اعتقال الزميلة هاجر الريسوني… قراءة في ما حدث تغليبا لكفة المنطق على العاطفة
مازالت التداعيات وردود الأفعال حول اعتقال الزميلة هاجر الريسوني، بتهم علمها الجميع تتوالى، لدرجة خلقت رأيين في الشارع ووسط الفضاء الأزرق وباقي وسائط التواصل الاجتماعي، فريق يدافع عن هاجر، ويرى في اعتقالها تصفية حسابات، والثاني يرى أن اعتقالها لا يقرأ منه سوى أن الإسلاميين في المغرب يذوقون من نفس كأس التشهير والتهجم على الحياة الفردية وسوابقهم العديدة في هذا الباب.
يرى عدد من المتتبعين لملف اعتقال الزميلة وأنا واحد منهم بأنه يجب تأطير النقاش والجدل الدائر بهذا الخصوص دون الميل لطرف على حساب الآخر، لأن مهمة الصحافي هو أخذ مسافة من الجميع ولو كان المعتقل صحافيا أو صحافية في قضية حسب ما ظهر من معالمها الأولى ودون الاحتكام للعاطفة بأنها ذات طبيعة غير صحافية، ولا تجمعها أية رابطة بمتابعة ذات علاقة وثيقة بطبيعة المهنة أي الصحافة وهنا يجب التسطير على مسألة أساسية ولو أنها قد تغضب العديدين فالصحافي أو الصحافية لا يظل يحمل هاته القبعة طيلة الأربعة والعشرين ساعة من اليوم فقد يكون صحافيا لبضع ساعات بسبب طبيعة العمل ويتحول لكائن آخر قد يرتكب جرائم في حق نفسه قبل الغير في أوقات أخرى وهذه كلمة وجب قولها حتى لا يظن المجتمع أننا نشكل قوى خارج القانون والمساءلة أو نتمتع بامتيازات فوق الجميع.
ويضيف المتتبعون أن من يحاول خلط الأوراق اليوم وتسفيه كل شيء وإلصاق أية قضية بحرية الصحافة لن يجني شيئا لأن الصحافيين لطالما التفوا حول القضايا العادلة ولاشيء غيرها ولطالما خرجوا بالمئات ونظموا عشرات الوقفات في العديد من القضايا التي لم يختلف أحد حولها وحول عدالتها وكونها بالفعل تمس في الجوهر قضايا الصحافة وحرية التعبير أما أن يتم استغلال حرية الصحافة والتجني عليها لأغراض غير صحافية لأمر يسيء ل”القضية” المدافع عنها أكثر مما يخدمها.
واعتبر المتتبعون بأن هناك عدة نقاطا يجب التسطير عليها في قضية الزميلة حتى يبقى النقاش في سياقه، أولها أن لا أحدا يمكن أن يقبل التشهير نهائيا بهاجر الريسوني سواء أكان صحافيا أو غيره على اعتبار أن أي واحد يمكنه أن يكون في مقامها ووضعها الحالي، لكن يجب كذلك على كل من يدافع عنها بحماس خاصة حزب العدالة والتنمية وأنصاره أن يلجو البيوت من أبوابها لا من النوافذ، وأن يتم تقعيد النقاش ويتبنوا وهم يقودون الحكومة هم الدفاع عن العلاقات الرضائية والحريات الجنسية والترافع لصالح الحريات الفردية والحق في الإجهاض تماما كما يفعل شق من اليسار الذي يبقى منسجما مع ذاته في هكذا حالات، لكن أن يتم عبور الحائط القصير للإساءة للمغرب ولوجه المغرب والبلد بشكل عام خصوصا ونحن محط متابعة دولية دقيقة وبإسم حرية الصحافة فذلك أمر غير مقبول وغير مستساغ، وكأننا في بلد بات شغله الشاغل هو انتظار زلات الصحافيين ورصد همساتهم واستغلال الفرص للزج بهم في السجون.
وواصل المتتبعون قولهم بأن على من يروج لخطاب المظلومية هذا وبإسم “حرية الصحافة” أن يقوم من مقامه ويقول صراحة من حق السيدة هاجر أن تقوم بعلاقة غير شرعية أو رضائية وتمارس الجنس مع خطيبها أو أي أحد تختاره بزواج أو دونه لكونها لم تصبر ولم تنتظر إتمام الزواج لممارسة العلاقة الكاملة كما هو حال أبناء وبنات الشعب المغربي ممن لم يطيقوا صبرا فحاكتموهم بإسم الدين بل ووقفتم سدا منيعا وفي كل محطة ضد الإجهاض وضد الحريات الفردية… بل وهددتم بقتل المخالفين ووصفتموهم بالملحدين وحاربتم العلمانية وجلدتم من خلال القول كل مخالف ولو تأتى لكم فعل ما هو أكثر لفعلتم وليس معنى أن من يتبنى هكذا طرح ويجركم لهذا النقاش هو بوق لجهة معينة.
وتوقف المتتبعون أيضا عند الحديث عن السكيزوفرينيا والنفاق الحاصل عند جزء من إعلامنا اليوم خصوصا المقرب من حزب العدالة والتنمية بل وإعلام توفيق بوعشرين تحديدا حد وصفه بالنفاق غير المفهوم فكلما ثبت تورط أي منتم لهذا المشروع إلا وطفى أو توماتيكيا على السطح مشكل حرية الصحافة وكان المغاربة ليتعاطفوا معكم أكثر لو جعلتموها معارك كبرى وحقيقة حول الحريات الفردية والمعتقد…. لكن والأمر أنه كلما “سقط” منكم رجل أو إمرأة تقفزون على أصل المتابعة لتحويل مجرى النقاش يدعو للقول بأن هناك خللا فيكم وبلا شك ففي حادث المنصورية الشهير قلتم أن الأمر ملفق وأنها لم تساعده على القذف بل وتحولتم فيما بعد للدفاع عنهما بدعوى الحرية وفي كل مرة تجدون “التخريجة” من مشكل سياسي إلى حرية الصحافة بل وحتى في واقعة ماء العينين الشهيرة كنتم أول من كذب وشكك في الصور ولم ترضوا قول الحقيقة حتى بعد اعتراف المعنية بالأمر ولا ينسى التاريخ كيف قدتم حملة تشهير في حق زميلات لكن في ملف توفيق بوعشرين ووجهتن لهم أقدح النعوث ووصفتموهن بأقبح الأوصاف من عاهرات وسحاقيات… دون أن يرف لكم جفن فهل التشهير مباح لكم وحرام على من اختار اتجاها آخر؟ تصرون أن تبقوا ملائكة في جميع الأحوال وتحاكمون المخالف الذي يجهر برأي لم تجتمعوا حوله.
وذهب المتتبعون بعيدا حد القول نحن ضد هذه القوانين فلتخرجوا بدوركم للقول بلا ومناهضتها بوضوح ودون التفاف عوض الاختباء وراء حرية الصحافة وغيرها من الشعارات الرنانة لكي تهربوا من النقاش الحقيقي وتتفادوا رفع شعارات استراتيجيات تطالب بإبطال مفعول هاته القوانين بل ولطالما تحالفتم مع المخزن الذي تشتكون منه اليوم لجلد والانتقام من مخالفيكم ومن باب التذكير ليس إلا ورغم أنكم تتحايلون على ذاكرة المغاربة فلا بأس من القول واستعادة المعارك التي قادتها بسيمة الحقاوي على الدكتور الشرايبي في موضوع الإجهاض حين كان الموضوع يحتل دائرة النقاش في المغرب بل وصل حد مطالبتها بالقيام باستفتاء حول الموضوع رغم علمها بالتكلفة المادية لهكذا خطوة لكي من جانبها بورقة الدين وتقول للمغاربة هذه دولة “ملحدة” تريد إخراجكم عن دين أجدادكم إذن لا مجال لكي تكذبوا على المغاربة ادخلوا البيوت من أبوابها لا من نوافذها عوض الكذب على المغاربة بإسم حرية الصحافة وتعترفوا بأنكم أناس كباقي الناس تصيبون وتخطئون وبعدها لكل حادث حديث.