الأعمال التلفزيونية بالمغرب نمطية المواضيع و إكراهات الاشتغال
محمد أمين سكيني*
حين أتابع بعض الأعمال التلفزيونية المغربية الجديدة صدفة أو فضولا سواء على التلفزة الوطنية أو قنوات أخرى أجد نفسي أمام صورة نمطية من ثقافة تلفزيونية أكل عليها الدهر و شرب أعمال لا تبث بالاحترافية بشيء لا من حيث الصورة و الصوت و لا من حيث القصة و المواضيع التي تعالجها ولا من حيث اختيار أو احترافية المشخصين.
حيث لا زال المخرج المغربي متشبت بالقصص المهترئة التي تطرقت لها أعمال و مسلسلات الشاشة المصرية منذ الثمانينيات من القرن الماضي ( الفقير يحب بنت الغني و الذي سيصبح غنيا صدفة لأن أباه هو صاحب الشركة الفعلي ) مع العلم أن الصناعة التلفزيونية المصرية لا يمكن مضاهاتها في الاحترافية سواء على مستوى إدارة الممثلين أو حبكة القصة أو من خلال الأمور التقنية كجودة الصوت و كذلك اختيار الصورة كما تطور الأعمال المصرية لا يمكن مجارتها من حيث الصناعة السنمائية و اختيار المواضيع التي تجاوزت القصص الثقليدية و أصبحت تنافس هوليود في القصص الخيالية و القصص المركبة و المعقدة التي تحمل مستويات عالية من التشويق و الإثارة ( مسلسلات science fiction مثلا ) .
لكن هذا لا يمكن تعميمه على جميع المخرجين المغاربة و خصوصا الذين لم تعطى لهم الفرصة بحكم ( باك صاحبي … ) و ما إلى ذلك. كما أن التطرق لبعض المواضيع الحساسة قد تضع العمل في طي رفوف بعض أروقة شركات الانتاج ( حيث مابغين صداع مع حد ) و في رأيي المتواضع كمشاهد مولوع بالسينما و المسرح أن هذا هو المشكل الكبير الذي يكبح مخيلة الكتاب المغاربة (حرية الكتابة و حرية الصورة) فالكاتب ملزم أن يصور جمبع القطاعات الحكومية منها و غير حكومية في أبهى صورة فإن لم يفعل فسيجد فريق هذا العمل نفسه أمام وابلا من الانتقادات و الشيكايات تصل بعضها إلى مكاتب وكلاء الملك بمحاكم المملكة.
كما أن التراخيص للتصوير لا تستفيد من جميع الأماكن العمومية و كذلك من بعض الإدارات الوطنية، مما يجعل بعض الأعمال تفتقر إلى الواقعية لإنها تصور في الاستيودوهات تحاكي هذه المباني الحكومية أو الخاصة.
ألم يحن الوقت لفتح الباب أمام حرية التلفزيون على غرار السينما ؟ ألم يحن الوقت لإعطاء فرصة لمعالجة مواضيع واقعية حساسة تحاكي الحياة الحقيقية للمواطن كيفما كان دوره في المجتمع أو الوظيفة التي يشغلها ؟
للإشارة لقد أصبح التلفزيون البديل ( يوتوب _ فيسبوك ) أكثر واقعية و يطرح مواضيع جريئة جدا رغم الوسائل و التقنيات التصويرية المحتشمة المستعملة في هذه الأعمال
كما هناك شباب أبدعوا في جذب انتباه المشاهد المغربي في حبك قصص خيالية بسيطة مثل ما يقوم به المخرج الشاب ( سهيل حداد ) بتقنيات جد جد متواضعة. هذه الطاقات الشابة يجب استثمارها بشكل جيد و إعطائهم الفرصة و كذلك الحرية في الإبداع.
مع العلم أن المشاهد المغربي لم يعد متفرج بسيط، هاو، خاضع، فاحتكاكه المتواصل بالأعمال الأجنبية العالمية جعله يضع الأعمال المغربية في موضع المقارنة و بالتالي يجد أمامه الفرق الكبير و السنوات الضوئية التي تفصل الصناعة التلفزيونية المغربية بالصناعة العالمية.
*باحث في علم الاجتماع