تحليل إخباري. المغرب يراجع حساباته بشأن السعودية والإمارات والرباط تعيد النظر في تحالفات غير مجدية
في خطوة ستكون لها تداعيات خلال بضع أيام وردود أفعال هنا وهناك خصوصا أنها مسنودة هنا بقوة شعبيا وعلى أعلى المستويات قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة يوم أمس بالدار البيضاء، ” أن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة بالنسبة للمغرب، وأن التنسيق مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين”.
كلام الدبلوماسي المغربي المحنك المقتضب يرى فيه كثير من المحللين بأنه ضغط على الوتر الحساس بالنسبة لدولتين كانتا تستغلان ود المغرب وتقديمه لسند لا مشروط كلما اقتضى الأمر ذلك انطلاقا من قاعدة راسخة لدى المغرب ومنذ زمن تتلخص في حفاظه على اللحمة العربية والحفاظ على العلاقات العربية – العربية بل وتفضيلها وتقديمها على أي شيء آخر خصوصا أن للمغرب خيارات عديدة وتحالفات أفضل وأفيد تغنيه عن الاستمرار في تحالفات غير مجدية ويتعامل أصحابها بمنطق مغرق في الفردانية بل وفي تضخم أنا زائد.
ومن بين أقوى ما قاله بوريطة خلال ندوته المشتركة يوم أمس مع نظيره الأردني “هذا التنسيق يجب أن يكون من طرف الجانبين، وليس حسب الطلب، و يجب أن يشمل جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا على غرار الأزمة الليبية”، مضيفا أن “الرغبة في الحفاظ على هذه العلاقة يجب أن تكون من الجانبين، وأن تكون متقاسمة وإلا يجب البحث عن بدائل”.
ولربما لخصت هذه العبارات القوية حسب المتتبعين للوضع كل شيء والوضع الحالي بدقة بل وكشفت قوة وصلابة المواقف المغربية التي لن تعتمد مستقبلا على “العاطفة” بل وقد يبحث المغرب على حلفاء مستقبلين يحترمون استقلالية مواقفه وقراراته بعيدا عن أي حسابات أخرى لا تستند إلى أي منطق أو أساس.
يذهب المحللون بعيدا في إسناد الخرجة الإعلامية المغربية في شخص وزير الخارجية بوريطة ويعتبرونها مفهومة إلى حد كبير بعد أن صوب إعلام هذه الدول سهامه نحو المغرب وفي قضايا أولوية بالنسبة للمملكة لم يكن يجرؤ هذا “الإعلام البترولي”، حتى على الكلام فيها من قبل بل وبعد أن فشل مجتمعا أمام الحضور القوي لقناة “الجزيرة”، في قضية مقتل الزميل خاشقجي والتي باتت حديث العالم ودفعت الكون للتساؤل حول وحول…”.
وشدد المحللون أنفسهم أنه في مقابل التسامح المغربي ودفاع المغرب عن مصالحه الاستراتيجية وحدوده واستماتته في الدفاع عن مغربية صحرائه كانت قناة “العربية للبترول”، تبث تقريرا بخبث قل نظيره لتوجيه الضربة تلوى الأخرى للمغرب وغير ذلك من الإساءات المتكررة لبلد كان يقابل الإساءة بالإحسان لدرجة لم يعد الأمر معها ممكنا ومن غرائب الصدف ومكر الأقدار أن هذه “البلطجة” الإعلامية التي تمارس في التعامل مع كل ما يهم المغرب لم تفد هاته الدول في صرف النظر عن مشاكلها وأزماتها الداخلية.