الفنان التشكيلي الحسين جرنا.. لوحاتي تتدفق إبداعا وألواني سر سعادتي
يعتبر الفنان التشكيلي المغربي الحسين جرنا، من الفنانين التشكيليين الذين استطاعوا أن ينالوا ريادتهُم في مجال الفن التشكيلي، عبر صدق موهبته ومؤهلاته الإبداعية المتميزة، حيث استطاع، بجهد ومثابرة متواصلين، أن يجتذب المتلقي للتأمل والتفحص إلى إبداعاته، وتمكن من أن يجسد تجربة خاصة به، كما رسخ معاني وقيم يؤمن بها، فعندما تتأمل لوحاته ستجد نفسك أمام عالم يحاكي الواقع بلغة صادقة ومكشوفة، ورؤى واضحة تمكنك من استيعاب أفكار مواضيع لوحاته بكل بساطة، بل ويساعدك على الغوص عميقا في عالمه الفني، أحب الحسين الرسم والألوان منذ طفولته، ووجد فيها الملاذ الوحيد للتعبير عما يخالج شعوره، وبدأ فيما بعد يتخذ خطواته مسارا واثقا وأصبحت علاقته بالفن علاقة عشق كبير ينمو مع كل لوحة يرسمها، وبعد ذلك فاجأ الجميع بلوحاته التي لاقت نجاحا باهرا.
يميل الفنان الحسين جرنا، إلى التبسيط الأصعب في تكوين اللوحة، فهو يختار عناصره من كل بحر من بحور موروثه الإبداعي، بما يجده مناسبا للفكرة ومكملا، يستقي ألوان لوحاته من محيطه وبما اختزله على مدى سنوات عمره، فكل لون له معنى وذكريات ومكان وزمان، فهو إبن البيئة بكل تفاصيلها حاضرة كانت أو بادية، يجمع في اللوحة أطياف الجمال ويغزلها بمغزل واثق الخطى حينما يدور أو يستدير حول كل جزء جميل تقع عليه عيناه ليلتقط روحه أكثر منه شكلا لا حراك فيه، ليعود به خيطا قويا يشكل منه أجمل إبداعه ويجسده في لوحات تسر الناظرين.
يعتمد الفنان الحسين جرنا، على الرمز في اللوحة وبشكل مدروس لا يأتي اعتباطا أو ثقيلا أو مفروضا على المساحة التي يتربع فيها أي من تلك العناصر، وإنما يحضر مرتاحا مستقرا مكملا مع ما حوله من عناصر، حيث يجمع أطراف اللوحة بعضها ببعض فلا يجد المشاهد نشازا أو نفورا بين الخطوط والألوان أو الكتلة والفراغ، بقدر ما تصبح اللوحة جاذبة ومثيرة للدهشة من أول وهلة، تمنح بعدها المشاهد حق التحليل وتجعله يبحر في نواحيها.
الفنان الحسين جرنا، له هوية فنية خاصة به في عالم الفن التشكيلي المغربي، من خلال تميز أعماله باستخدامه كل ما هو متاح في عالم الفن التشكيلي لإنضاج وإنتاج الفكرة المراد رسمها، فكل لوحة يرسمها لها فكرة خاصة تختلف عن أخرياتها من اللوحات، فبحسبه “إن لكل لوحة مدلولاتها الخاصة ولا تشبه غيرها”، فهو يستخدم في أعماله الألوان الزاهية والتي لها مغزى، حيث يوظفها بطريقة تتلاءم مع الفكرة، وقد يظن البعض أن موهبته جاءت نتيجة دراسة معينة، ولكنها موهبة بل فطرة ربانية نابعة من قلبه ومن الأفكار الموجودة في عقله، وهذه الأفكار هي أصلا موجودة في داخله، وتبين تعلقه الشديد بهذه الموهبة التي فتحت أمامه طريق الإبداع.
اتبع الفنان التشكيلي الحسين جرنا، عنوانا إبداعيا رزينا في أعماله، حيث وظفه برسوماته ويؤدي إلى الإبهار البصري للمتفرج، وتجعله يفك ألغاز محتوى اللوحة الرائعة، كما يختصر لوحاته بالحب وبمكوناته المختلفة، وفق رؤى تميز صفاته، ويقارع بها مزايا الإنسان وعواطفه وهواجسه فهو يعشق كل ما هو جميل.
الحسين جرنا، شق طريقه بثبات في عالم التشكيل، فطبع بصماته الإبداعية المميزة والفريدة من نوعها، واجتاز كل الصعوبات حتى وصل إلى ما يصبو إليه، يشيد بحبه الكبير لفنه، فهو لطالما سعى جاهدا للحفاظ على استمراريته، وذلك من خلال التزامه وقدرته على الإبداع.
يبقى الفنان الحسين جرنا، متمكنا في عمله ومواضيعه، أعماله بمثابة السمفونيات الممزوجة بالهدوء والحكمة، لوحاته قصائد وقصص، شارك بها في معرض كبير بفرنسا ولاقت استحسانا من طرف الزوار والمتتبعين، فنه مركب بالحكمة والشجاعة، لأنه ينجز لنا فنا جميلا، ستظل لوحاته تجسيدا جماليا له خصوصياته، إنها آثار فنان مغربي متألق أمله السفر بلوحاته إلى أبعد مكان من بقاع العالم.