تفاصيل صغيرة؟!
بقلم : يونس مجاهد
تتحول المناسبات والمواسم والعطل، في المغرب، إلى فرصة لابتزاز المواطنين، حيث يتصيد البعض مثل هذه الفرص، لفرض أسعار باهظة على السلع والخدمات، خارج القانون وفي تحدٍ تام للجميع، في عمليات تشبه ممارسات المافيا، يتم هذا تحت أنظار الإدارة والسلطات والجماعات المنتخبة، رغم شكايات الناس وكتابات الصحافة، واحتجاجات منظمات المجتمع المدني.
خلال فصل الصيف، يتم احتلال العديد من الشواطئ، حيث ينصب أشخاص مظلات وكراسي، في أحسن الأماكن، على طول وعرض الشاطئ، بل هناك منهم من يمنع المواطنين من نصب مظلاتهم، تحت التهديد، وأمام أعين السلطات التي لا تحرك ساكناً. ونفس الأمر يحصل في العديد من مرائب وقوف السيارات، التي تفرض فيها أثمان غالية، لتتحول عطلة الصيف واستجمام العائلات، إلى مجال للنهب والابتزاز.
غير أن مثل هذه الممارسات، لا تقتصر على الشواطئ، بل إن مثلها يحدث في شهر رمضان، وفي الأعياد، وغيرها من المناسبات، حيث ترتفع أثمان المواد الاستهلاكية، كما يستغل أصحاب سيارات وحافلات النقل العمومي هذه الظروف، لمضاعفة التسعيرة، في إطار ممارسات من المفترض أنها ممنوعة قانوناً، لكن مع ذلك تتم علنًا، دون مراقبة ومحاسبة.
بذلك تتحول العديد من الشواطئ، التي هي جزء من الفضاء العام، إلى مجال للاحتكار والابتزاز، مما يحتم على مختلف السلطات والجماعات المنتخبة، معالجة هذا الوضع، وتنظيم الخدمات ومراقبتها، بشكل يضمن احترام المواطن وحمايته، لأن ذلك يدخل في صميم مسؤوليتها الإدارية والاجتماعية.
ويمكن القول، إن هذه التفاصيل التي تبدو صغيرة، هي التي تصنع الفارق بين البلدان المتخلفة والمتقدمة، فالاهتمام بالحياة اليومية للناس في أدق التفاصيل، في الفضاء العام والخدمات والمواد الاستهلاكية، يشغل بال المسؤولين الحكوميين والمنتخبين، في الدول الديمقراطية، مثل حالة النقل العمومي والنظافة في الشوارع والشواطئ والساحات، ومراقبة الأسعار وتوفير الخدمات، والتصدي للاحتكار وغيرها، من المشاكل التي لا ينبغي إهمالها، لأنها مشاكل القُربِ، التي توازي في أهميتها القضايا التي تبدو كبيرة مثل السياسة والاقتصاد.