والجماعة أولى عندهم وأقدس من الوطن.
بنكيران وإخوته صاروا اليوم وبالواضح يعبدون أمريكا ويصلون لكي ترضى عنهم أمريكا وحل تمثال الحرية مكان القبلة عندهم عوض الكعبة المشرفة ونسوا الشعار “يكفينا يكفينا يكفينا من الحروب أمريكا أمريكا عدوة الشعوب”، وأبيات الشاعر الكبير الراحل محمود درويش حول أمريكا وما سببته وتسببه من خراب ودمار يوميا في كل أرجاء العالم إذ يقول درويش: “وأمريكا على الأسوار تهدي كـل طفل لعبة للمـوت عنقودية، يا هيروشيما العاشق العربي أمريكا هي الطاعـون… والطاعـون أمريكا… نعسـنـا… أيقظتـنـا الطـائرات وصوت أمريكا… وأمريكا لأمريكا… وهذا الأفق إسمنت لوحش الجو… نـفـتـح علبة الـسردين تقصفها المدافع… تحتمي بستارة الشبـاك تهتز البنايـة تقفـز الأبـواب أمريكـا وراء الباب أمريكا”.