3 نونبر 2024

“التنمية القروية بجبال الأطلس والحوز، أية مقاربات من أجل تنمية مستدامة؟”.. محور لقاء بمراكش

“التنمية القروية بجبال الأطلس والحوز، أية مقاربات من أجل تنمية مستدامة؟”.. محور لقاء بمراكش




“من أجل فعالية واستدامة تدخلات إعادة الإعمار”
سبق للسوسيولوجي المغربي بول باسكون أن أشار، منذ ستينيات القرن الماضي، إلى أن الناس في المناطق
الجبلية كانوا: “يعيشون متروكين لحالهم، وكأنهم في إناء مغلق، تحيط بهم الإدارة الاستعمارية وكأنها تحتفظ
بهم في متحف. لم يكن لديهم الحق في التغير. والواقع أن هذه المشكلة لازالت مطروحة إلى اليوم”. وقد
تبين، مع زلزال 8 شتنبر، أن هذا الأمر لازال قائما، حيث لوحظ مدى التأخر الحاصل في هذه المناطق،
ومدى غياب شروط العيش الكريم فيها، على الرغم من المشاريع التنموية التي استهدفت المنطقة، وتواليها
منذ عقود.
وإذا كان هذا هو واقع الحال، فإن الدولة، عبر تعليمات مستعجلة لعاهل البلاد ورئيس الدولة، قد قررت
إعادة إعمار المناطق المتضررة مع التوصية بالحفاظ على خصوصيات المنطقة ومعماره”. وقد صار
البعض يتحدث بهذه المناسبة عن القرى النموذجية باعتبارها حلا لمعضلة إعادة الإعمار، باعتبار أن القرى
المقترحة هذه ستشتمل على البنيات التحتية الأساسية، من خدمات قرب ومستوصفات ومدارس ومرافق
إدارية وعمومية أخرى مثل الطرق المعبدة، الخ؛ وإن كان البعض الآخر يشير إلى أهمية مراعاة خصوصية
طبيعة المعمار المحلي، ومسألة المحافظة على الهوية الترابية للمنطقة وتمسك الساكنة بمواقعها ومواضع
دواويرها حفاظا على ملكية أراضيها وموروثها المادي واللامادي. وهي كلها وجهات نظر تقتضي نقاشا
علميا في فضاء عمومي، وتداول هادئ وعميق يستند إلى وتبادل التحليلات، في أفق البحث عن مخرجات
من شأنها تحقيق التنمية المجالية المحلية التي تحترم الكرامة البشرية.
في هذا الإطار، وتفاعلا مع واقعة الجمعة 8 شتنبر، التي دكت دواوير بأسرها من المجالات القروية المحيطة
بالأطلس والحوز، وهدت أوضاعا اقتصادية واجتماعية كان استقرار أحوالها يخفي هشاشة فظيعة، وما

استدعاه حال الزلزال من تدخلات تدرجت من العفوي إلى المنظم، ومن المحلي إلى الوطني والدولي، وما
أبانت عنه من حاجة إلى مساهمات وتدخلات تطال الاستجابة للحاجيات اليومية، من ملبس ومأكل ومشرب
وتطبيب وإيواء، ومن تدخلات مستعجلة وقريبة المدى، إلى تدخلات ذات مدى أبعد وأعمق، تشمل البنيات
والتجهيزات والموارد والتنظيمات والمؤسسات، الديموغرافية منها والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية
والثقافية وغيرها، بما تحتاجه من تأمل عميق ومن تدبر حكيم لآثار وانعكاسات هذه الواقعة المزلزلة.. فقد
ارتأت اللجنة المنظمة تنظيم لقاء أولي يجمع ثلة من الباحثات والباحثين المشتغلين بالعلوم الاجتماعية
ودعوتها للانخراط، من موقع اختصاصها، في هذه الدينامية الوطنية الكبرى، المحفورة في جيولوجيا
الأطلس والحوز وفي ذاكرة الشعب المغربي على السواء، من أجل تقديم ما يمكن أن تساهم به العلوم
الاجتماعية، وعلوم التنمية ككل، في إعادة الإعمار وفي تطوير مقومات العيش بالمناطق المتضررة، بما
يعود بالنفع على الصعيدين المحلي والوطني.
ويهدف هذا اللقاء التحضيري إلى تعميق النظر في هذه الأرضية، وإنضاج طبيعة المساهمة المنتظرة من
المشتغلين بالعلوم الاجتماعية المقترح دعوتهم ن للقاء الموالي، تفاعلا مع هذه الظرفية الطارئة، كما يهدف
إلى العمل على اقتراح وتحديد محاور التفكير المطلوب من المشاركات والمشاركين المحتملين تحضير
أوراق علمية بخصوصها.
فمن جهة، وبما حققته العلوم الاجتماعية من تراكم فيما يتصل بتدبير وضعيات الأزمة والكوارث الطبيعية،
وبما أسهمت فيه من كشف لضعف التدخلات التقنية، التي كثيرا ما لا تأخذ بالاعتبار الخصائص الطبيعية
والاقتصادية والتاريخية والاجتماعية والثقافية للمجالات المعنية بالتدخل في تكاملها وتفاعلها، فإننا ننتظر
أن تساهم بعض الأوراق في تقديم خلاصات أهم الدراسات والتقارير والتجارب في هذا الباب، واستخلاص
ما يمكن أن يشكل أرضية موجهة للتفكير في الحالة المغربية هذه، من مدخل العلوم الاجتماعية.
ومن جهة أخرى، وبما أن التدخلات المنتظرة في المجالات القروية المتضررة ومحيطها، لن تتعامل مع
المجال فحسب، بل ستتعامل أساسا مع الإنسان، في توليفته المجالية الحية، التي ينصهر فيها الطبيعي
والديموغرافي والاقتصادي، بالتاريخي والاجتماعي والثقافي.. فإنه ينتظر من المائدة المستديرة أن تقدم
تعريفا إجماليا بهذه التوليفة من الخصائص المميزة للمجالات المتضررة، مع التعريف أساسا بمشاريع التنمية
المقترحة أو المبرمجة لها، ما تم إنجازه منها وما لم ينجز، وما فشل منها، وما نجح بهذه الدرجة أو تلك..
بحيث سيسمح هذا الجانب بالتعريف بالدراسات والأبحاث المنتسبة إلى العلوم الاجتماعية، والمشاريع
المتعلقة بالمناطق المتضررة، بطريقة تركيبية طبعا، بما يفيد الهدف من اللقاء، ألا وهو إنضاج التفكير في
كيفية إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة، تمهيدا للحديث عن المحور الموالي من أرضية هذا اللقاء،

والتي ينبغي أن تتجه رأسا نحو جوهر الموضوع، والذي يمكن للأسئلة التالية أن تشكل عناصر أساسية
للتفكير فيه:
 كيف يمكن التعامل مع حالة ما بعد الزلزال، وكذا الدعوة الرسمية للدولة المغربية من أجل إعادة
الإعمار، باعتماد تصور أكثر استجابة للحاجيات المحلية، ولكن كذلك أكثر انسجاما مع متطلبات
العصر ومعايير التنمية الدولية؟
 ألا يمكن تبني منهجية تجريبية مبنية على خبرة في إنشاء قرى نموذجية جديدة بمواقع أنسب وأسهل
للولوج، وبتدابير ومشاريع اقتصادية جديدة ومتطورة، قابلة للتطوير والتعميم على مناطق قروية
أخرى. بصيغ أخرى، هل يمكن التأسيس لتجربة مغربية أصيلة في تنمية المجالات القروية؟
 كيف يمكن تطوير مخرجات الحوار الوطني المنظم السنة الفارطة حول الإسكان والتعمير، أو إعداد
التراب، بما يأخذ بالاعتبار مستجدات هذه الواقعة المزلزلة للأرض والسكان والمشاعر، والتي
تحتاج إلى ترميم دقيق وتدبير حكيم. ألا يمكن الاستفادة من التجارب الدولية في هذا الشأن؟
وغير بعيد عن هذا السياق وانتظاراته، فإن متخصصي العلوم الاجتماعية يمكنهم أن يلعبوا دورا هاما في
تأطير وإدارة المخاطر والكوارث والأزمات من خلال توفير منظور اجتماعي للمساهمة، علميا وعمليا، في
العديد من الجوانب المهمة للكارثة والتأهب من أجل الاستجابة لها، وذلك من حيث:
تحليل معطيات الهشاشة الاجتماعية، عبر تحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل المحرومين اقتصاديا،
والسكان المهمشين، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة، وما إلى ذلك. ويسمح هذا الفهم باقتراح تدخلات
محددة للحد من الفوارق ومساعدة الفئات السكانية الأكثر ضعفا، والنظر في طبيعة المعمار والإعمار
اللائقين.
دراسة وتوجيه السلوك المتصل بحالات الأزمات، من خلال رصد الممارسات الناجمة عن حالات الأزمات،
بما في ذلك كيفية استجابة الناس للزلزال والكوارث، وكيفية اتخاذهم القرارات في أوقات الخطر، وكيفية
إعادة بناء الروابط الاجتماعية أثناء وقوع الكارثة، وغير ذلك مما يمكن أن يساعد على تصميم قواعد سلوك
وتنظيم فعالة وتحسين مهارات وآليات الاستعداد والاستجابة، والمشاركة الجماعية communautaire
في التخطيط للأنشطة المحلية للتقليل من مخاطر الزلازل وآثار الكوارث.
بالإضافة إلى أهمية هذه الاختصاصات في تتبع وتقييم طبيعة استجابات وتدخلات المؤسسات الحكومية
وغير الحكومية، بما يطور التنظيم، والآليات، وتنسيق الأدوار والمهام، الخ.

فضلا عن أهمية متابعة وتحليل أدوار مواقع التواصل الاجتماعي، بما لها من آثار متباينة، وأحيانا خطيرة،
وعلى الأخص أثناء الكوارث.
إن إدماج منظور العلوم الاجتماعية في التخطيط وإدارة المخاطر، لا شك وأنه يساعد المقررين على فهم
أفضل للديناميات الاجتماعية اللاحقة على محطة الزلزال، وحسن تدبير العوامل التي تؤثر على المجتمعات
المحلية في التعامل مع أوضاع ما بعد الزلزال.
نأمل من وراء تنظيم هذه المائدة المستديرة، إلى مساهمة الباحثات والباحثين المشتغلين بالعلوم الاجتماعية،
في هذا النقاش العمومي والأكاديمي.
المحاور:
المحور الأول: التعمير بالمناطق المتضررة وسؤال الإعمار
المحور الثاني: تجارب ومقاربات وطنية في تنمية المجالات القروية
المحور الثالث: تجارب ومقارنات دولية في تدبير الأبعاد الاجتماعية للكوارث الطبيعية
تنسيق: إدريس أبتلحو و عمار حمداش
اللجنة المنظمة
يوسف امعيلات
خديجة براضي
مصطفى المانوزي
سعيد بلعضيش
مولاي عبد الله بلغيتي
محمد الويز
من أجل المشاركة في المائدة المستديرة، يرجى الاتصال باللجنة المنظمة على العنوان الالكتروني التالي:
من أجل تأكيد الحضور: haouzatlass@gmail.com.

برنامج اللقاء

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *