1 ماي 2025

السيناريست رشيد صفـَر : فيلم “زاز” كوميديا ساخرة، تضعنا أمام مرآة الواقع.

السيناريست رشيد صفـَر : فيلم “زاز” كوميديا ساخرة، تضعنا أمام مرآة الواقع.

 

بمناسبة اقتراب عرض الفيلم السينمائي المغربي “زاز” للمخرج يوسف المدخر، كان لنا هذا الحوار مع السيناريست والكوتش الفني رشيد صفـَر، الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار إلى جانب الممثل عبدو الشامي بطل الفيلم.
يتناول الفيلم قصة رجل بسيط، يجد نفسه فجأة تحت أضواء الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار مقطع فيديو ساخر ينتقد فيه أحد البرلمانيين، لتتغير حياته بشكل غير متوقع. يعيش أحداثا مؤثرة حيث يدخل مكرها في صراع مع أقرب الناس إليه ومع المؤثرين كما يتورط أيضا مع عناصر عصابة خطيرة.
الفيلم يجمع بين الكوميديا، والدراما، والتشويق البوليسي، ويطرح أسئلة عن أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الفرد والمجتمع.

كيف جاءت فكرة فيلم “زاز”؟ وما الذي أغراكما أقصد أنت والممثل والسيناريست عبدو الشامي بتحويلها إلى عمل سينمائي طويل؟

الفكرة انطلقت من ملاحظة اجتماعية دقيقة ترتكز على سؤال : ماذا يحدث عندما يصير إنسان بسيط حديثَ الناس بسبب فيديو عفوي؟.
وجدنا أن هذه الظاهرة المنتشرة اليوم تستحق معالجة فنية وسينمائية. كانت الفكرة جذابة لأنها تمزج بين الضحك والسؤال المقلق، وبين الشهرة والهوية.
بالتعاون والتنسيق والاشتغال لمدة طويلة مع عبدو الشامي صاحب الفكرة الأصلية، حين كان زاز هو “الخوار” أيضا كفكرة فيلم، طورنا معا البناء الدرامي والفني بشكل يُبرز التحولات النفسية والاجتماعية التي تطرأ على شخصية “زاز”.

ما هي الصعوبات التي واجهتكما أثناء كتابة سيناريو يجمع بين الكوميديا، والدراما، والتشويق البوليسي؟

الصعوبة الكبرى كانت في تحقيق التوازن مع المصداقية عن طريق السببية واحترام ذكاء المتلقي ومده بفرجة يستحقها وتعبر عن واقعه، فحين تمزج بين أنواع سردية مختلفة، لا بد من هندسة دقيقة كي لا يشعر المشاهد بتشتيت الانتباه، وهذه الملاحظات تظهر على الورق ويمكن معالجتها بالقطع مع لازمة “ضربْ طيَّحْ” أي السرعة في الكتابة وعدم إعطاء الأهمية للسيناريو كأقوى حلقة في الإنتاج السمعي البصري وهذه هي المشكلة الكبرى في المجال ..
اشتغلنا على إعادة الكتابة أكثر من مرة، ودمجنا موضوع الشهرة الرقمية بسوق الإشهار، مع احترام البناء المنطقي لتطور الأحداث، وربط اللحظات الكوميدية بالمواقف الإنسانية، ثم إدخال عنصر الإثارة والمفاجأة، بشكل يخدم الحبكة و لا يُثقلها، مع الحرص على أن تبقى القصة قريبة من الواقع، وتتضمن أحداثا غير متوقعة و رسائل مهمة.

ما الدور الذي لعبته كـ “كوتش” فني إلى جانب دورك في الكتابة؟

الجواب:
في الكوتشينغ ركزت على الجانب النفسي للشخصيات .. خصوصا شخصية “زاز” وزوجته “حليمة”، تحت إدارة المخرج يوسف المدخر الذي لم يدخر جهدا لإنجاح فيلمه … واشتغل برؤية تتناسب مع نوعية الفيلم.
لم يكن الهدف أن يضحك الجمهور فقط، بل أن يشعر بالحالات والانفعالات التي سيعيشها بطلا الفيلم، بين الهشاشة والانفعال، بين البساطة والتمرد. اشتغلنا على الإيماءة والنظرة ونبرة الصوت بدقة، حتى يعبر الممثل عن التوتر الداخلي دون افتعال. الفنان عبدو الشامي كان منسجما بذكاء مع هذا التوجيه، وهذا سر قوة أدائه، والفنانة “سارة دحاني” في دور “حليمة”، كانت مندمجة في ثوب وأبعاد شخصية حليمة زوجة “زاز” وأبانت عن موهبة متميزة، وسيكتشف المشاهد أن كل النجوم والوجوه الشابة، كانوا في المستوى المطلوب من المخرج والعمل السينمائي، لأن من أهم نقاط قوة فيلم زاز أيضا، الكاستينغ الذي اختاره المخرج بدقة وأشرف على ترتيباته من خلال التنسيق مدير الكاستينغ الفنان مراد الصدقاوي.

في زمن تنتشر فيه فيديوهات تافهة وتخلق شهرة لحظية، هل سيحقق “زاز” الشهرة بفيديو من هذا النوع حسب قصة الفيلم !؟

بالعكس في فيلم زاز، الجديد هو انتشار فيديو يتضمن نقذا لاذعا لبرلماني ..
شخصية “زاز” في الفيلم لا تُمثّل نموذج التافه الذي يحصد المشاهدات من السب والقذف والفضائح. الفيديو الذي سيجعله مشهورا هو عتاب ساخر لبرلماني داخل مقهى اسمها “مقهى البرلماني” ويشخصه الفنان القدير “براهيم خاي” بحرفية عالية، وسيظهر “زاز” في مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة فيها صدق وعفوية، مما سيجعله يلامس قلوب الناس حسب قصة الفيلم، وقد حاولنا تقديم نموذج نادر، على الشوشيال ميديا، بمعنى شخص من الهامش، لكنه يُعبّر عن ما يحسه الناس البسطاء، فجاءت الشهرة حسب القصة، من انتقاد برلماني لا من التفاهة، بل من كلمة حق قيلت بطريقة ساخرة. .. هذه مفارقة أساسية أحببنا إبرازها.

يعتمد الفيلم على السخرية، لكن هل سيكون “زاز” في مواجهة مع السلطة. كيف تعالجون هذه العلاقة في الفيلم؟

السخرية هنا ليست هروبا أو تمردا أو فوضى، بل أداة فضح.
“زاز” قال ما شعر به، لا بنيّة التحدي، بل من باب التعبير. لكن هذا التعبير البسيط لن يُقابل برد فعل من أي سلطة.
بالعكس زاز تربطه علاقة ود بشخصية عميد الشرطة الغوتي “الممثل عبد اللطيف شوقي”، الذي يلتقيه في مقهى البرلماني من حين لآخر، ويتبادل معه الحديث في جو من المرح والإحترام .. لكن بعد الشهرة سيكتشف “العميد الغوتي” أن “زاز” متورط مع عصابة خطيرة، ما سيجعله يصاب بالصدمة، إذ لن يتقبل أن يكون “زاز” من صنف المجرمين، إذ سيخيب ظنه وحدسه في الحكم على نقاء سيرة “زاز”، ويحس وكأنه تعرض للخيانة والغدر، لكن القصة ستظهر مفاجآت أخرى.. أتركها لكي يكتشفها المشاهدون خلال العرض.

ما الذي سيقدمه فيلم “زاز” للجمهور المغربي ؟

كما قال مدير تصوير فيلم “زاز” “حميدة بلغربي”، باللغة الفرنسية عند نهاية التصوير la rigolade أي الضحك، حيث كان خلال التصوير يبدي إعجابه بالقصة وطريقة تمثيل نجوم الفيلم والوجوه الشابة التي شاركت فيه.
بالنسبة لنا فيلم “زاز” يُقدم فرجة سينمائية ساخرة بنفس درامي وعناصر التشويق البوليسي، نعم، لكنه أيضا يطرح أسئلة .. فيلم فيه ضحك، وفيه لحظات صمت. فيه خفة، وفيه ثقل الواقع. هو تجربة سينمائية تنتمي لزمننا .. زمن منصات التواصل، زمن الانتشار السريع، زمن الضحك الذي قد ينقلب إلى مأساة. الفيلم يخاطب الشباب والعائلات، وأيضا من يبحثون عن عمق في القصة وجودة في الأداء ضمن كوميديا ساخرة، تضعنا أمام مرآة الواقع وتفكك العلاقات الإنسانية بسبب الشهرة .. والسعي وراء الربح المادي وعدم إعطاء الأهمية لقيم المجتمع في زمن التطور التكنولوجي.
“زاز” بكل بساطة بعيدة عن الوصف القدحي يجيب عن سؤال :
ماذا سيحدث لك .. إذا وجدت نفسك بين ليلة وضحاها حديث مواقع التواصل الاجتماعي، وحققت شهرة لم تكن مستعدا لها اجتماعيا ونفسيا !؟.

متى سيتم عرض الفيلم بقاعات السينما !؟

الفيلم في مرحلة التوضيب والمخرج يوسف المدخر، يقف على هذه العملية بشكل يومي، ومن المنتظر أن تنظم شركة الإنتاج ندوة صحفية في الأيام القليلة القادمة، للإعلان عن موعد العرض ما قبل الأول وتاريخ بداية العروض الموالية، لهذا التقليد المتعارف عليه في إصدار وتوزيع الأفلام السينمائية على القاعات، لتقريبها من الجمهور العاشق للفن السابع.