اليازغي لـ”المغربي اليوم”: “الاتحاديون لم يشاركوا في اغتيال عمر بنجلون”
- أثار تصريحكم الأخير بخصوص موافقتكم على العفو عن المتورطين في مقتل عمر بنجلون الكثير من ردود الفعل بل هناك من روج لكونه أغضب عددا من الاتحاديين فما هو تعليقكم؟
– إن حديثي عن العفو عن المتورطين في مقتل عمر بنجلون، جاء في سياقه فهؤلاء الناس كانوا محكومين ومعتقلين في سجن القنيطرة لسنين، فجاء الوقت الذي ارتأى فيه الملك العفو عنهم فاستشارني ككاتب أول للاتحاد الاشتراكي، كما استشار زوجة عمر بنجلون، وأخاه أحمد بنجلون، فوافقنا على ذلك اعتبارا لأن هؤلاء الناس قضوا أكثر من 20 سنة داخل السجن، ولم يخلق هذا الأمر أي جدل سواء داخل الاتحاد الاشتراكي، أو خارجه.
- تتواصل حاليا عملية عودة بعض قيادات تنظيم الشبيبة الإسلامية الذي أثبتت التحقيقات تورط بعض عناصره في مقتل بنجلون فهل أنت ضد هذه العودة؟
– أنا شخصيا لست ضد عودة أحد لكن في ما يتعلق بالأشخاص الذين ثبت تورطهم في قضية عمر بنجلون، فليس لنا أي مانع من عودتهم لوطنهم لكن شرط أن يقدموا أمام العدالة لكي يكشفوا التفاصيل الكاملة للجريمة وخصوصا عبد الكريم مطيع، الذي يجب أن يقدم كل تفاصيل الحادث أمام القاضي.
- هل سيرحب حزب العدالة والتنمية في اعتقادك بعودة قيادات الشبيبة الإسلامية وتحديدا عبد الكريم مطيع؟
– أعتقد ذلك لأن وزير العدل الحالي مصطفى الرميد، يحاول جاهدا حل هذا الملف.
- قبل مدة قال دبلوماسي سابق يدعى الرداد العقباني إن مجموعة من قياديي الاتحاد متورطون في مقتل بنجلون نظرا لاختياره المشروع الثوري فيما كان للقادة الآخرين مشروع مخالف فما هو ردكم؟
– هذا اختلاق وكذب، فالمجرمون الحقيقيون معروفون ومن أعطوا الأوامر بالاغتيال كذلك كما أن المحكمة أجرت بحثا بخصوص المنفذين، وجريمة في حق الاتحاد الاشتراكي، بأن يقول أحد بأن الاتحاديين شاركوا في اغتيال رفيق لهم.
- دخلتم في مرحلة التناوب دون ضمانات دستورية، فهل تعلق الأمر بصفقة سرية عقدتموها فانتهت بكم لإفشال الانتقال الديمقراطي وإيصال الإسلاميين للسلطة اليوم؟
– هذا تحليل خاطئ، لأن الناس ينسون كثيرا التاريخ فالملك الراحل الحسن الثاني، جاء أمام الشعب المغربي وقال هذه البلاد مهددة بالسكتة القلبية فاعتبرنا أن ذلك نقدا ذاتيا كبيرا قام به شخص حكم البلاد لما يقرب من 35 سنة، وهذه هي النقطة الأساسية، أما في ما يتعلق بالمسألة الدستورية فذلك نقاش آخر لأنها طرحت تحديدا عندنا منذ زمن، نحن حزب كان يطالب بالمجلس التأسيسي سنة 1960، وبطبيعة الحال خلال مؤتمر سنة 1975، قرر المؤتمر الاستثنائي للاتحاد اختيار استراتيجية النضال الديمقراطي، فانخرطنا فيها واعتبرنا أنه ليس من الضروري قيام المجلس التأسيسي ولا يمكننا التمسك بشيء لم يتحقق سنة 1962، وفي السنة نفسها قدم الملك الراحل الحسن الثاني، دستورا جديدا، وتم الاستفتاء حوله فيما قاطعناه نحن وقاطعنا أيضا دستور سنة 1970، وكذلك دستور سنة 1972، لكن المشكل الدستوري طرح بعد تصريحات الملك الحسن الثاني، كما طرح المشكل الدستوري أيضا مع صدور مذكرة مشتركة بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، في أكتوبر سنة 1971، والتي حضر فيها المشكل الدستوري بشكل أساسي، وخلال سنة 1992 صدرت مذكرات أخرى للكتلة الديمقراطية التي تأسست في السنة نفسها وبالتالي فرضت القضية الدستورية نفسها كذلك سنة 1992، فحظي المغاربة بدستور متقدم عن ما سبقه من الدساتير ورغم ذلك ولأنه لم يتضمن كل مطالبها امتنعنا عن التصويت على دستور سنة 1992، وأكدنا ذلك من خلال مذكرات أخرى للكتلة سنة 1996، وفي هذه السنة أجري تعديل دستوري سجلنا فيه إيجابيات كبيرة ولأول مرة طالب الاتحاد بالتصويت بنعم على الدستور رغم معارضة بعض الإخوان الذين كانت لهم تحليلات أخرى فنحن اعتبرناه خطوة مهمة خصوصا وأن الملك الراحل الحسن الثاني قام بنقد ذاتي فصادقنا من جهتنا على الدستور واعتبرناه خطوة متقدمة.
في سنة 1997، تصدر حزب الاتحاد الاشتراكي، الانتخابات ولأول مرة كان مجلس النواب حرا في اختيار الرئيس فصوتت الأغلبية على عبد الواحد الراضي، كرئيس له في مقابل امحند العنصر، الذي رشحته الحركة وأحزاب أخرى وطلب الملك الحسن الثاني، من عبد الرحمان اليوسفي، تشكيل حكومة التناوب بعد تجربة سابقة وهي الحوار مع الملك الحسن الثاني في إطار الكتلة الديمقراطية أيام حكومة التناوب سنة 1993 و1994 والتي لم تسر حتى نهايتها بسبب معارضة محمد بوستة، وبنسعيد آيت إيدر، وأنا شخصيا لبقاء إدريس البصري على رأس وزارة الداخلية.
فحكومة التناوب هي المرحلة التي كان خلالها التوافق ومن عاد للتوافق هو الملك الراحل الحسن الثاني، بعد أن غادره لمدة طويلة من حكمه وليس الاتحاد الاشتراكي.
- في اعتقادك ما هي الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها حكومة التناوب؟
– خلال تشكيل حكومة التناوب تراجع الملك الحسن الثاني، عن كون أن الوزير الأول المعين هو من يقترح وزير الخارجية، ووزير العدل، ووزير الأوقاف وأعتبر أنه كان من الواجب أن يسجل الوزير الأول المعين هذا المكسب الذي حصل أثناء الحوار ما بين قيادات الكتلة والحسن الثاني سنة 1994، ويتشبث به إلى جانب نقطة ثانية تحتاج إلى نقاش هي وجود البصري داخل حكومة التناوب.
- استغل الاتحاد الاشتراكي كثيرا ورقة الشرعية التاريخية غير أن هذه الورقة لم تعد رابحة اليوم فما هي الأوراق المتبقية في يد الاتحاد لكي يلعبها؟
– لا يمكن لأي حزب أن ينسلخ عن ماضيه وكيانه بإيجابياته وسلبياته تلك شرعية نضالية استحقها الاتحاد، ولا يمكن له محو تاريخه إرضاء لطرف من الأطراف التي تحاول التحرك اليوم في الساحة السياسية وكون الاتحاد مطالب بالاشتغال بنظرة تجاه المستقبل فهذا شيء مطروح الآن.
فالاتحاد اختار اليوم المعارضة وسيسير فيها على رجلين رجل معارضة للاستبداد، ورجل مساهمة في إدخال المغرب في تدبير الانتقال الديمقراطي الذي مازال يعيشه.
- يقول عبد الإله بنكيران إنه لا يمكنه الاشتغال مع وجود حكومة ظل أو أن يتعايش مع العفاريت والتماسيح فهل هذه مبررات كافية لتعطيل عمل الحكومة؟
– هذا كلام فارغ فلا وجود لحكومة ظل أو غيرها إن دستور سنة 2011، أعطى رئيس الحكومة صلاحيات كثيرة غير أنه لا يعمل بها.
- هل طي حكومة العدالة والتنمية لملف الريع الذي فتحته في الأيام الأولى من ولايتها راجع لاصطدامها بأسماء من العيار الثقيل داخل الدولة كما تردد أم لذلك تفسير آخر؟
– في الحقيقة هم توقفوا لأن محاربة الفساد كانت مجرد شعار، ومحاربة الفساد في الحقيقة لم تُخِف سوى النزهاء، فالناس النزهاء في الإدارة هم من أخافهم هذا الشعار وبالتالي أصبحت الإدارة المغربية جامدة ولم يعد أحد يجرؤ على توقيع أي وثيقة يتحمل فيها المسؤولية ،أما المفسدون الحقيقيون فلم يحاربهم أحد والحكومة الحالية لا تحارب المفسدين فمحاربة الفساد ليست فقط بالإعلان عن اقتصاد الريع كما يجري الآن.
- أصبح ذكر ملفات الفساد المالي مرتبطا في الآونة الأخيرة تحديدا بذكر أسماء قيادات اتحادية عليوة وبنعلو… ألا تشعرك هذه القضية بنوع من الحرج؟
– أنا شخصيا ليس لدي أي مركب نقص، وإذا كان أي شخص متورطا لا بد للعدالة من أن تقول كلمتها في حقه لأن الاتحادي ليست له أية حصانة خاصة ونحن دعاة محاربة الفساد أينما كان الفساد ولو كان في صفوفنا يجب أن نحاربه.
- ما هو سر الجفاء بينك وبين القيادي الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي؟
– علاقتي عادية مع عبد الرحمان اليوسفي، كل ما هناك هو أنه وفي سنة 1993، جرت انتخابات مشتركة وتقدمنا نحن رفقة حزب الاستقلال في الانتخابات المباشرة، والتي سجلنا فيها نتائج إيجابية وواعدة فتدخلت وزارة الداخلية في الانتخابات بطريقة غير مباشرة فحولت النتائج المباشرة عن مسارها فاختار عبد الرحمان اليوسفي، التخلي عن مسؤوليته ككاتب أول وهو الشيء الذي لم أوافق عليه وهذا هو الخلاف ولا وجود لأي شيء آخر، لأنني اعتبرت بأنه لا يمكن أن يحتج رئيس حزب على الدولة بالانسحاب من حزبه، وطرح علينا ساعتها سؤال داخل الحزب هل نستقيل نحن كذلك ونترك الحزب دون قيادة أم نستمر فاخترنا الاستمرارية مع تشبثنا بعبد الرحمان اليوسفي، ككاتب أول.
- لا يمكن الحديث عن حزب العدالة والتنمية دون العودة إلى مراحل التأسيس وإلى شخصية أساسية اسمها عبد الكريم الخطيب ما الذي تختزنه ذاكرتك حول الرجل؟
– الخطيب كان رجلا معروفا بارتباطاته الخارجية مع الحركات التي تسمي نفسها إسلامية وهو طبيب اقترحه علال الفاسي، ليكون من المسؤولين عن المقاومة وتأسيس جيش التحرير، وهو من الناس الذين شاركوا في حل جيش التحرير ليندمج في ما بعد في القوات المسلحة الملكية وهذه أكبر عملية قام بها، ولما قرر ولي العهد الحسن الثاني آنذاك حل جيش التحرير كان الدكتور الخطيب من الساهرين على حل جيش التحرير إذ كان لا يريد أن تكون للمقاومة استقلالها، كما أن حربه على حزب الاستقلال معروفة لأن أغلبية المقاومين كانوا من حزب الاستقلال ومن الطبيعي أن يكون بعد الاستقلال رافد من روافد حزب الاستقلال ومؤثرا فيه وكان من المؤسسين للحركة الشعبية رفقة المحجوبي أحرضان، قبل أن ينفصل عنها ويؤسس سنة 1967 الحركة الشعبية الدستورية التي احتضنت في ما بعد جماعة بنكيران، ليؤسسوا حزب العدالة والتنمية.
- هل معنى ذلك أن الدكتور الخطيب تلقى ضوءا أخضر لمد يده لإخوة بنكيران؟
– ذلك الرجل كان دائما مرتبطا مع الدولة ولم يكن يفعل شيئا دون موافقة الدولة.
- هل يفهم من كلامك أن حزب العدالة والتنمية حزب الدولة؟
– أنا لم أقل هذا أنا أتحدث عن أن الخطيب لم يكن ليحتضن العناصر التي شكلت العدالة والتنمية دون موافقة المرحوم الحسن الثاني رحمه الله.
محمد اليازغي: زعيم اتحادي ووزير أسبق تقلد عدة مناصب