البدوزة… جنة الله في أرضه بقلب إقليم آسفي… لمسة بسيطة كافية لصيانة الجمال
في منتصف الطريق الرابطة بين مدينتي الوالدية و آسفي، تقع جوهرة خامة و تحفة طبيعية خلابة تدعى “البدوزة” أو “الكاب”، بشاطئها الممتد على طول 10 كلم و ضيعاتها الخضراء، تسحر هذه الجماعة الترابية كل من يكتشفها لأول مرة و يعجب بطيبوبة سكانها و عفويتهم التي قل نظيرها. فهي تخفي على من يجهل تاريخها القديم و المعاصر منارة تبهر بمعمارها و هندستها الفريدة و التي تعد إحدى أربع منارات المملكة أو مغارة الكرعان التي تحوي آثارا لا مثيل لها. هي منطقة ساحلية و فلاحية بامتياز، ضخمة بمواردها الطبيعية، آمنة و باعثة على الطمأنينة، لكنها تفتقر في الآن ذاته إلى الموارد المالية و المداخيل الجماعية و إلى ميناء صيد رغم ثرواتها البحرية الواسعة.
هنا اﻷمن و اﻷمان، هنا السكون و الهدوء، و هنا مظاهر العيش البسيط، و لكن هذا الأمن و اﻷمان هما نتيجة تضافر جهود السلطة المحلية و الدرك الملكي و القوات المساعدة و أعوان السلطة. أما اﻷمان الناتج عن خلو المنطقة من أي إصابات بفيروس كورونا المستجد فهو حصيلة وعي و حذر رئيس الجماعة السيد فيصل الزرهوني الذي سعي منذ البداية إلى توزيع أكثر من 5000 كمامة و كذا وسائل و أدوات التعقيم على الساكنة و المصالح الخارجية و الإدارات. و يؤكد السيد الزرهوني أن مساعدات المحسنين تم توزيعها بمعية السلطة المحلية التي لعبت دورا هاما في مراقبة الدخيلين على الجماعة من سكان بعض المدن كمراكش و الدار البيضاء التي عرفت حالات إصابات بالفيروس مرتفعة.
لا يمضي المرء الكثير من الوقت بالبدوزة قبل أن يفطن إلى افتقارها الشديد إلى ميناء صيد يجلب الصيادين و يخلق رواجا اقتصاديا و أنشطة موازية و يجلب كذلك المستثمرين و البنوك و أصحاب المشاريع السياحية الباحثين عن منتوج سياحي استثنائي بجميع المقاييس و المعايير و عن الربح المضمون.
و عندما طرحنا اﻷمر على رئيس الجماعة، كان جوابه عبارة عن علامة استفهام ينتظر من خلالها هو أيضا إجابة شافية. ” منذ 2007 و نحن ننتظر أن يخرج مشروع ميناء الصيد للوجود كما لو كنا ننتظر حدوث معجزة. فقد تمت برمجة المشروع من طرف وزارة التجهيز بشراكة مع وزارة الفلاحة و الصيد البحري، كما تم رصد ميزانيته و التي تقدر ب 280 مليون درهم، ومنذ ذلك الحين و نحن ننتظر الفرج”. تصريح السيد الزرهوني هذا يؤكد استياء و قلة حيلة هذا المنتخب لتسيير شؤون الجماعة، فهو لا يرى حرجا في القول بأن لولا السيد عامل إقليم آسفي و مسؤولي وزارة الداخلية لما استطاع حتى توفير ميزانية التسيير بالنظر إلى شح موارد الجماعة.
الاستياء يبلغ أقصاه حينما نعلم أن الطريق الجهوية 301 التي لا غنى عنها للوصول إلى البدوزة في حالة مزرية، ضيقة و غير مستوية و تبعث على الخوف لكل من يستعملها و كأنما لو كانت مندوبية وزارة التجهيز تحاول بالتهاون في إصلاحها و توسيعها إجهاض كل محاولة للتعريف بالمنطقة و بمؤهلاتها و كذا لاستقطاب المستثمرين من كل حدب.
مقابل هذا التهميش النسبي الذي يطال البدوزة يطل علينا بصيص أمل يحييه مشروع إنشاء قنوات الصرف الصحي الذي يظل وقف التنفيذ منذ ظهور وباء كورونا. “هذا المشروع هو اﻷمل بالنسبة للبدوزة و ساكنتها فهو سيمكن من الحد من تلوث الآبار و الفرشة المائية بصفة عامة، و هو ما يشكل تهديدا للماء الصالح للشرب و ماء السقي. و كما لا يخفى على الجميع، فإنجاز هذا المشروع سيساهم في جلب الاستثمارات إلى منطقتنا و يوفر بالتالي إلى جانب مشروع ميناء الصيد الذي نتمنى أن يخرج للوجود في أقرب مناسبة، في توفير فرص شغل عديدة علما بأن المنطقة تزخر باليد العاملة المؤهلة”، يوضح السيد الزرهوني.
بميزانية تناهز 23 مليون درهم ساهمت فيها جهات متعددة و عامل إقليم آسفي، فجميع الدراسات المتعلقة بهذا المشروع قد استوفيت. الكل يترقب هنا طلب العروض لبدء العمل مع العلم أن الوكالة المستقلة للماء بآسفي هي من تشرف على إنجازه.
السحر و الجمال وحدهما لا يكفيان…
البدوزة في حاجة ماسة و ملحة لالتفاتة الدولة لإبراز خصائصها الطبيعية من جهة و استقطاب اﻹستثمار بتجهيزها ميناء صيد و بتوسيع و تجويد الطرق المؤدية إليها و الرابطة بينها و بين مدن الجهة المجاورة لها. كما أن كل المعطيات متوفرة لبناء مخيم دولي يزيد من إشعاعها المحلي و الدولي و لخلق فرص تثمين و تصدير الطماطم و المنتوجات الفلاحية ذات الجودة العالية التي تشتهر بها المنطقة.
مغارة الكرعان
إن التعاون الجلي بين المنتخبين و السلطة المحلية من شأنه أن يطمئن كل مستثمر يبحث عن استثمار مربح و عن الأمن الضروري لإنجاح مشاريعه الاستثمارية. أما دور الدولة فيبقى رئيسيا لتحقيق هذا المبتغى. فمن يسعى لتعطيل تنمية هذه الجوهرة ؟